تفاصيل مثيرة عن اقتحام "الحراكة" الأفارقة لسياج سبتة المحتلة

الكاتب : الجريدة24

06 يوليو 2022 - 04:00
الخط :

خطط ومناورات مختلفة، تلك التي يستعملها المتاجرون في البشر، لمزيد من الكسب، في ظل استمرار نشاط وحركية الراغبين في الهجرة سرا نحو الفردوس الأوربي، الضحايا من جنسيات مختلفة، يؤدون مبالغ مالية كبيرة في رحلة الهجرة الغير المضمونة تلك، والمليئة بالمغامرات والمخاطر. انطلاقا من دول بعيدة أحيانا، أو عند مشارف الثغرين المحتلين سبتة ومليلية، أو بإحدى المدن المغربية الشمالية، حيث ينشط الكثير من تجار البشر.

المافيات الجزائرية أصبحت متخصصة مؤخرا في تهريب مئات من المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء، مستغلين "السيبة" التي يعرفها الجنوب الجزائري، من حيث يلج هؤلاء المهاجرين، الحالمين بالوصول إلى المغرب ومنه العبور نحو الضفة الأخرى، أو الولوج في جماعات لسبتة أو مليلية المحتلتان. وهو ما كشفت عنه تقارير من المنطقة الشرقية المغربية، وبتنسيق مع الاستخبارات الإسبانية، والتي سبق لها أن أكدت وجود عدد كبير من المهربين الجزائريين بالمنطقة الحدودية الشرقية.

السلطات المغربية، بدورها كانت قد فطنت للموضوع مبكرا، وتعاملت بحزم مع بعض من تلك المافيات التي تعمل على تهريب البشر، عبر الممرات الحدودية المغلقة، بين المغرب والجزائر، مستغلين شساعتها وصعوبة ضبطها، حيث يعمد هؤلاء لتجميع المهاجرين الغير الشرعيين، ويقومون باقتيادهم في الغالب ليلا عبر الفيافي والقفار، ويرشدوهم للممرات التي تقل فيها الحراسة، ليلتقوا بهم من الجانب الآخر، مستغلينهم لأجل مزيد من الربح، فيما تتغاضى السلطات الجزائرية نهائيا عن هاته العمليات، بل تشجع المهربين، في المرور للجانب المغربي.

السنتين الأخيرتين، سجلتا عودة قوية لتلك المافيات، ونشاطا مهما، شبيها بذلك الذي كان بداية الألفية الجديدة، حيث لا يمر يوم دون ان تسمع عن إحباط عمليات هجرة، وصول مهاجرين للضفة الأخرى، غرق قوارب محملة بمهاجرين ووفاة جلهم.. أخبار حزينة جدا تلك التي تسمع يوميا بخصوص هاته الفئة من الحالمين بالعبور نحو "الفردوس الوهمي". بل شكلت عودة قوية لمرشحين للهجرة جزائريين وسودانيين، وهي علامة على أن هؤلاء يلجون عبر المعابر الشرقية مباشرة..

رحلات بحرية وبرية :

صباح يوم ممطر، ورياح قوية جدا، بأحد شواطئ الناضور، الأمواج تلاطم بعضها ويخال لك أن البحر سينقلب على الأرض، رغم ذلك، كان هناك 80 مرشحا للهجرة السرية، من دول إفريقية مختلفة، يستعدون للإنطلاق على متن قارب مطاطي، في اتجاه الجزر الجعفرية التي لا تبعد كثيرا عن السواحل الناضورية، كان غالبيتهم نساء، بعض منهن حوامل وأخريات تحملن أطفالا بين أيديهن. برفقتهن فقط سبعة رجال. وقد دفع كل مسافر مبلغ ألفي أورو لهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر.. الساعة الخامسة صباحا كان الجميع قد وصل لجزيرة "كونجريسو" واحدة من تشكيلات أرخبيل "لاس تشافاريناس"، المعروفة بالجزر الجعفرية.

