مهن تقاوم: الحصير...حرفة تقاوم حصار " الشينوا"

الكاتب : الجريدة24

08 مايو 2024 - 05:00
الخط :

أمينة المستاري

 كانت الحصير تشكل فراشا "بيو" أساسيا داخل البيوت المغربية والمساجد أو أماكن الاحتفالات كالأعراس والمصليات...درس عليه الكثيرون داخل المسيد والمساجد، هي فن عريق حافظ على خاصية فريدة سواء من حيث طريقة الإنجاز أو المواد المستعملة الشعر والسمار المضفور، اعتبرت ذات قيمة تاريخية وتراثية، تجمع في طياتها مزيجا من الفنون الصحراوية والعربية والأمازيغية...

تلقى هذه الحرفة المتأصلة مصير مجموعة من الحرف، فهي أصبحت في "قاعة الإنعاش" مهددة بالزوال، بعد أن أعرض عنها الشباب ووفاة المعلمين القدامى، وأصابها "الحصير البلاستيكي" في مقتل، ولم يعد الطلب عليها إلا في فترات معينة، ومن طرف زبناء معينين خاصة اليهود الذين يقدمون طلباتهم ويقتنون كميات منها يحملونها إلى بلدان إقامتهم.......

بجماعة سيدي وساي وبالضبط "ثلاث أنكارف"بماسة إقليم اشتوكة، التي عرفت بصناعة الحصير التقليدي العريق، إضافة إلى مجموعة من الجماعات بالإقليم، ما يزال بعض الصناع الذين تعلموا الحرفة على يد آبائهم أو المعلمين القدامى يعملون في الميدان، ويحاولون جاهدين الإبقاء على الصنعة رغم المداخيل البسيطة التي تدرها عليهم، فيما هجرها البعض الآخر بحثا عن عمل يضمن لقمة عيشهم.

جوليد موليد، حرفي أربعيني، تعلم الصنعة في سن 8 من عمره على يد أبيه، فالأسر بالمنطقة كانت تمارس الحرفة شبابا وشيوخا، وكان الطلب مرتفعا على "الحصير"، يحكي عن أيام الزمن الجميل، حين كانت كل الأسر تعمل في بفضاءات داخل بيوتها، والاستعمالات الكثيرة للحصير في الحياة اليومية، أيام "العز".

"تعلمت الحرفة مع الوالد وهو الآن في عقده الثامن ويساعدني في تلقي الطلبات، كنا أنا وإخوتي وأبناء الأعمام والأقارب نتعلم الحرفة ونعمل بجد، فقد كان الطلب كثيرا عليها، لكن الآن ننتظر مدة قبل أن يأتي زبون...يمكن ليا نوجد حصيرة ديال 10 متر في اليوم، بمساعدة شخص آخر طبعا لأن هذا العمل يتطلب شخصين، وكان المتر الواحد بـ40 حتى 50 درهما".

 يتحسر جوليد على زمن مضى: " كان الدوار بأكمله يقوم بصناعة الحصير المطلوب بكثرة في البيوت والمساجد، وكانت أسواق معروفة تستقبل المنتوج الذي يوزع على الصعيد الوطني، وقديما كان الراغبون في العمل يقفون على باب المعلم لطلب العمل، لكن الآن المعلمين الكبار ماتوا، والشباب عازف عن التعلم وممارسة الحرفة لأنها "ماكتوكلش الخبز"، والشباب بالخصوص لم يعد يرغب في تعلم الصنعة بسبب التكنولوجيا الحديثة وولعه بها حيث يفضل قضاء الوقت في تصفحها عوض تعلم صنعة."

يضيف الصانع الأربعيني: " كان للحصايري أهمية كبيرة لتوفيره فراشا ضروريا، ومادة تستعمل في تسقيف البيوت لكن ومع نهاية التسعينيات تراجع الطلب على الحصير، ولم تعد صناعته رائجة لعوامل عدة كقلة المواد الأساسية المستعملة، ونضوب الأنهار وقلة الأمطار التي أثرت على المادة الأساسية المستعملة "السمار"، ووفاة مجموعة من المعلمين المعروفين، وعزوف الشباب عن تعلم الحرفة لقلة مدخولها والطلب عليها ومشاكل التسويق، إضافة إلى دخول المكننة وغزو الحصير البلاستيكي الذي فرضته الشينوا، وحاليا تأتينا طلبيات من أهل مراكش والصويرة الذين يصنعون به القفف..".

وعن طريقة صناعة الحصير يقول جوليد موليد: "المادة الأساسية هي السمار وسعف الدوم المفتول "الجريد" الذي يفتل على شكل حبال ...هما مكونين عشبيين استعملا منذ القديم في الحصير، يتم استعمالها في تسقيف المنازل...نعمل بواسطة "تيفكيكت" و"المنزار" وعملية صنعها تشبه في جوانب عملية  النسيج في "الدرازة".

يتأسف الحصايري الأربعيني لحال الحرفة التي قلت موادها الأساسية بفعل الجفاف، إضافة للعوامل الأخرى: " خرجت الحصير من الضروري والحاجي إلى مجال التأثيث داخل السيارات أو الديكور فوق الجدران أو على الموائد في بعض الفنادق والمآوي السياحية، ونأمل أن تقوم وزارة الفلاحة بتشجيع الفلاحين على زراعة السمار في بحيرات لكونها مادة أولية مهمة، حتى يعود وهج الحصير الذي له مجموعة من الخاصيات التي تختفي في الحصير البلاستيكي، وحتى يعود الشباب لتعلم الحرفة التي ورثوها أبا عن جد."

آخر الأخبار