جريمة مؤنثة... تخلصت من ثمار حبهما بقتله

الكاتب : الجريدة24

24 أغسطس 2024 - 10:00
الخط :

رضا حمد الله

عقدان من الزمن عاشتهما لم تذق فيهما طعم السعادة. تجرعت مرارة الفقر والبؤس والحرمان في طفولتها ولما شبت وسط أكواخ قصديرية تآلفت مع قساوتها ولم تحجب عنها الأطماع حتى من أقرب المقربين منها. ولما تحررت وانطلقت إلى الحياة لتعيشها بطولها وعرضها، ذاقت ما هو أمر. يبدو أنها خلقت لتعيش الألم دون أن يتحقق الأمل وأحلام يقظتها.

كانت تحلم بأن تلج المدرسة وتتعلم فيكون لها شأن بنيل الشهادة، فحرمت من التمدرس وتعلم فك شفرات الحروف والجمل ولو في الكتاب. كان أملها أن تشتغل وتمتهن مهنة محترمة، فلم يتحقق حلمها. حلمت بأن تنقذ نفسها وإخوتها التائهين بحثا عن أرزاقهم من بيع السجائر بالتقسيط ونشل ما خف وزنه وغلا ثمنه، من أيدي وجيوب من تظهر النعم على محياهم. لكن لا شيء من ذلك تحقق.

عاشت التعاسة بمعناها الحقيقي. ولا شيء سار وفق ما حلمت به. حتى جسدها وشرفها لم تحافظ عليه. استبيح من أقرب المقربين المفروض حمايته لها، ولما فقدت البكارة عنوان الشرف، تحولت إلى كرة تتقاذفها الأحضان بمقابل وبدونه. ولما فضحت سادية أب، كان مصيرها الطرد من كوخ لم يحميها من فيه. الظروف حكمت عليها من دون قاض، بعيش أمر في الحانات ومواخير الدعارة.

كانت بعينين سوداوتين وقد ممشوق، مكتنزة مثيرة للعين المتلصصة حتى من والدها المدمن. كان يكتشف تموجات جسدها بنموه تدريجيا، ولم يتوانى في التغزل بجمالها بطريقة خالتها عادية لافتتان أب بجمال ابنته. لكن الحقيقة غير ذلك. الأيام ستكشف طمعه في جسدها مع اكتمال بنيانه. لم تتوقع أن يكون أبوها ذئب متخف في صوف الخروف، وسيفتك بجسدها ويرسم خارطة ضياعها بسلوك زاد من ألمها.

ذات يوم صيفا سافرت أمها وإخوتها للبادية لجمع محصول التين واللوز من ميراثه. ذاك حال الكثير من مهاجري البادية المستقرين بهامش المدينة. ارتباطهم بالبادية يستمر ولو بالاستفادة مما تنتجه. وكذلك هذا الأب. لم يتكلف سنة بجمع المحصول بنفسه، كان يكلف زوجته وأبناءه بذلك. ويبقى هو تائها بين الملاهي والحانات التي ينفق بها ما يجمعه من عمله في ورشات البناء.

أصر الأب على بقائها معه في الكوخ لإعداد أكله والعناية به. وفي تلك الليلة عاد ثملا نحو الثانية صباحا. بالكاد كان يمشي متمايلا. فتح الباب وأنار الكوخ بمصباح يدوي يستعين به لإنارة طريقه ليلا. ركز الضوء عليها وحركه طلوعا وهبوطا على جسدها وكأنه يراه ويكتشفه لاول مرة. كانت نائمة من دون ما يستر جسدها المكتنز. ركز نظره مدة على مفاتن جسد ابنته ذات الأربعة عشر ربيعا، وفي خلده الكثير مما فكر فيه.

تقدم نحوها بخطوات متثاقلة. وجلس بجانبها والمصباح مسلط على تموجات الجزء السفلي من جسدها. كان ينظر إليه ويشتهيه. لكن جسدها حرام عليه. حينئذ لم يفكر في الحلال والحرام. فكر فقط في إرواء عطشه العاطفي وتلبية نزوة عابرة ستهدم كل شيء مما تبقى في أسرة هشة تبقى الخلافات عنوان يومياتها سيما بين زوج مستهتر وزوجة صبور حريصة على الحفاظ على عش ولو بردت مشاعر من فيه.

جلس دقائق يتفحص جسدها وتجرأت يده اليمنى على اكتشافه. مررها على فخدها الأيمن وسار طلوعا إلى الوسط. ضغطه هناك أفاقها. استفاقت مذعورة. لم تدرك ما يقع سيما بعدما فتحت عيناها ورأت الأب يواصل العبث بجسدها. أزاحت يده ونظرت إليه وصاحت:

- بابا أنا مريم ماذا تفعل؟

كان يعرف أنها ابنته، والسؤال لم يفاجئه ولا صده. لقد كرر المحاولة، فنهضت وحاولت الابتعاد عنه. لكن جره إليه بكل قوة وبشكل جعلها في متناوله. وشرع في نزع ملابسها. ترجته وتوسلت إليه أن يتركها لحالها، فهي ابنته ويجب ألا يفعل بها ما ينوي فعله. عبثا حاولت. قوته مكنته من إحكام السيطرة عليها.

استباح الأب جسد ابنته وفتك به. ولما قضى وطره نهض من فوقها وجلس قريبا منها. تحسست ما بين فخديها فصدمت لوجود دم. وصاحت فيه معاتبة:

- دم، بابا حرام عليك أن تفعل هذا. أنت أبي ولا أحل لك.

