بنكيران وهواية "اللايف" في "الويكاند"

الكاتب : الجريدة24

04 فبراير 2019 - 05:00
الخط :

هشام رماح

فعلها عبد الإله ابن كيران وجمع ، يوم السبت الماضي، صحفيين انقادوا طوعا إلى منزله لتمرير رسائله الخاصة وليرضي شغفه ولهفته على الظهور، لكن بدق آخر مسمار في نعش الـ"حرفة" التي تتطلب دربة في مسار البحث عن الحقيقة الضائعة..

ومن غير ابن كيران يقدر على فعلة كهذه في حضور "صحفيين" ظلوا واجمين في عقر دراه وقد اقترفوا في حق صاحبة الجلالة ما لم يخطر على بال، وهو أن يمنح الصحفي للمحاور فرصة لإطلاق الحديث على عواهنه دون أن ينبس الصحفي ببنت شفة أو تند عن فمه آهة.. فكيف إن تعلق الأمر بطرح أسئلة مغلقة ومحرجة تقارع فيها الحجة بالحجة!!.

وفي ضرب لكل الأعراف المتعارف عليها في بلاط صاحبة الجلالة، حل صحفيون بمنزل عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة الأسبق، وفتحوا له المجال للحديث مباشرة وهم "ساكنون" لا يولون على شيء غير الإنصات لحديث في صالون منزله وقد نزلوا عنده بمنزلة المريدين في حضرة شيخهم.

الصحفي عبد للحقيقة والسؤال مطيته لخدمة صاحبة الجلالة، أما الجواب فيحتفظ به لقراء أو مشاهدي المنبر حيث يمارس الـ"حرفة".. لكن الاحتماء بالصمت أمام "سياسي" مثل ابن كيران وفسح المجال أمامه ليطلق كلاما بصرف النظر إن كان صائبا أو طائشا، فذاك ضرب من ضروب فشل الصحافة بالمغرب وإثخانها بطعنة قاتلة لمهنة أصبحت مهنة من لا مهنة له كما لم يعد عصيا أمام اليقين.

اللقاء بعبد الإله ابن كيران، فرصة ولا أروع (كما يدرج على ذلك المعلقون الرياضيون) لماذا؟؟ لأن الرجل أشبه بصندوق أسود يزخر بالعديد من الأسرار التي تحل محل الغنائم التي يسعى إليها الصحفيون.. بما يجعل من اللقاء مناسبة لاستجلاء ما خفي عن القراء والمشاهدين.. لكن أن يتحول اللقاء إلى شبه "إحاطة إعلامية" استفرد فيه رئيس الحكومة السابق بالكلام دون أن يقض جلسته أي صحفي بأي سؤال فإن النتيجة تكون لصالح ابن كيران الذي قاد الصحفيين الضيوف غير مكرهين للتنكيل بـ"جثة" مهنة ماتت ونعيها حرر من لدن المنتسبين إليها.

عطفا على كل هذا، يطرح التساؤل التالي "ما فائدة اللقاء إن لم يكشف ما يعم المغاربة؟"، وهو السؤال المُقولَب على قالب مقولة كاثرين غراهام، مالكة صحيفة "الواشنطن بوست"، التي انتصرت لمهنة الصحافة ولنبل رسالتها حينما واجهت، سنة 1971، تحدي نشر معلومات في منتهى الخطورة عن الحرب التي أعلنتها بلادها في الفيتنام، وهو الموقف الذي حفظه التاريخ لهذه الناشرة/ الصحفية الصلدة وجعله مشاعا للعموم في 2017، فيلم "أوراق البنتاغون" (Pentagon Papers).

الدرس الذي قدمته كاثرين غراهام، التي ووجهت بمخاطر إغلاق الصحيفة العتيدة وكذا السجن، في حال نشرها معلومات كانت تحت يديها، ينبغي أن يدرس لمن حضروا عند ابن كيران ولو أن الاختلاف بين الواقعتين أقرب إلى الائتلاف بينهما، إذ قالت الناشرة  "ما فائدة جريدة لا تنشر ما يهم الأمريكيين؟ لم الحاجة إلى صحافة تخاف سلطة السياسيين في البيت الأبيض وتخلت عن دورها؟ انشروا الأوراق على مسؤوليتي، وغدا إذا أقفل نيكسون هذه الجريدة، أو ذهبنا إلى السجن، فلن يلومنا القارئ على هذا، لكن الجمهور سيلومنا غدا إذا عرف أنه كانت تحت أيدينا معلومات تهم دماء أبنائه وأموال ضرائبه ولم ننشرها".. فهل من متعظ؟؟؟.

آخر الأخبار