الأمواج العاتية ورداءة أحوال الطقس، صعبت من إنقاذ هؤلاء أو إخلائهم، فلم تستطع البارجة المغربية من الإقتراب، فيما اكتفى الجنود الإسبان، الذين تتمركز إحدى ثكناتهم هناك، بجلب الماء والغذاء والبطانيات، حيث كان على هؤلاء المكوث في تلك الأوضاع السيئة أكثر من 36 ساعة في الهواء الطلق، مرعوبين، قبل أن يتم إنقاذهم بعد تحسن نسبي لأحوال الطقس.

التحقيقات التي قامت بها السلطات الإسبانية بخصوص الواقعة، أثبتت أن المعنيين ولجوا المغرب خلال اليومين السابقين للعملية، وأنه مرشدهم كان جزائريا، اقتادهم عبر المناطق الصحراوية، وتمكنوا من العبور بسهولة من الجانب الجزائري، إذ كشف بعضهم، أن المرشد الذي عبر بهم، التقى بعسكريين جزائريين، قبل أن يتمكنوا من العبور وأنه "اشترى الطريق"، قبل أن يتخلى عليهم، في جزء من المعبر في الجانب المغربي، طالبا منهم التسلل من ممر صعب ليلا، ليلتقوه في الجانب الآخر، وهي خطة يعمد لها بعض المهربين، لتفادي السقوط في يد حرس الحدود المغاربة، بحيث يرشدون المهاجرين الغير الشرعيين للمرات الآمنة، ويتركونهم يخوضون التجربة لوحدهم، فإن هم مروا بسلام، يكملون معهم المسار، وإن اعتقلوا فلا يسقطون هم.

شساعة الحدود بين البلدين، تجعل أمر مراقبتها صعبا، رغم نشر المغرب لعدد من عناصر القوات المساعدة، ووضع كاميرات ومتاريس وأسلاك شائكة، إلا أن عدم تعاون الجانب الجزائري، يجعل عبور المهاجرين الأفارقة، شبه سهل في غالبية الأحيان، وهو ما يدفعهم للتجمع في الغالب في غابات الناضور، ومن هناك يخطط لهم المهربون طرق الهجرة، إما عبر الهجوم على معبر مليلية في الغالب، أو ركوب قوارب الموت في اتجاه الضفة الأخرى، إو إحدى الجزر القريبة من هناك.

وكشفت مصادر إسبانية مؤخرا، عن وجود تنظيمات محترفة لتهريب البشر بالمنطقة، مشيرة لكون غالبيتهم من الجزائريين وبعض الجنسيات الأخرى من قبيل السودان الشمالية والجنوبية، وكذلك من مالي، وكلهم يشتغلون في مسارات التهريب المرتبطة بالحدود الجزائرية، حيث نادرا ما يتمكنون من الدخول في أقصى الجنوب، حيث الحائط الأمني الذي أقامه المغرب لمحاصرة تحركات البوليزاريو والحركات المتطرفة شمال مالي وموريطانيا، حيث كانت الطريق الأسلم لهم هي تلك الممتدة شرقا، والمؤدية تحو تخوم مليلية والجزر الجعفرية.

المغرب الشريك والجزائر المستقيلة

قبل 2013 عانى المغرب ومعه إسبانيا من الهجرة السرية لوحدهما، فلم تكن المساعدات الممنوحة لهما، تكفي للقضاء على جحافل المهاجرين السريين الراغبين في العبور، إلا أنه وبعد هذا التاريخ، اتبهت أوربا للدور الكبير الذي يمكن ان يقوم به المغرب، في لعب دور الدركي الجنوبي، والجار المفيد في محاربة الإتجار في البشر، وهو ما جعلها تسن سياسة دعم ومساندة الجار الجنوبي، وبذلك تلقى المغرب مبالغ، مكنته من دعم برامجه في محاربة الهجرة السرية، بلغت 140 ملين أورو، لزيادة المراقبة واحتواء الهجرة السرية.

