عندما تتلاشى ضبابية فرنسا بوضوح شركاء المغرب الجدد

الكاتب : الجريدة24

28 أغسطس 2022 - 09:00
الخط :

هشام رماح

حلق المغرب بعيدا عن فرنسا وزمرتها غير عابيء بضبابية مواقفها تجاه قضيته الأولى.. الصحراء المغربية، وبينما جعل من هذه القضية المحدد الأوحد لعلاقاته مع مختلف دول العالم فإنه رسم لنفسه خارطة طريق تغنيه عن تطييب الخواطر وخاصة منها خاطر ساكن قصر الـ"إيليزي"، الذي لم يفقه بعد عقلية المغاربة الأشاوس.

وبمجرد ما تخفف المغرب من الوِزر الفرنسي، رتب لنفسه شراكات مختلفة ومتنوعة مع دول عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمانيا وإسبانيا، تقوم على مبدأ "رابح- رابح"، وهو تأكيد على أن صبره قد عيل من عبء فرنسا التي يختزل وقع اسمها حمولة استعمارية في قلوب ونفوس حرائر وأحرار المغرب.

ولعل الكلمة الترحيبية التي جاءت باللغة الألمانية، واستهل بها ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الإحاطة الإعلامية عقب لقائه بـ"آنالينا بربوك"، وزير الخارجية الألمانية، يوم الخميس 25 غشت 2022، تحتمل رسالة ذات مغزى بليغ بلغ إلى عقول الفرنسيين مفادها أن المغرب تغير ومغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس.

وقرر المغرب تنويع شراكاته بعيدا عن فرنسا في تحرر من العنجهية الفرنسية التي تجد لها وقودا في استدامة تحريها موقفا رماديا من قضية الصحراء المغربية، مدعية أن ذلك شرط للحفاظ على علاقاتها مع دول شمال إفريقيا، غير أن هذه الرؤية لم يعد يستسغيها المغرب البتة وقد وجدها متجاوزة وبائدة، لا تخدم مصالحه بقدر ما تعرقلها.

وبينما هلل النظام الجزائري وأبواقه لزيارة إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا إلى الجارة الشرقية، والتي دامت يومان، بشكل يريدون من خلاله إغاظة المغرب، فقد غاب عنهم أن نظرهم قاصر ومداه قصير لا يتعدى أرنبة الأنف، فهم أظهروا إلى أي حد هم متيمون بالـ"ماما فرنسا" وأنهم متسامحون مع الرجل الذي جزم أمام الجميع باللا تاريخ واللا هوية الجزائرية، وهذا العفو جاء طمعا في وقوفه إلى جانبهم ضد عدوهم الأزلي، لكنهم بذلك جعلوا المغرب يدرك أنه حسنا فعل حينما قرر التحليق بعيدا عن هذه الـ"ماما".

ثم ماذا ربح المغرب من فرنسا؟ لا شيء. لقد اتخذت فرنسا كل المواقف لتضمن لنفسها التسلل إلى المغرب من النافذة بدل طرق الباب وتوطيد العلاقات البينية، وبذلك استأنست إلى كل الألاعيب لتقويض تحرره من التبعية لها، فكما شنت عليه حملة هوجاء فيما يعرف بقضية التجسس ببرمجية "بيغاسوس" عبر السماح لدكاكينها الإعلامية بالهجوم على المغرب، فإنها أعملت ورقة تأشيرة دخول أراضيها والتي سلطتها مثل سوط تريد من خلالها مقارعة المغرب في رؤيته الممتدة إلى أبعد منها.

إن المغرب لم يعد يساوم أحدا كيفما كان حول وحدته الترابية، وهو قرار سيادي جريء لا يستطيعه المثخنون بخطايا الماضي الممسوكة عليهم من قصر الـ"إيليزي" أو المتخمون بالتبعية إلى فرنسا التي تحضنهم متى شاءت وتنهرهم متى شاءت، فهو يرى ما يصلح له وكل هذا ملموس في خلق شراكات مختلفة ومتنوعة مع دول العالم الرحب، حيث الوضوح في العلاقات يجعلها مستدامة وأكثر متانة ونفعية.

آخر الأخبار