قالتها وهي تبكي بحرقة. لقد ضاع كل شيء. الشرف واحترام أب حاول إقناعها بأن ما فعله فوق إرادته وإدراكه. هددها بالانتقام إن باحت بالسر. وتوجه لمرقده ونام بعدما نام ضميره. أما هي فقضت الليلة باكية. لم تستوعب ما وقع. ظنت أنه خطأ لن يتكرر. لكنه واظب على افتراس جسدها كلما سنحت الفرصة وغاب من في الكوخ. كانت خائفة من تبعات فضحه. وهو استغل خوفها للمغالاة في استغلالها.

مرت سنة تقريبا وهو يتخذها زوجة يختلي بها كلما غابت زوجته. لكن صبرها نفذ قبل أن تقرر دون استشارة أحد، التشكي. وفي ذاك الصباح تظاهرت بالخروج للعمل في حقل فلاحي مجاور للحي الصفيحي، وتوجهت للدائرة الأمنية حيث استقبلها ضابط الشرطة وأخذ تصريحاتها على محمل جد قبل تنقل فريق أمني للحي واعتقاله وسط حيرة من فيه. لاكت الألسن ما تدوول حول اغتصاب الأب ابنته، ولا أحد صدق.

اعترف الأب وحوكم وحكم عليه بخمس سنوات سجنا نافذة. وحكم على الفتاة بالطرد من الكوخ بعدما أذاقها إخوانها حصصا من التعذيب. لم يستسيغوا زجها بأبيهم في السجن، وقبلوا باستباحة جسدها. غادرت المدينة وتوجهت لأخرى حيث تعرفت على فتيات من طينتها أغلبيتهن لفظتهن أسرهن للشارع لأسباب مختلفة ومنهن من ذقن نفس مرارة ما ذاقت من استغلال أبيها لها جنسيا.

كن تكترين منزلا يستغلنه قاعدة خلفية لاستقطاب زبائن اللذة. قضين شهورا على تلك الحالة، وتيسرت مداخيلهن من تجارة الأجساد. كانت يومياتها محصورة بين النوم نهارا والسمر في الملاهي ليلا وقضاء ما تبقى من الليل في أحضان زبناء يدفعون حسب درجة سخائهم. ومع مرور الوقت تعرفت في حانة على ابن صاحب ضيعة فلاحية ارتاحت إليه وارتاح لها وتكررت لقاءاتهما وزاد غدقه عليها بالمال والهدايا.

فرض عليها ألا تعاشر غيره، فلبت الشرط دون نقاش. بدون علم عائلته استقرت معه في منزل يملكه بمدينة صغيرة. كان سخيا معها ماديا وكانت سخية معه عاطفيا. أحبته بكل جنون ومنحته كل ما يبتغيه. ومرت الشهور وحملت منه أصر على عدم إجهاضه. كان ينوي الارتباط بها بعقد نكاح دون أن يولي اعتبارا لقبول العائلة من عدمه، لم يحاول أن يستحضر سؤال: هل ستقبل أسرته زواجه بمومس؟

علاقتهما أثمرت طفلا أحاطاه بكل الرعاية. وكبر فأصبح عمره 3 سنوات، لم يوثقا فيها زواجها. وزادت حيرتها بعدما علمت برفض عائلته الزواج منها. صارحته فلم ينكر، وزاد إصرارها على الحسم في علاقتهما. كانت في كل مرة تلتقيه، تجدد الحديث عن نسب ابنهما وتوثيق زواجهما. كان حائرا بين القبول أو الانصياع وراء قرار العائلة. للعائلة عليه فضل ولها عليه فضلا، فأيهما يختار؟. سؤال أرقه ولم يجد له جوابا.

في ذلك اليوم كانا وابنهما على متن سيارته، حين تجدد النقاش وفارت أعصابهما. لم يستطيعا التحكم فيها والسيطرة عليها. هو ضاق إلحاحها، وهي ضاقت من تسويفه فقد حلت ساعة الحسم. ولما طالبها بالتأجيل لحين انتزاع قبول ورضى أراد عائلته، انتقضت.

طلبت منه التوقف ففعل. نزلت وابنها وسبته وابتعدت قليلا في الطريق إلى مكان خال من المارة. هناك طرحت ابنها أرضا وشرعت في ركله برجليها وهو يصرخ. لم تبالي بصراخه وواصلت ضربه بطريقة هستيرية مستعملة في ذلك حتى الحجر. ولما خارت قواه وانقطع صراخه، حملته بين يديها. أخيرا أحست بالندم وتأنيب الضمير. أي خطأ ارتكبه حتى يعاقب، هي وابن صاحب الضيعة، من أخطئا فلا ذنب له في خطئهما. متأخرة أحست بتأنيب الضمير فأسرعت به إلى المستشفى وتركته وفرت قبل إعلان وفاته نتيجة التعذيب. وفاته استنفرت من بالمستشفى، فتم الاتصال بالأمن وحضرت عناصره وعاينت الجثة قبل تشريحها. وانطلق البحث.

لم يكن صعبا على المحققين الوصول إليها، فحارس الأمن الخاص تعرف عليها لما دخلت، دون أن ينتبه لخروجها. اعتقلت الأم القاتلة والأب المتملص من مسؤوليته في الاعتراف بأبوته للطفل وتوثيق زواجهما. وحوكما وحكم عليه ب6 أشهر حبسا نافذا، وعليها بسنتين حبسا نافذا بعدما متعتها الغرفة الجنائية بأقصى ظروف التخفيف مراعاة لظروفهما الاجتماعية.

آخر الأخبار