لهذا المغرب هدف لحملة هوجاء من مرضى البرلمان الأوربي

هشام رماح
اختار المغرب نهجا مخالفا عما يرتضيه المتربصون به، ولهذا الاختيار ضريبة يؤديها من خلال حملة ممنهجة يشنها ضده محسوبون على أحزاب عنصرية في البرلمان الأوربي، يسوءهم كثيرا أن يروا المملكة نائية عن قطيع الدول التي لا تزال قابعة تحت جنحهم ونظرتهم المتعالية.
اختيار المغرب، ليس ولم يكن بالمرة سهلا، فقد شق طريقا وعرة محفوفة بالأحقاد التي ينثرها فيها أعداء استقلالية القرار والانتصار للمصلحة الوطنية أولا وما يترابط ويتماشى معها ثانيا، لذلك فلا عجب مما يؤتيه الشاردون في البرلمان الأوربي، وما تصدح به الأصوات النشاز فيه، طمعا لإحجام المملكة الشريفة عن انعتقاها وكسرها الأغلال التي لا تزال تغل دولا عديدة.
هناك دول عديدة تحاذي المغرب، وليس للأحزاب المارقة في البرلمان الأوربي، ما تعيبه عليها بل هي ضمن المحظيين الذين يبذل لهم المارقون كل الصمت الذي يدعمهم، بينما يشرعون أفواههم تجاه المملكة الشريفة، لضرب عصفورين بحجر واحد، أولهما لعله يشفي غليلهم وثانيهما يبعث على الطمأنينة للدول "المحظية" كونها تلوذ بشياطين خرساء تسكت عن الحق.
ولا غرو أن المغرب يضر الكثيرين، فكل ما أتيحت بارقة أو طاقة أمام هؤلاء، يرمون بسهامهم منها عليه، رافعين لذلك شعارات الحرية ومنددين بما يصفونه بالتضييق على صحافيين أمثال عمر الراضي، والحال أنه توبع بالقانون الجنائي الذي يتساوى أمامه الجميع، ولا مجال للأفضلية فيه بناء على الصفة، فأن تكون مغتصبا ومنتهكا لحرمة مواطن آخر، لا يعفي في المغرب من المتابعة، وذلك ما لقيه عمر الراضي.
وبخلاف الانتقادات التي يرصفها المرضى بالمغرب، تجدهم يغضون الطرف ويصرفون النظر عن كل ما تقترفه أنظمة معيبة شكلا ومضمونا، ومقيتة في المبنى والمعنى، فلا تشكل لهم الجزائر وفظائع نظامها العسكري، لافتة تجر انتباههم، ولا يرمون لنهر قيس سعيد، الديكتاتور التونسي، عما يجترحه ويقترفه في حق شعبه الذي قاد "ثورة الياسمين".
وما دامت الجزائر وتونس بنظاميهما، لا يعصيان أمرا ولا يبغيان الابتعاد عن القطيع الذي يقوده مرضى البرلمان الأوربي، فلن يجدا إلا ما يرضيهما من تغاض وصمت مريب يخدم أجندات المتحكمين في رقابهم قبلهم، بينما يرزح المغرب تحت ثقل الانتقائية التي يتعامل بها أعداؤه، في برلمان القارة العجوز، وهم يشنون عليه حملات ممنهجة تروم النيل منه، ولن تستطيع.
لقد اختار المغرب خياره، ولم يدخل في ذلك أطرافا خارجية تملي عليه ما يفعل، وإن كنت مستقلا مالكا لقرارك فإن ذلك لا يرضي الأعداء، وهو أمر تعيه المملكة جيدا، بشكل جعلها لا تلتفت إليه ما دام دخل في حكم المعتاد.. فطوبى للمغرب بما اختار وكل الوبال لمن ينازعونه حقه في الاختيار.