الدعم الذي يتلقاه المغرب، يتم استثماره في شراء الوسائل اللوجيستيكية، ونشر قوات الأمن على الأرض، بناء الخنادق، وأُقيمت أسوار "كونسرتينا" جديدة. وتحتفظ القوات المساعدة بقبضة محكمة على سياج سبتة ومليلية المحتلتان. في البحر قاموا بتغيير وسائل المراقبة، حيث حل عناصر خفر السواحل والبحرية الملكية محل فرق الإنقاذ البحري، المتخصصة في إنقاذ القوارب العالقة أو الغارقة. وأصبحت المطاردات تتم بحرا، وغالبا ما يتم محاصرة تلك المراكب وعودتهم للمغرب.

تقدر بعض الإحصاءات، وجود ما لا يقل عن أربعة آلاف شخص عالقون بين قارتين. إنهم يتوقعون حلاً لا يأتي قانونيًا. معظمهم من جنوب الصحراء الكبرى، الذين يعيشون في المخيمات التي بنيت في الجبال خارج طنجة أو الناظور، وعلى مشارف سبتة المحتلة ببليونش وغيرها، في المساكن الفرعية التي بنيت من فروع الأشجار والبلاستيك. يستأجر البعض أيضًا غرفًا في منازل مشتركة مع مواطنين آخرين.

بالمقابل، بعض المنظمات غير الحكومية، تستنكر ما يحدث، وترى أن هؤلاء الأشخاص هم ضحايا الغارات المستمرة والطرد الجماعي. وضع يائس تستفيد منه المافيا التي تتاجر مع البشر. إنهم يبحثون عن طرق جديدة، محفوفة بالمخاطر على نحو متزايد وبأسعار أعلى، باعتبارها الملاذ الوحيد، خاصة بعد تشديد المغرب وإسبانيا لحراسة ومراقبة المعابر التقليدية، وبالتالي أصبح البحث عن ممرات وعن من يقوم بتهريبهم، أمرا صعبا ويتطلب مبالغ مالية إضافية، أمر استغله المهربون لفائدتهم..

المهربون الجزائريون أصبحوا منذ مدة قصيرة أكثر غنى، في ظل ارتفاع الطلب عليهم، وعملهم من أجل عبور الآلاف من المهاجرين الغير الشرعيين، في ظل ما يشبه استقالة الجزائر من برنامج محاربة الهجرة السرية الذي التزمت به حيال الاتحاد الأوربي، وذلك لتقويض مجهودات المغرب في هذا المجال، وهو الأمر الذي قد يتزايد مع ارتفاع نسبة التوتر بالمنطقة، وسرعة إعلان الجزائر عن قطع العلاقات مع إسبانيا، مما سيجعل نظامه، يحاول البحث بأي وجه كان عن طريقة لبث الشك في التزامات المغرب اتجاه اسبانيا والإتحاد الأوربي عامة، بخصوص حماية جنوبه..

يأتي هذا في وقت يكثف المغرب منذ مدة، عملياته وبرامجه لمحاربة الهجرة السرية، وهو امر أقنع شركائه الأوربيين، وخاصة منهم إسبانيا، التي طالبت المفوضية الأوربية بضرورة رفع الدعم الموجه للمغرب، بل وصل الأمر حد تنازلها (إسبانيا) عن 33 مليون يورو لجارتها الجنوبية مكافأة جهودها، خاصة في ظل عودة الدفئ للعلاقات بين البلدين، وإبلاء المغرب البلاء الحسن في مجال محاربة الهجرة السرية، والهجمات الجماعية الأخيرة..

رحلات انتحارية

إذا كان للنساء مساراتهم وطرق تهريبهم نحو الضفة الأخرى، وفق ما يبتكره المهربون، فإن على الرجال البحث عن بدائل أخرى للوصول إلى أوروبا. حتى قبل عامين كان الخيار الأول هو القفز على السياج الذي حدد محيط إسبانيا والمغرب.

الآن يكاد يكون من المستحيل. يقدر رئيس إحدى الجمعيات المهتمة بشؤون الهجرة بمليلية، أنه من بين 30 إلى 50 شخصًا، يدخلون بشكل غير منتظم إلى مليلية، بعضهم بالقفز عبر السياج، ويمر آخرون الحدود بالسيارة أو سباحة، وكلهم تحت إشراف مافيات متخصصة في تهريب البشر، وغالبا ما تكون هي من قامت بإدخالهم للمغرب، يكشف المسؤول الإسباني، في إشارة لتلك المافيات العاملة بالحدود الجزائرية المغربية منذ سنوات خلت..

