إقبال الشباب على الخدمة العسكرية... رسائل إلى من يهمه الأمر

الكاتب : الجريدة24

23 مايو 2019 - 10:20
الخط :

أرقام كبيرة تجاوزت التوقعات سجلتها مصالح القوات المسلحة الملكية على مستوى عدد المتطوعين للخدمة العسكرية. فوفق ما ذكرته وسائل الإعلام وطنية، فإن المعطيات الأولية تفيد بتقديم أزيد من 80 ألف شاب مغربي، من بينهم   24 ألف فتاة.

وبالنظر إلى هذه الطلبات الكثيرة، فقد أمر الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، برفع عدد الفوج الأول من المستدعين إلى الخدمة العسكرية من 10 آلاف إلى 15 ألف مجند، من ضمنهم 1100 شابة، سيتم توزيعهن بين المصالح الاجتماعية بتمارة وكذا ثكنات القوات الجوية والبحرية.

إن هذه الأرقام تعد مؤشرا على العديد من الحقائق، التي يجب الانتباه لها. أبرزها أن الحملات الإعلامية المنظمة، التي رافقت الإعلان لأول مرة عن الخدمة العسكرية الإجبارية حادت عن الصواب، وإن كان من حق الجميع أن يعبر عن رأيه المعارض لأي قرار بشكل موضوعي.

ولعل أبرز ما تم الترويج له هو أن الخدمة العسكرية الإجبارية سوف يتم استغلالها من أجل "ترويض الشباب المعارض سياسيا"، والغريب أن الأرقام التي من بين أيدينا تفيد أن أعداد الراغبين في اجتياز فترة التجنيد في مصالح القوات المسلحة الملكية يفوق التوقعات بل لا يمكن الاستجابة لأكثر من 50 في المائة منها، وهذا الإقبال راجع إلى عدد من الأسباب الموضوعية سوف نعود إليها بالتفصيل.

الأساسي في هذا النقاش المبني على المؤشرات، هو أن عددا من "المعارضين" يتخذون عددا من المواقف دون الأخذ بعين الاعتبار بالتوجه العام السائد داخل المجتمع، بشكل يذكرنا بوثيقة القيادي الاتحادي الراحل المهدي بنبركة التي عدد فيها أخطاء المعارضة، ومن بينها "قيادتها للمعارك بمعزل عن الجماهير". إن هذه الأرقام تبين بشكل واضح أن الدعوات التي أطلقها بعض معارضي الخدمة العسكرية على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب لم يكن لها أي تأثير على أرض الواقع.

لكن في المقابل، فهذا لا يعني مصادرة حق أي طرف في التعبير عن موقفه مهما كان يبدو معزولا أو تعبيرا عن موقف أقلية داخل المجتمع، لاسيما وأن عددا من الفاعلين السياسيين (مع تسجيل أن عددا من النشطاء رفضوها جملة وتفصيلا وطالبوا بالاحتجاج من أجل إسقاطها)، لم يرفضوا الخدمة العسكرية الإجبارية لذاتها وإنما طالبوا أيضا بمنح الشابات والشبان الحق في الاختيار بين التجنيد الإجباري والخدمة المدنية الإجبارية.

يجب التذكير في هذا الإطار، أن المعترض الضميري أو حق الاستنكاف مضمون بموجب القوانين الدولية، والمقصود به هنا كل شخص يطلب حقه في رفض أداء الخدمة العسكرية على أساس حرية الفكر أو الضمير أو الإعاقة أو الدين، وتعويضه بنوع آخر من الخدمة. لكن الدفع بهذا الرأي والنقاش لا يعني أبدا رفض التجنيد الإجباري لاعتبارات غير مبنية على أسس صلبة، من بينها أن الهدف وراء إقراره يتجلى فقط في تضييق الخناق سياسيا على "الشباب المشاكس"، والحال أننا اليوم أمام إقبال من الشباب على الخدمة العسكرية الإجبارية بشكل كبير جدا، ولم تضطر أجهزة الدولة إلى "تجنيد" الشباب بالقوة.

إن هذا الإقبال يرجع إلى أسباب موضوعية، فبالإضافة إلى أنه دليل على تشبث الشباب المغربي بقيم الوطنية، رغم كل ما يقال على هذه الفئة من المجتمع من أحكام جاهزة، فإنه يعود أيضا إلى الرغبة الأكيدة في الاستفادة التكوين الذي تتيحه الخدمة العسكرية والذي من دون شك سيكون قيمة مضافة كبيرة للمجندين في سيرهم الذاتية عندما يرغبون في ولوج سوق الشغل، أو الرغبة في الالتحاق بصفوف الجيش المغربي.

وفي هذا السياق، يذكر أن الخدمة العسكرية، كما أوضح العاهل المغربي، تأتي "وفق برامج تعليمية مدروسة ومتنوعة، تشمل مجالات وتخصصات متعددة، تهدف إلى تنويع المعارف، وصقل المهارات لدى الشباب المغربي، تماشيا مع قيمنا الوطنية الثابتة، ومبادئ الجندية الحقة". وشدد الملك على اليقين بأن الشباب سيستفيدون حتما من مزايا هذا الانخراط الذي سيمنحهم تأهيلا عسكريا نموذجيا، قوامه روح المسؤولية، والاعتماد على النفس، وإذكاء روح الانتماء إلى الوطن؛ علاوة على خبرات تقنية ومهنية تناسب مؤهلاتهم وطموحاتهم، ما سيدعم قدراتهم الذاتية على الإسهام في العطاء والإبداع المنتج لفرص الشغل.

ولهذا جاء في الأمر اليومي الموجه من طرف العاهل المغربي، بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة، بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لتأسيس القوات المسلحة الملكية، أن إعادة العمل بنظام الخدمة العسكرية "يأتي ليتيح الفرصة للشباب المغربي، ذكورا وإناثا، لأداء واجبهم الوطني، ولينهلوا من قيم المؤسسة العسكرية ويدرسوا ويستفيدوا ويعملوا وينتجوا ويفيدوا ويسهموا في نهضة البلد والمجتمع، معتزين بانتمائهم ومغربيتهم، محافظين على أصالتهم وثوابت أمتهم".

آخر الأخبار