قصة السبعة رجال: الجزولي..طرده الحكام واحتضنه العوام

قصة السبعة رجال: الجزولي..طرده الحكام واحتضنه العوام
أمينة المستاري
مراكش مدينة "سبعة رجال" ومملكة الأنبياء...اعتبرت مدفن مجموعة من الفقهاء والصالحين، استطاعوا من بين المئات من الصالحين أن يفرضوا تواجدهم، حيث يقال بمراكش أن " كل قدم بولي" دليلا على المئات من الأولياء، وكاد كل حي يرتبط باسم ولي صالح.
أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن سليمان السملالي الجزولي المتحدر من سوس، هو أحد الصلحاء الذين ذاع صيتهم في المشرق والمغرب، ومؤلف كتاب "دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار".
كان مولده بمدشر"تانكرت" في سوس، لا يعرف بالضبط سنة ازدياده لكن الأكيد أنه ولد في القرن 15، ترعرع بها وعند بلوغه مرحلة الشباب يتوجه إلى فاس، حيث كانت سوس تعرف نزاعات داخلية وترفض الخضوع لسلطة المخزن،
ودرس بالقروينن قبل أن ينزل بمدرسة الصفارين، هناك عاش حياة العزلة منغلقا على نفسه كانت بداية زهده ، قبل أن يسافر إلى المشرق طلبا للعلم ويعود بعد 7 سنوات إلى فاس، هناك ألف كتاب "دلائل الخيرات".
تتلمذ على يد الشيخ أمغار الصغير نزيل رباط تيط وهي قرية بساحل أزمور. بعد مدة قرر القيام بالخلوة التي ودامت 14 سنة، خرج بعدها إلى الناس داعيا مرشدا، وتميزت طريقته بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كتابه "دليل الخيرات" إلا ترسيخ لطريقته وإقامة لمنهجها، يركز على تبجيل وتعظيم النبي وعلى التنبيه للدور الذي قام به الرسول في إشاعة هذا الدين الحنيف.
كان انتقاله إلى مدينة أسفي بداية لمتاعبه، فهناك برز نفوذه الروحي، بعد أن لمس لدى أهلها استعداد لتقبل طريقته ولكون المنطقة ذات تاريخ عميق في التصوف وتقديس الأولياء،
وحمل الهياكل السياسية والدينية مسؤولية ما يعانيه المغاربة من محن، بعد أن عجز الحكام عن الدود عن الثغور والفقهاء عن الدفاع عن دينهم وإحياء تعاليمه.
احتضن الجزولي المقاومة المسلحة والشعبية ضد المستعمر، فكان العقل المدبر والمخطط لمجموعة من عمليات المقاومة.
ومع مرور الوقت تكاثر أتباعه مما جعل السلطات المرينية تتضايق منه، فأمره الوالي بمغادرة أسفي، نفس الموقف صادفه في مجموعة من المدن التي انتقل إليها، تضاعف مريدوه مع دخول الاستعمار البرتغالي والإسباني، وبعد رحيله إلى ماسة بسوس لقي نفس الوضع،
وأجبر على مغادرتها فلم يكن منه إلا التوجه إلى أفوغال بالشياظمة...ولإسكاته لم يكن للمتربصين به سوى قتله بالسم. وبعد موته تعددت أماكن دفنه، حيث جاء في كتاب الجنبوبي أنه دفن أول الأمر في تاصورت، وتافوغالت، قبل أن يدفن بمراكش.
و جاء في كتاب "الاستقصا" للناصري أن أحد أتباع الجزولي "عمرو بن سليمان الشيظمي المغيطي الملقب ب"المريدي" قرر الثأر من الذين سمموا شيخه الجزولي، وقاد الجيوش لمدة حوالي 20 سنة،
وفي كل معركة كان يحمل تابوت شيخه المغدور في مقدمة الجيش تبركا به، كما كان مريدوا الجزولي يحملون معهم كتابه "دلائل الخيرات" في محافظهم كلما توجهوا إلى معركة، يستنصرون به.
وعند تولي أبو العباس أحمد السعدي، قام بحفر قبر بمراكش ودفن جثمان الشيخ الجزولي بحي رياض العروس، وبنى عليه حائطا سميكا حتى لا ينبش أتباعه قبره.