عندما يعوم "إيمانويل ماكرون" السمكة محاولا تلطيف الأجواء مع المغرب

الكاتب : الجريدة24

28 فبراير 2023 - 02:00
الخط :

هشام رماح

مرة أخرى أخفق"إيمانويل ماكرون"، الرئيس الفرنسي، في تحري الموضوعية وقد بدا خارج السياق الذي يطبع حاليا العلاقات بين المملكة المغربية وبلاده، فكما أنه حاول التقليل من حجم الخلاف القائم بين البلدين، معتبرا، في مؤتمر صحفي، انعقد أمس الاثنين 27 فبراير 2023 بقصر الـ"إيليزي"، أن الطوارئ الحالية ليست غير سحابة صيف عابرة، أظهر للجميع أنه يجيد تعويم السمكة لا غير، ويتجاهل دوما التطرق إلى جوهر الأمور.

وبينما لا يزال الشد والجذب مستمرا بين المغرب وفرنسا فإن ساكن الـ"إيليزي"، تبنى نبرة مغايرة وهو يتطرق إلى المغرب، مبديا رغبته في المضي قدما معه، وبالتالي تلطيف الأجواء بينهما، دون أن يعرج على القضية الأهم التي تعد عقدة المشاكل كلها، وهي القضية الأولى للمغاربة، والتي لا تقبل المملكة الشريفة أي مساومة أو تلاعب بشأنها.

وإذ لا يغيب عن ذهن وخاطر "إيمانويل ماكرون"، أن المغرب حاسم في موقفه الشرعي وفي تعاطيه مع كل دول العالم بناء على موقفها من قضية الصحراء المغربية، فإنه تحاشى الخوض في مسببات الأزمة التي تفرق حاليا بين بلاده والمغرب، متحريا لازمة الكسالى "كم حاجة قضيناها بتركها،" وهو يستعرض استراتيجية بلاده في القارة السمراء، وهو أمر لم ولن ينطلي على مملكة واضحة في مواقفها ولا تشترط غير الوضوح من الطرف الآخر.

وقد يوافق البعض "إيمانويل ماكرون" في طرحه الرامي لإطفاء جذوة الخلاف بين البلدين، وهو يعدد ما يجمع البلدين قبل أن يفرقهما، لكنه ورغم ذلك، لم يضع الأصبع على الجرح الذي تسببت فيه فرنسا بحربائيتها وتعاملها مع ملف وجودي، تعتبره المملكة الشريفة محددا لعلاقاتها، وهو أمر كان صرح به الملك محمد السادس، علانية وصراحة في خطاباته السامية، وقد أنذر الجميع بأن القابعين في المناطق الرمادية، لن تبالي بهم المملكة ولن تعتبر بالعلاقات معهم ما لم يغادروها.

لذلك، يمكن الجزم بأن "إيمانويل ماكرون" استسهل الحديث حول بعض ما يراها أسبابا فاقمت الأوضاع بين المغرب وفرنسا، وحاول أن يذر الرماد في العيون، عبر الإشارة إلى بعض ملامح الأزمة مدعيا أن هناك من يتربص الدوائر ببلاده عبر اتهامها بتأليب البرلمان الأوربي على المغرب، وما أسفر عنه من إصدار لتوصية غير ملزمة منه للمملكة بشأن حرية التعبير واحترام حقوق الإنسان في 19 يناير الماضي، ومدافعا عن براءة بلاده من كونها المحفز للهجوم على المغرب بمطية برمجية "بيغاسوس"، لكنه وقبل كل هذا تمترس حول الدفع بالود الذي يطبع العلاقة الشخصية التي تجمعه بالملك محمد السادس.

وحتى إن أبدى "إيمانويل ماكرون" طمعه في تحويل الخلاف إلى محفز لبناء شراكة ثنائية مع المغرب، بالقول إن العلاقة بين المغرب وفرنسا لا تمر بأزهى فتراتها، وبأنه مستعد للمضي قدما نحو طي صفحة الخلاف، إلا أنه لم يتخلص بعد من تعاليه وعجرفته في التعاطي مع مثل هكذا قضايا، وهو يتجنب التطرق إلى لب الأشياء وتبني مقاربة سطحية، تعتمد على الكلام لعله يقضي أمرا يتطلب منه الكثير من الوضوح، حتى يستقيم.

آخر الأخبار