بعد "مالي" و"بوركينا فاسو".. هكذا أصبحت فرنسا منبوذة في إفريقيا

هشام رماح
رغم رحابتها ضاقت إفريقيا ذرعا بفرنسا، فأصبح هذا البلد الأوربي، غير مرغوب فيه بالمرة بين ظهراني الأفارقة، وهو يتلقى صفعات متتالية وموجعة، ويرى المشاعر المعادية له تنمو يوما بعد يوم.
فرنسا لم تعد محل ترحيب في "بوركينا فاسو" الدولة الواقعة في منطقة الساحل الأفريقي، والتي طلبت من قواتها المتواجدة في البلاد الانسحاب، وهو ما يعكس ضربة قاسية لما تراه فرنسا "هيبة" لها، كما ينم عن تدهور مشهود في علاقات هذا البلد الاستعماري مع العديد من بلدان القارة السمراء.
وتلاشت "هيبة" فرنسا ورمزيتها لدى العديد من الدول الإفريقية، في ظل التحولات التي تعرفها خاصة في منطقة الساحل الإفريقي، فها هي تجد نفسها مطرودة من "بوركينا فاسو"، بعدما فاقمت السياسة الماكرونية من الشعور بالعداء تجاهها، وقد تبدى للشعب البوركينابي، أن القوات الفرنسية أضحت عبئا لا يطاق، وأن تواجدها في البلاد لا يخدمهم بقدر ما يخدم مصالح بلد لا يزال يتشبث بعقلية استعمارية بائدة.
وينسجم الوضع في "بوركينا فاسو" مع نظيره في "مالي" التي أيضا، كانت طالبت بإنهاء التواجد الفرنسي فيها، والذي طال منذ تدخلها عسكريا بدعوى محاربة الإرهاب والإرهابيين، مستهل 2013، عبر ما عرف حينها بعملية "سيرفال" التي تحولت في 2014، إلى عملية "بارخان"، والتي لم تؤت أكلها، وزادت في معاناة الماليين لا غير.
لقد سبقت "مالي" في المطالبة بمغادرة الجيش الفرنسي لأراضيها، وهو ما تم شهر نونبر 2022، ليأتي الدور، الآن، على "بوركينا فاسو"، التي استشعرت عدم جدوى الحضور الفرنسي، وطلبت التخلص منه نهائيا، بما يحيل على أن البلاد التي يرأسها "إيمانويل ماكرون"، لم تعد محل ترحيب البتة.
اللافت، أن فرنسا التي يسحب البسط من تحت أقدامها في إفريقيا، قد أصبحت حديث القاصي والداني، بفعل سياساتها التي تذكي العداء وتشعل الفتن داخل وبين العديد من البلدان الإفريقية، فقد انبرى "سيرغي لافروف" وزير الخارجية الروسي، إلى اتهامها صراحة خلال مؤتمر صحفي مشترك مع "تولي دولادلا"، وزيرة خارجية مملكة "إسواتيني"، أول أمس الثلاثاء، في العاصمة "مبابان"، بدعم الإرهاب في إفريقيا ككل.
وقال "لافروف"، إبان جولته الإفريقية، إن "فرنسا تدعم الإرهابيين في ليبيا، وبفعلتها هذه تكون قد عززت الإرهاب في إفريقيا"، مضيفا "كان لفرنسا دور مهم في الهجوم على ليبيا الذي أدى إلى انهيار الدولة. ومن خلال دعمها للإرهابيين في ليبيا، عززت الإرهاب الذي لا يزال يلاحظ في إفريقيا".
وكانت فرنسا قد غذت الشعور المعادي لها في العديد من البلدان بفعل تبنيها فكرا وخطابا سياسيا يستمد أصوله من حنين جارف إلى الماضي الاستعماري الأسود لبلد، خنق البلدان التي اجتاحها وأركع سكانها حتى يعيش على مآسيهم، وخلفوا فيهم أمارات وندوب لا تندمل، تترجم سجلا حافلا من الإجرام الفرنسي في حق الشعوب المستضعفة.
لكل هذا فالأفارقة تباعا يقولون إنهم ضاقوا ذرعا بفرنسا، التي استطابت التلاعب، إلا أن استفاقت على صحوة انطلقت من "مالي" وتلتها "بوركينافاسو" في انتظار "النيجر" ثم "تشاد" والبقية تأتي.