"لقد تم تقليص الفجوات في السياج بشكل كبير. أصبحت هجومات المجموعات صعبا الآن بسبب عمل القوات المغربية. يمكن لهؤلاء تجاوز السياجات أحيانا لكن ليس بنفس الحدة..." يقول المسؤول الجمعوي، مؤكدا على المراقبة الصارمة للسلطات المغربية.

لذلك فأولائك الذين يستطيعون دفع مبالغ مالية تتراوح بين 500 و3000 أورو لمافيا عبور الحدود، هم من يستطيعون العبور مخبئين في أحشاء شاحنات أو حافلات، وربما بقيعان مزدوجة لسيارات، بل قد تصل الأمور لمغامرات غير محسوبة نهائيا، من قبيل السيارات الإنتحارية.

الجدار المغربي، زهم عناصر القوات العمومية المنتشرين بتخوم المدينتين المحتلتين، كانوا دائما سدا منيعا في وجه تلك الهجمات الجماعية، قبل أن تصبح عنيفة جدا، ويصبح بعض بارونات تهريب البشر، مدربين لهم أيضا ليواجهوا السلطات خلال الهجمات، وكانت الجريدة، قد عاينت قيام عدد من المهاجرين الأفارقة، بخلط الجير بالماء خلال هجومهم على السياجات، وإلقاء تلك الخلطة في قمة غليانها في وجه عناصر القوات المساعدة، متسببين لهم في حروق ورضوض على مستوى الوجه، وكذلك على مستوى عيونهم، قبل أن يتحولوا لثائرين هائجين، حاملين لعص وهراوات، وآليات حديدية للتسلق يتم استعمالها أيضا كسلاح في وجه القوات المغربية، لحظة محاولة صدهم، كما حدث أخيرا بمليلية، وحيث تجري التحقيقات حاليا لفك بعض ألغاز الهجوم الأكبر تاريخيا بهذا المعبر من طرف مهاجرين أقارقة.

الأنتربول يطارد مافيات الهجرة السرية

بعد تعاون مسبق مع السلطات المغربية، والإيقاع ببعض عناصر الشبكات المتخصصة في تهريب البشر انطلاقا من الحدود الجزائرية المغربية، الأنتربول، يساند المصالح الأمنية الإسبانية والمغربية، في عمليات مشتركة، للإيقاع بعدد من بارونات تهريب البشر، النشطاء على مستوى المنطقة، وغالبية ضحاياهم مواطنين أفارقة حالمين بالهجرة إلى أوربا. ووفق المعطيات المعلنة، فقد تمكنت الشرطة الوطنية في إسبانيا، من توقيف مال لا يقل عن 32 شخصًا من جنسيات مختلفة، في إطار عملية دولية تعاونت فيها مع الإنتربول وكان هدفها تحديد وتفكيك المنظمات الإجرامية المخصصة للاتجار بالمهاجرين، الذين كان ضحاياهم في الأصل قادمين من المغرب، والذين كشفوا عن معطيات مهمة عن تعاونهم مع مافيات عابرة للحدود.

وكشفت مصادر مقربة من التحقيق، أنه تم تنسيق العملية دوليا في إسبانيا من قبل مكتب الإنتربول المركزي الوطني التابع لشعبة التعاون الدولي بالشرطة الوطنية. وسمحت العملية التي اعتبرت مهمة، بتفكيك مجموعتين إجراميتين. أولها مخصص للاتجار غير المشروع بالمهاجرين باستخدام وثائق مزورة، الذين كان ضحاياهم أفارقة من جنوب الصحراء، تم استقدامهم عبر الحدود الشرقية، حيث شاركت عناصر مغربية منتمية للأنتربول في هاته العملية، بحكم ان المغرب البلد الإفريقي الوحيد عضو ما يسمى بمجموعة "توركيسا3" وبالمثل، سمحت العملية الثانية بتفكيك شبكة مخصصة للاتجار بالبشر والمخدرات بضواحي بوعرفة بالشرق، حيث تبين أن من كان يسهل مرور المهاجرين والمخدرات هم عناصر من العسكر الجزائري..

