مهن تقاوم: "الرابوز" ... يكابد حرفيوه من أجل إبقائه بالمطبخ المغربي

أمينة المستاري
يكابد حرفيو مجموعة من الحرف اليدوية المغربية الأصيلة التي لها امتداد في التاريخ منها "المنفاخ" أو "الرابوز" أو "الكير"، الذي لم يكن بيت مغربي يخلو منه، لكن مع تطور أسلوب ونمط عيش المغاربة بدأ يختفي تدريجيا، لكن ورغم ذلك يحاول حرفيون ورثوا الحرفة من الأجداد الإبقاء عليه ومقاومة اندثاره ومنحه استمرارية، بإتقان صنعته وإدخال تحسينات على "الرابوز" الذي عهدناه.
على بساطته، كان الرابوز ضروريا في المطبخ المغربي، كأداة يدوية أساسية لاسيما في الأعياد والمناسبات، تحرص ربات البيوت على اقتنائه، وهناك من يقتني "الرابوز" كديكور يضفي جمالية على المطبخ.
الرابوز...اشتهرت مدينة تينغير بصناعته على المستوى الوطني، ورغم أفول نجم مجموعة من الحرفيين القدماء، يحرص مجموعة من أحفادهم على التشبث بحرفة تعلموها في صغرهم، ويقاومون بكل السبل للحيلولة دون اندثاره في ظل دخول أدوات عصرية إلى المطبخ المغربي من قبيل الشواية الكهربائية... التي أجهزت إذا صح التعبير استعمال "المجمار" في مجموعة من المنازل، كما يقاوم الحرفيون من أجل بقائه من خلال "التفنن" في صنعه وإتقانه، ومحاولة حث الشباب على تعلمه.
حسن حطوشي، 56 سنة، هو أحد مهنيي وحرفيي تينغير ويتحدر من قبيلة أيت الحاج علي المعروف بآيت حطوش. تعلم المعلم حسن الحرفة في سن 16 ومنذ ذلك الوقت وهو يتفنن في صناعة الرابوز، بعد أن ورث المهنة عن والده الذي ورثها بدوره عن أجداده.
عن أصل صناعة الرابوز، يذكر حسن أن والده حكى له يوما قصة ذهاب شخص من تينغير إلى منطقة دمنات فوجد أهلها يصنعون الرابوز، فأقام بينهم مدة تعلم فيها الصنعة ثم عاد إلى تينغير وعلم بعض أهلها، حيث عرفت ثلاثة قبائل بصناعته وهي: تكمارت، إمزيل، وآيت الحاج علي...ومع الوقت عرفت تينغير بصناعة الرابوز، وما يزال بها حوالي 10 معلمين حرفيين يصنعونه، أكبرهم يبلغ سن 73 سنة، فيما توفي آخر قبل حوالي سنة.
"تراجعت الحرفة يوما بعد يوم يوم، لم يعد الطلب عليه كبيرا، نحن الآن 10 حرفيين صنايعية، أكبرنا في سن 73 سنة، تعلم ابني وأبناء أخي، لكنهم لا يعملون لغياب الطلب على الرابوز، رغم أننا نحاول تطويره وإدخال تغييرات عليه، فقد كان الرابوز تقليديا لكننا أصبحنا نضيف إليه لمسات كوضع الصور الشخصية، الساعات صور تينغير ...من أجل استعماله في ديكور المنازل، كما نصنع أشكالا أخرى للاستعمال في عيد الأضحى وهي الفترة التي تعرف انتعاشة قبل أن تعود الحالة إلى وضعها العادي ويقل الطلب".
واقع مؤسف يحكيه حسن في كلمات، فالحرفة سائرة إلى الزوال، بعد أن دخلت الآلات العصرية المستعملة في الشواء المطبخ المغربي، ويأمل حسن وزملاؤه أن يفتتح مجمع الصناعة التقليدية بالمدينة حتى يتمكنوا من تحريك "العجلة" واستقطاب المعلمين الشباب الذين تعلموا الحرفة وتركوها بسبب غياب الإقبال عليها وقلة مدخولها، إضافة إلى أن مجموعة من الفتيات تعلمن الحرفة لكنهن وبمجرد زواجهن ينصرفن عنها،
لحسن حطوشي خبرة طويله تناهز 40 سنة من العمل، وسبق له أن صنع أكبر "رابوز" سنة 2016 طوله أربعة أمتار، وذلك في محاولة للتعريف بالصنعة التي تكابد من أجل البقاء في عالم اكتسحت الآلات الكهربائية المطبخ المغربي.