بين سعد لمجرد وعمر الراضي.. تنكشف ازدواجية مواقف فرنسا من العدالة

الكاتب : الجريدة24

25 فبراير 2023 - 11:30
الخط :

بين سعد لمجرد وعمر الراضي.. تنكشف ازدواجية مواقف فرنسا من العدالة

هشام رماح

رغم الاختلاف الذي يجمع بين قضيتي سعد لمجرد مغني الـ"بوب" وعمر الراضي، الصحفي "الخفيف"، كونهما تتعلقان معا بالاغتصاب والاعتداء الجنسي، إلا أن الإعلام الفرنسي والدولة العميقة التي تتحكم فيه هناك، ينظران إلى القضيتين بمنظار مختلف، ينم عن شرود فرنسي عميق عن دائرة صون الحقوق وحماية الأفراد، كما تدعي الجمهورية في شعارها.

في فرنسا المتيمة بالتفاخر بقضائها، الكل يهلل لحماية "لورا بريول"، التي يرونها ضحية لسعد لمجرد، بشكل يستوجب القصاص منه، فلا أحد هناك يماري في حماية حقوق الضحية في مواجهة مغني الـ"بوب" الذي ألبسوه رداء "الجلاد" وتربصوا له إلى حين تقرير سجنه ست سنوات سجنا نافذا في انتظار الاستئناف.

لكن في فرنسا نفسها، يصدع الإعلام الفرنسي العالمين بمحاولة التدخل في شؤون القضاء المغربي الذي اقتص من الصحفي "الخفيف" عمر الراضي، لأنه اغتصب واعتدى جنسيا على زميلة له في مقر عملهما.. فهل "لورا بريول" أسمى مرتبة بين البشر وضحية عمر الراضي أدنى منها حتى تنال كل هذا الاستخفاف بحقوقها؟

ويبدو أن الإعلام الفرنسي المشحون بدعم منظمة العفو الدولية وائتلاف "قصص محرمة" ومن لدن الدولة العميقة في الجمهورية التي تحن لزمن الاستعمار الذي ولى، لا يقيم وزنا للعدل والمساواة في شيء، فهو يفاضل بلا حشمة بين "لورا بريول" التي ادعت أنها تعرضت للاغتصاب من لدن سعد لمجرد في أكتوبر 2016، وانتصروا لها، لكن ضحية عمر الراضي، لم يعتبروا لها وجودا وأنكروا حقها في الاستشفاء وهي ترى يد العدالة تقتص من الجاني.

وإذ يقال إن العدالة عمياء، فإن هكذا قول لا يردده الفرنسيون دوما، ويتبنونه متى كان سالكا معهم، فبينما ينظرون إلى سعد لمجرد كمذنب يلزم الاقتصاص منه من قضاء فرنسا "العادل"، يرون في نفس الوقت أن قضاء المغرب "غير عادل" لأنه اقتص من شخص أجرم في حق مواطنة له ضمن ما يعرف بجرائم الحق العام، والسبب أن هذا الشخص ليس سوى مندس خائن لعهد الوطن، وحامل لرسال خصوم هذا الوطن الذين يتربصون به الدوائر.

وكانت فرنسا أعملت كل جهدها لتقويض المغرب عن تمتين روابطه مع أشقائه الأفارقة، وأعملت لذلك كل السبل القذرة، لثنيه عن ذلك ومنها ورقة حرية التعبير وحقوق الإنسان، ودفعت حتى يتبنى البرلمان الأوربي في 19 يناير 2023، توصية غير ملزمة تمثل تدخلا مقيتا في القضاء المغربي، بعدما لم تقم اعتبارا لأحكامه التي انتصر فيها لضحايا جناة جرى إيداعهم السجن بصرف النظر عن صفاتهم، ولأن لا أحد فوق القانون في دولة الحق والقانون والمؤسسات.

ولا ريب بأن الازدواجية الفرنسية في المواقف، سافرة في مجمل الأحدث والوقائع التي تنتظر من الفرنسيين الحسم مع أي جهة هم؟ فهم يستحلون كل الخطايا ما دام يؤتيها من يخدم مصالحهم في المغرب، فيصنفون عمر الراضي، صحفيا مناضلا سقط ضحية أفكاره، رغم أن ما أودى به إلى السجن ليس غير شبقيته وجنونه الجنسي الذي جعله ينهش لحم زميلته دون أن يطرف له جفن.

الآن لا حديث في فرنسا سوى عن قضية سعد لمجرد، وليس المغرب ولا مؤسساته بمثل غباء فرنسا، حتى يحشر أنفه في حيثيات ما يقرره القضاء هناك، فللقاضي أينما تعين، السلطة التقديرية ليكيف العقوبات وفق التهم والقرائن التي توضع أمامه، لكن أيضا المغرب لا يسمح لأحد أن يتدخل في شؤون قضائه المستقل، ولا يرضى أن يملي عليه حربائيون ما يرونه صالحا لهم.

فعلا بين قضيتي سعد لمجرد وعمر الراضي ينكشف المفهوم الحقيقي للعدالة عند فرنسا.

آخر الأخبار