وقام المكتب التابع لشعبة التعاون الدولي بتنسيق عمليات مراقبة الحدود في عدد من المدن والمناطق الحدودية، بوضع ضوابط مشتركة للكشف عن المهاجرين غير الشرعيين خلال مرحلة التشغيل، تتألف من مسؤولين في الشرطة الوطنية والقوات المسلحة المغربية، إضافة لعناصر ينتمون إلى مراكز التعاون بين الشرطة والجمارك.

في عملية "توركيسا3"، التي نفذت في ديسمبر من العام الماضي، نظمت أجهزة الشرطة في 34 دولة، بما فيها المغرب، بتنسيق من الأنتربول، إجراءات ضد الشبكات الإجرامية المخصصة لـ " التقاط وتعزيز الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، مع إيلاء اهتمام خاص للطرق التي تستخدمها هذه العصابات داخل المنطقة الجغرافية، للحدود المغربية الجزائرية، الحدود الجنوبية قرب موريطانيا، حدود أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وكذلك عبر البوغاز". وأكدت وزارة الداخلية الإسبانية أن "كل هذه النتائج والتحقيقات المقابلة لها سمحت للدول المشاركة، بتنسيق من الإنتربول، باكتشاف طرق جديدة وخطوط تحقيق جديدة ستسمح لها بمواصلة التحقيق والتتبع ضد شبكات التهجير وتتبع هاته الأنشطة الإجرامية".

مافيات التهجير تمكنت في الأونة الأخيرة من تنظيم عشرات، بل مئات من الرحلات وعبر طرق مختلفة انطلاقا من المنطقة الشرقية والجنوبية الشرقية للمغرب، حيث عادت لتهجير مواطنين من دول الجنوب عبر قوارب الموت، انطلاقا من الشمال الشرقي، كما نشطت عمليات تهريب مختلف الجنسيات الأخرى، ولم يقتصر عمل تلك الشبكات على التهجير فقط، بل أصبحت تقوم بتهريب المخدرات عبر رحلات للهجرة السرية، مستغلين ضعف وحاجة المرشحين للهجرة، حيث يقومون بعمليات تهريب للمخدرات خلال رحلتهم بين الضفتين، مما يمكن تلك المافيات من أرباح مهمة، يضمنون سائق مجاني لرحلاتهم تلك، بل غالبا يما يقومون باستعباد أولائك المهاجرين والإحتفاظ بهم محتجزين للقيام بعمليات نقل لكميات من المخدرات بين المدن والدول الأوربية، وهو ما كشفت عنه تحريات الأنتربول.

وتعتبر المشاركة المغربية في هاته العملية، وعدد من العمليات المشتركة الأخرى مع الأنتربول بالتراب الأوربي، مهمة جدا، حيث يتم الإعتماد على الخبر المغربية في تتبع خيوط بعض الجرائم، كما هو الحال بالنسبة للهجرة السرية، الإرهاب وتهريب المخدرات، وهو ما جعله البلد الإفريقي الوحيد المشارك في تلك العمليات، فيما تغيب الجزائر عمدا عن المشاركة والمساعدة، في تتبع شبكات الهجرة السرية، التي غدت تتستر عليها على أراضيها، وتتحين الفرصة للسماح لها بالدخول للمغرب، ومن تم القيام بهجمات على الثغرين المحتلين، أو رحلات قوارب الموت، في محاولة لإحراج المغرب اتجاه حلفائه الأوربيين.

