شك في خيانة زوجته فقتلها وانتحر

شك في خيانة زوجته فقتلها وانتحر

الكاتب : الجريدة24

10 يوليو 2022 - 05:00
الخط :

شك في خيانة زوجته فقتلها وانتحر

أمينة المستاري

شك في خيانة زوجته فقتلها وانتحر..أصاب الإحباط وقساوة العيش المهدي، الفلاح الشاب، بعد أن فشل في توفير قوت يومه، وهو الأب لطفلة حديثة الولادة.

أحس بيأس وقلة الحيلة، وحتى يهرب من نظرات زوجته التي تحمل علامات استفهام مبهمة، كان يلوذ بالفرار من أسئلتها ويقيم أياما عند والديه بدوار آخر.

لم يكن يعلم أن غيابه عن زوجته سيتسبب في نفورها، وبعد مدة بدأ الشك يراوده حول مدى إخلاص زوجته له، خاصة مع توالي الشجارات بينهما وتأجج المشكل في أحد الأيام، مما جعل المهدي يثور بقوة وفي لحظة امتدت يده إلى فأس كان بجواره ليهوي بها على رأس زوجته.

يأس وإحباط...

انطلق المهدي من مسقط رأسه بمنطقة بضواحي تازة متوجها إلى أحد الدواوير المجاورة، قاطعا الجبال والوديان، مشيا على الأقدام تارة وراكبا على دابته تارة أخرى، وطيلة فترة سيره كان الفلاح الشاب الذي لم يتجاوز عمره العقد الثالث يتمتم بكلمات غير مفهومة وكله يأس واحباط.

كان المهدي مرتبكا، يوجه ضربات موجعة وعنيفة لحماره الذي شاخ من شدة التعب، يتحدث تارة ويغمض عينيه تارة أخرى. كانت تعابير وجهه الشاحب توحي بنواياه السيئة، انتابه القلق ونال منه التفكير في مصير علاقته بهذه الزوجة العصية على فهمه، والتي أحبها وتزوجها لكن قساوة العيش حولتها إلى امرأة لا تراعي مشاعر الزوج أو ظروفه، بل حولت حياته إلى جحيم لا ينتهي.

تعرض المهدي للاستغلال والإهانة من مشغله بالضيعة حيث يعمل ك"خماس"،  وتفاقمت متاعبه وهمومه ولم يعد قادرا على التحمل بعد أن استقل عن والديه عقب زواجه،  وتأسيسه بيتا حلم كثيرا بأن يتحول إلى عش دافئ، تدهورت حالته الصحية بسبب الإرهاق والتعب جراء العمل المتواصل والشاق في الضيعة، والفشل في تحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي.

بعد زواج المهدي بفترة، لم تعمر حلاوتها شهرا واحدا، وبعد حصوله على العمل في ضيعة، بدأت  الخلافات تشتد بينه وبين زوجته، وما زاد الطين بلة، أن المولودة التي رزقا كانت صماء وبكماء، وخاب أمل الزوج في أن يرزقا بمولود ذكر.

لم يكف الزوج عن التفكير وهو على ظهر حماره، حتى بلغ منزله داخل الضيعة ودخله. أمسك بطفلته بين ذراعيه وانعطف بدون استئذان نحو مائدة العشاء دون أن ينطق بكلمة واحدة، وما كان على زوجته سوى الصراخ في وجهه بعد أن طال غيابه عنها دون أن يجلب لها وللرضيعة زادا.

بقي الزوج مستلقيا على ظهره لفترة طويلة شاردا دون أن يرد على صراخ زوجته، وظلت زوجته أمامه، مندهشة فلم تعد تقوى على  خصامه، حينها كان يسترجع مخيلته وذكريات شهور من قصة زواجه وحياته المليئة بالأحزان والمشاكل، رغم اللحظات الأولى المشرقة من زواجه. كان يحلم بعد زواجه بتأمين كل ما تحتاجه زوجته، ولم يكن يتردد في توفير مستلزمات العيش، إلا أن الظروف كانت بالمرصاد وانقلبت حياته رأسا على عقب في عش الزوجية، ومع توالي المحن والشدائد ، بدأت الشكوك تنتابه في كون علاقة غرامية تجمعه بشقيق رب العمل بالضيعة.

الشك القاتل

أثرت الأزمة المادية على حياة الزوجين وعكرت صفو حياتهما، أصبح المهدي ينعت زوجته بأقبح الأوصاف ويتهمها ب"النحس"، ثم بدأ يهملها ويتركها لأيام دون حماية ولا زاد، استفحلت الحالة النفسية للزوج أكثر مع توالي الأيام، وانتابته الوساوس التي قضت مضجعه وجعلته يدخل دوامة الشك المرضي.

لاحظ المهدي تغيرا في معاملة زوجته له وهجرانها الفراش الزوجي وتغيبها أحيانا عن المنزل، مما كان يؤكد شكه، كما رصد الجيران زيارات عديدة لشقيق رب العمل لمنزل المهدي أثناء تواجده في العمل، لاحظ أن زوجته أصبحت تقتني لوازم خاصة بها لم يكن بمقدوره توفيرها، وكان ذلك بمثابة الدليل المادي على خيانتها، مما جعله يعنفها أكثر من مرة، دون سبب معقول، فقد كان الشك يقتله وينغص عليه فترات راحته، بل أشعل نار الحقد والرغبة في الانتقام لنفسه.

لإنهاء عذابه، قرر في مناسبات عدة فراق زوجته والابتعاد عنها، واللجوء إلى والديه، رغم محاولاتها  إقناعه بالرجوع إلى بين الزوجية وطرد الوساوس عن مخيلته.

جريمة وانتحار

عاد الزوج من آخر زيارة له لأهله، برغبة حارقة في الانتقام، وبعد أن قضى لحظات وهو يفك لغز التخلص مما علق به من ذل ومهانة، قام إلى المائدة لتناول العشاء: قليل الخبز وحبات زيتون. احتدم النقاش بينه الزوجين لدرجة التوتر والغليان، حينها لمح المهدي فأسا بأحد أركان البيت، في لحظة غضب شديد بلغت درجة الهستيرية، التقطت يد المهدي الفأس التي يستغلها في قطع الأشجار والغرس، رفعها  وهوى بها بكل ما يملك من قوة على رأس زوجته التي سقطت على الأرض غارقة في دماءها.

قضت الزوجة دقائق وهي تنزف إلى أن لفظت أنفاسها، فيما جلس الزوج أرضا وأخرج من جيبه سيجارة محشوة بالحشيش " الجوان" وانهمك في تدخينها، وقف بعد ذلك وبحث عن حزام زوجته لفه حول عنقه، وانتحر بفناء غرفة نومه، ليتخلص إلى الأبد من وساوسه وهواجسه.

آخر الأخبار