قتلة الأصول... تدخلت لفض نزاع ابنيها فقتلها أحدهما

الكاتب : الجريدة24

29 يونيو 2023 - 09:00
الخط :

فاس: رضا حمد الله

الساعة تشير إلى الثالثة صباحا، وهو ما يزال في غرفته تارة يتجول في العالم الافتراضي بحثا عن فيديوهات للتسلية، وفي أخرى يجول بين قنوات التلفاز بحثا عن فيلم أو مسلسلا. كان مولعا بالسينما ومشاهدة الأفلام أجنبية كانت أو مغربية، ولا يكاد ينهي فيلما في التلفاز، حتى يمسك بهاتفه ويبحث عن آخر يسلي نفسه بمشاهدته.

كان يقضي الليل على تلك الحالة، ولا ينام إلا بعد الفجر، ليقضي النهار كله نائما. تلك يومياته لا تختلف إلا في جزئيات بسيطة. لم يكن مدمنا على مخدرات ولا خمر، بل على أفلام تستنزف مشاهدتها الجزء الطويل من يومياته. هذا الأمر لم يكن يرضي أمه السبعبنية وشقيقه الأكبر على مشارف الخمسينات من عمرو. مرارا نصحاها بالكف عن هذه العادة والخروج نهارا بحثا عن عمل يساعد بمدخوله الأسرة على مصاريف أنهكت أخاه.

لم يكن الابن الاصغر يهتم بعتاب أحد، يريد أن يعيش حياته كما يحلو له ويتيسر. ويرفض التدخل في أموره الشخصية، وحتى نصائح الأم لم يكترث بها. كانت تشجعه على العمل ووقف هذه العادة التي تزيد من مصاريف العائلة أمام ضخامة مبالغ فواتير استهلاك الكهرباء كل شهر. وهذا دافع لغضب أخيه طالما اصطدما بسببه.

في تلك الليلة توجه الأخ الأكبر للمرحاض، والتفت لغرفة أخيه. كانت ما تزال مضاءة في تلك الساعة، وصوت التلفاز مسموع. رسم دقات خفيفة على الباب واستأذنه الأخ بالدخول. وكذلك فعل. وقف بمدخل الغرفة وهو يكلم أخاه وينهاه.

- أخي أتعلم أن فاتورة الكهرباء غالية وتنهك جيبي وتقلص حجم مصروف العائلة. رجاء أقف تشغيل التلفاز على الأقل.

نظر إليه نظرة استغراب، وابتسم بسخرية بطريقة لم ترق الأخ الغاضب من عادة سيئة لم يكلف أخوه نفسه عناء التخلص منها. هذا التصرف رفع منسوب الغضب لدى الأخ الذي رفع صوته بحدة وهو يسبه ويعاتبه. صراخه ورد الأخ الأصغر، أفاق أمهما خرجت مهرولة في اتجاههما. كانا ما يزالان يتلاسنان ويتبادلان السب بكلمات نابية.

حاولت عبثا تهدئة روعهما بجر الأكبر أملا في إقناعه بالدخول لغرفته لينام وتحاشي وقوع الأسوء. لكن كان جدوى. الاخ الأكبر مصر على ضرب أخيه، وذاك ما وقع. صفعه وركله بشكل سقط إثره أرضا. وبنهوضه توجه مباشرة للمطبخ حيث تناول سكينا صغيرا وعاد لينازل شقيقه في "حرب" غير متكافئة.

لم يصبه رغم محاولته، كان يتحاشى الضربات للرجوع إلى الخلف. أما الأم فكانت بين نارين عاجزة عن فعل شيء غير محاولة فض نزاعهما بالترغيب. كانت تدخل بينهما أثناء تدافعهما في محاولة لإبعادهما عن بعضهما. لكن ضربة سكين ستصيبها خطئا في صدرها   لتسقط أرضا. ولقوة سقوطها ارتطم رأسها مع الأرض بشكل فقدت إثره وعيها.

سقوط الأم زاد من غضب الأخ الأكبر. فانقض على أخيه، لكنه تحاشى لكمته، ليوجه له ضربة مباغثة بالسكين صدها بيده، قبل أن يفر هاربا إلى خارج المنزل. الابن الأكبر تحسس أطراف أمه واكتشف عدم تجاوبها.

- ماتت أمي

صاح بذلك وهو باك وزاد منسوب صراخه بشكل استفاق معه الجيران تجمعوا لاستطلاع الأمر. جميعهم صدموا لما وقع. وبعضهم ربط الاتصال بمصالح الأمن التي حضرت وعاينت الجثة وصورتها وأنجزت محضرا بذلك، قبل نقلها لمستودع الأموات بالمستشفى. المستشفى نفسه استقبل ابنها الأكبر مصابا، فيما الجاني كان قد فر لوجهة مجهولة.

لم يطل فراره طويلا، ففي الصباح سلم نفسه لمصالح الأمن بالدائرة الأمنية. احتفظت به رهن الحراسة النظرية واستنطقته واستمعت إليه في محضر. لم ينكر ولا تملص من مسؤوليته، كان يبكي بحرقة ويجفف دموعه لمواصلة الجواب على أسئلة ضابط الشرطة. بدا نادما وقتما لا ينفع الندم. سيضيع سنينا من عمره وراء القضبان بعدما أضاع أمه واجهض حقها في الحياة.

آخر الأخبار