مهاجرون بتكتيكات عسكرية وتداريب مسبقة

أكد العقيد في الحرس المدني في مليلية أنطونيو سيراس، أن القوات المغربية التي تحرس سور مليلية سجلت خلال الأعوام الأخيرة، وخاصة الأسبوع الماضي، ضحايا في صفوفها، بسبب العنف الممارس من طرف عدد من المهاجرين السريين الراغبين في ولوج مليلية عنوة. وندد المسؤول العسكري الاسباني في الوقت نفسه "بالعنف غير المعتاد" واستخدام "التكتيكات العسكرية" التي يستخدمها المهاجرون الذين ينوون دخول مليلية بالقفز من السياج الحدودي الجنوبي ضد القوات العمومية المغربية أولاً ثم ضد الحرس المدني الإسباني. وأوضح العقيد انطونيو سيراس، أنه خلال العام الجري، أحصت قيادة مليلية بالفعل أكثر من 60 من أفراد الحرس المدني أصيبوا بدرجات متفاوتة خلال الهجمات على الأسلاك الشائكة المزدوجة.

وفي هذا السياق، بعث عقيد الحرس المدني في مليلية برسالة شكر إلى المغرب على الدعم الذي يقدمه في مراقبة السياج والسيطرة على تدفق المهاجرين إلى مليلية.  وقال في هذا الصدد لقد تعرضت قوات الأمن المغربية لوفيات وإصابات خطيرة للغاية. لا يسعني إلا أن أشكر الجهد والولاء والوفاء الكبير بواجبهم الذي يظهره كل يوم من قبل قوات الدرك الملكي والجيش والشرطة المغربية ".

من ناحية أخرى، ليست المرة الأولى التي يستنكر فيها الحرس المدني في مليلية تطبيق التكتيكات العسكرية في نشر المهاجرين الذين ينوون القفز على السياج الفاصل لثغر مليلية، وأوضح أنهم "منظمون بشكل مثالي ويستخدمون تكتيكات عسكرية، وينقسمون إلى مجموعات لتفكيك القوات التي تحرس السياج". وهي اعترافات خطيرة تؤكد خضوع أولائك المهاجرين لتدريبات ولكونهم مسيرون من طرف أشخاص مدربين تدريبات عسكرية، وهو ما أشارت له بعض التقارير خلال الهجوم الأخير، الذي شارك في أكثر من 2000 مهاجر غير شرعي، وتمكن حوالي 500 منهم من ولوج مليلية عنوة، ولقي 23 منهم مصرعهم فيما سجلت عدة إصابات في صفوف مهاجرين وعناصر القوات المغربية.

ما كشف عنه العقيد في الجيش الإسباني، في تحليله لما حدث من اختراقات لسياجات مليلية، يطرح عدة تساؤلات حول حقيقة العمليات التي تتم وخاصة الأخيرة منها، والتي جاءت في وقت يسعى المغرب لتأكيد قدرته على ضبط الوضع، والحد من تدفق المهاجرين، ولعب دوره كدركي بالمنطة بالشكل الإيجابي، كل ذلك، ينهار في رمشة عين من خلال خطة مدبرة، ترمي لهجوم مباغت لأكثر من 2000 مهاجر غير شرعي، لم يعرف أحد من أين أتوا ولا كيف أتوا، ليقوموا بمهاجمة القوات العمومية المغربية، وبعد ذلك نظيرتها الإسبانية، وفرض سلطتهم وسيطرتهم، مما ساعدهم على الدخول إلى الجانب الآخر، لكن دائما بتقنية عسكرية متقدمة، وليس هجوم عادي، كما جرت العادة، لمهاجرين غير شرعيين.

تعددت التحليلات بين الطرفين، والقول واحد هو أن هناك سر كبير تخفيه شجرة المهاجرين الغير الشرعيين، أكبر مما يحاول البعض الترويج له، من وجود اعتداءات وتجاوزات خلال هجوم هؤلاء، والحال، أن عددا من الصور والفيديوهات، التي التقطت بواسطة طائرات دون طيار، وكاميرات المراقبة بالمعابر، أكدت أن الأمر خطير جدا، وأن هناك عمل منظم لأجل تقويض مساعي المغرب لأجل القيام بواجبه وإثبات ذاته في هذا المجال، حيث تم تهريب هذا العدد الكبير، عبر الحدود المغربية الجزائرية، خلال اليومين الأخيرين، وتأهيله للقيام بالعملية، تحت رعابة مافيات جزائرية متدربة وعارفة بخبايا الأمور.

*عن الأحداث المغربية بتصرف

آخر الأخبار