جريمة مؤنثة... دفنت ثمار عشقهما الممنوع في الحظيرة

جريمة مؤنثة... دفنت ثمار عشقهما الممنوع في الحظيرة
رضا حمد الله
فشلت في الزواج مرتين رغم أن عمرها لا يتجاوز الخمسة وعشرين. الأول أحبته خلسة من أهلها، ولم تعاشره إلا شهرين. زواجهما لم يدم ولم يكن بنفس حماس العشق من أول نظرة. طلقها لأنه لا يطيق امرأة لا تلبي كل حاجياته الجنسية، يراها حرثا له يحرثها من أين ومتى وكيفما شاء.
أما الثاني فهجرها بعد 5 سنوات عشرة غاب فيها الانسجام والتناغم بينهما. لم تهتدي لحيث اختفى، فطلبت التطليق.
قضت نصف سنة مطلقة وسط الدوار تلتهم سمعتها ألسنة سكانه. المطلقة منبوذة وسطهم ولو لم تفعل ما يخالف الشرع والقانون، هم هكذا وعلى كذا عادة تعودوا لا يريدون مطلقة بينهم ولو كانت أشرف من بناتهم.
ينبذونها وكل عيون الشباب بينهم على جسدها تكاد تفتك به بنظراتها المشتهية، يقرؤون تفاصيله كلما مرت بجانبهم خارطة قوامها، فيتلذوذ خلسة بمفاتن الجسد يتمنون لو يكن لقمة سائغة يلتهمونها كما تلتهم الذئاب الفريسة. هي فريسة في عيونهم وأحلامهم و"جيفة" على ألسنتهم.
مرت الأيام رتيبة عليها إلى أن تقدم كهل لخطبتها. هو في الستينات من عمره، وهي ما تزال في ريعان الشباب تحتاج من تعيش معه كل الحياة، لا أن تتعايش مع أمراض من تعاشره. الخطيب الكهل جرب الزواج خمس مرات، ماتت ثلاث من زوجاته وطلق اثنين، وحصيلة زواجه 13 ابنا وابنة.
حقا لم ترزق بذرية في زواجيها الفاشلين، لكنها قد لا تحلم بها معه. هناك تنافر ولا تكافؤ بينهما، فكيف سيعيشان ويتعايشان تحت سقف واحد؟. سؤال أرقها البحث عن جواب له يقنعها بقبول عرضه.
لكن الاختيار لم يكن بيدها. الأسرة من تقرر، أما هي فلا عليها إلا القبول ولو على مضض. اختارت الأول واختاروا لها الثاني، ففشلت في زواجيها، ويختارون لها الثالث ولا تعلم نهاية مسلسل لعبت بطولة حلقاته دون رضاها.
لم تكن مخيرة أن تقبل أو ترفض. الأسرة قررت في غيابها، أن تكون له، فالمطلقة يجب أن تستر درء لكلام الناس، ولو بإيزار قد لا يحجب عن جسدها الأطماع. على مضض قبلت وزفت إليه في تلك القرية التي لم تكن لها معرفة بأسرارها. وقضيا سنتين يجمعها سرير بلا دفء ولا حميمية.
دورها لم يكن غير الطهي ومساعدة العائلة في العمل الفلاحي. لا شيء مما بين الأزواج في علاقتها بزوج كهل اختاره لها أهلها. لم يمس جسدها منذ زفت إليه رغم محاولاتها إغراءه وتحريك مشاعره لعل شعوره يتحرك. شتان بين جسد منطلق إلى الحياة، وآخر شبع منها.
صمدت وكبحت طويلا متطلبات جسدها، فهي زوجة مع وقف التنفيذ. لم تنسق مع إغراءات شباب الدوار ولم تقبل بخيانته، وحافظت على ما تبقى من سمعتها التي مرغتها الألسن في وحل الإشاعة والقيل والقال.
لكن صمودها لن يطول فقد بدأ القلب في خفقانه، ارتاحت له ولطريقة معاملته لها. كان يعطف على حالها ويدافع عنها في حضورها وغيابها. يعاملها بغير ما يعاملها الغير. لذلك بدأت مشاعرها تتحرك في اتجاهه كما لو كانت طوفانا جارفا. لكن هرولتها إليه غير ممكنة.
هو نجل زوجها ولا يمكن أن تكون له. كان وسيما وقوي البنية وخجولا. تزوج مبكرا وله ابنان صغيران، رغم أنه في نفس عنرها. يعيش في نفس المنزل مع كل العائلة فأهل البادية نادرا ما يستقل المتزوجون منهم عن آبائهم.
كان يتحادثان كثيرا ويستشيرها في كل صغيرة حتى في أموره الزوجية. وهي كانت تثق في وتبوح له بواقع حرمان تعيشه. كانت أحاديثهما عادية بداية، لكنها زاغت بعد تكرارها.
لم يبح أحدهما بحقيقة مشاعره. البوح غير مقبول ولو تآلفا. لكن النظرات والبسمات يفضحهما. كانت تقرأ رغبته في نظرات عينيه، وكان يتيقن من قبولها بما ترسمه على وجهها على من يسمة رضى. تدافع عاطفي لا يمكن أن يجهر به، فزنا المحارم ستهدم بنيان الأسرة ولن تكون لها من نهاية غير السجن المشرعة أبوابه في حال خطئهما. الخطأ غير مقبول من بيئة قروية لا تتساهل مع الأخطاء مهما كانت بسيطة.
كانت مشاعرهما تزداد قوة وضغطا عليهما دون أن يسمحا بتدفقهما، إلى أن حل ذاك اليوم. كانت تجمع روث البقر والغنم في الحظيرة. كانت منهمكة في ذلك، إلى أن فوجئت به فوق رأسها. كان ممسكا سطلين من الماء لتوريد الماشية. وضعهما أمام بقرتين ووقفت قربها فاستقامت واقفة.
نظرا لبعضهما بعمق، تبسم فانشرحت أساريرها دليل رضى. تكلما دون كلمات وفي لحظة أمسك بكتفيها وضمها إليه. حضنها ورسم قبلة العمر على شفتيها تماهت معها. وانطلق عداد القبلات، واحدة فثانية وثالثة دون أن ينتبها إلى أن باب الإسطبل مفتوح فأغلقاه وذابا في بعضهما بين روث البهائم.
أطلقا العنان لمشاعرهما وتكررت لقاءاتهما في نفس المكان وخلسة من الجميع. لا أحد سيتوقع انجرافهما وراء ملذات جسديهما، طالما أن معاملتهما لبعصهما عادية علنا وأمام أفراد الأسرة، عكس ما يقع ليلا.
كانت تترك زوجها الكهل ينام، وتتسلل إلى الحظيرة للقاء نجله الشاب مكتشف طراوة ومفاتن جسدها. هو كذلك كان يفعل الشيء نفسه، يتيقن من نوم أم ابنيه، وينطلق إلى حيث توجد عشقه الممنوع شرعا وقانونا.
تكررت لقاءاتهما الحميمية بين البهائم، بمعدل مرة إلى مرتين في الأسبوع، يعدان لها العدة من الاحتياط. عشقهما ممنوع، لكنهما انساقا وراءه. لم يكن مسموحا بينهما بالتراجع، فقد زاد دفء المضاجع من تعلقهما ببعض.
لقد وجدا في بعضهما، ما لم يجداه في زوج كهل عاجز عن تحريك مشاعرها، وزوجة متقاعسة لم تحسن استغلال تدفق مشاعر زوجها المرتمي في حضن غيرها.
توالت الأسابيع وهما على هذا الحال دون أن ينكشف أمرهما. ظنا أنهما نجيا دون أن يتوقعا ما هو أسوء. تأخر موعد عادتها الشهرية، وفي تلك الليلة اخبرته فطمأنها متوخيا الانتظار، لكن التأخر طال شهرين، حينها شكت أنها حامل وتيقنت بزيارة طبيب المركز الصحي القروي. حقيقة صدمتهما ولو أنها كانت متوقعة. لكن الخروج من الورطة، صعب. الاحتفاظ بالجنين غير ممكن والإجهاض مستبعد إلا من استعمال عقاقير أو وسائل تقليدية.
شهر آخر انضاف وخيرتهما تزداد كما خوفهما من الفضيحة، كانت تتناول أعشابا باستمرار حتى للشهر الرابع لما أجهضت. فرح لإجهاضها، واحتارا في بحثهما عن كيفية التخلص من الجنين.
واهتدت لدفنه في حفرة توضع فيها أعلاف الماشية. استغلت نوم الجميع والتقيا ودفنا الجنين. اعتقدا أن فضيحتهما دفنت بدفن الجنين، لكن طارئا سيحول حياتهما إلى جحيم.
في ذات صباح كانت زوجة أحد أبناء زوجها بصدد تنظيف الحظيرة، فشمت رائحة كؤيهة منبعثة من الحفرة، وكانت صدمتها كبيرة باكتشاف الجثة. عم الخبر وأخبر عون السلطة الذي قام بالمتعين، وحضر الدرك وعاين الجثة ونقلت لمستودع الأموات وانطلق البحث عن من تكن أم الجنين.
كل نساء العائلة أنكرن أموته، فكان ضروريا عرضهن على الطبيب والنتيجة كانت صادمة. زوجة الأب أجهضت، لكن ممن حملت. الجميع يعلم أن زوجها عاجز لا يعاشرها، فمن يكون أب الجنين.
اعتقلت الزوجة وعمق البحث معها، وبعد مواجهتها بحقيق حملها وإجهاضها، لم تنكر وسردت تفاصيل علاقتها بابن زوجها ولقاءاتهما المتكررة في الحظيرة. عبثا حاولت أن تجد وإياه، مبررا لخيانتهما دون جدوى، فالعقوبة يستحقانها. سنتان للزوجة و6 أشهر للزوج، مدتين قضياها وغادرا السجن ليعودا لبعضهما بمكان آخر بعيدا عن عيون أهليهما.