نساء خالدات: الأمازيغية التي أصبحت السيدة الأولى في دولة المرابطين

الكاتب : الجريدة24

22 أبريل 2023 - 11:30
الخط :

 أمينة المستاري

يزخر الجنوب المغربي بأعلام النساء اللائي طواهن النسيان، عبر التاريخ، فمنهن الأميرات والفقيهات والروحانيات والمتصوفات والزاهدات والأديبات والشاعرات والمؤسسات للمدارس العلمية ومشيدات للمعاهد الدينية منذقرون.

هن نساء نلن مقاما مميزا في مجتمعاتهن، فأكرمن الفقراء والطلبة وحضين بإكرام الناس لهن بعد مماتهن، بل وحضين باهتمام الكتاب والمترجمين لاسيما العلامة المختار السوسي الذي ذكر مجموعة منهن في كتابه المعسول، والعلامة الحضيكي.....

من النساء الخالدات بسوس زينب بنت اسحاق النفزاوية ، الملقبة ب"زوجة السلاطين"، التي قال عنها ابن خلدون: "كانت إحدى نساء العالم المشهورات بالجمال والرياسة". هذه الشخصية القوية، الأميرة الحكيمة التي كان لها دور كبير في فترة حكم الدولة المرابطية.

تحكي المصادر التاريخية أن زينب كانت تحلم بالزواج من حاكم أو صاحب سلطة...فتزوجت فعلا بمجموعة من الحكام آخرهم حاكم دولة المرابطين يوسف بن تاشفين، الذي أقنعته بتأسيس مدينة مراكش، بل وكان لها رأي في شؤون الدولة.

هي زينب بنت اسحاق الهواري أحد تجار القيروان، تتحدر من قبيلة " نفزة" الأمازيغية عرفت بجمالها منذ صغرها، وازدادت جمالا في شبابها. استقرت مع والدها بمدينة أغمات بضواحي مراكش، بعد أن أصبح من أشهر تجار بالمنطقة.

مكنت البيئة التي تربت فيها زينب من أن تصبح ملمة بالشؤون التجارية والساسية، فكانت محط انتباه الرجال وعرض عليها الزواج مرات عديدة لكنها كانت ترفض في كل مرة، لقناعتها أنها لن تكون زوجة إلا لشخص له نفوذ ولما لا حاكم البلاد...رغبة جعلتها تتعرض للهجوم من طرف سكان المدينة الذين اعتبروها ساحرة تمارش الشعوذة للحصول على زوج بمواصفاتها.

تزوجت زينب يوسف بن علي بن عبد الرحمن شيخ أوريكة، وبعد طلاقها تزوجت أمير أغمات بقوم يوسف بن علي المغراوي، ثم أبو بكر بن عمر اللمتوني قائد جند المرابطين.

يروي المؤرخون أنه بعد  فتح عبد الله بن ياسين، مؤسس الدولة المرابطية، جبل درن وبلاد رودة ومدينة شيشاوة ومدينة نفيس... بايعته قبائل ركراكة وحاحة ثم ارتحل إلى مدينة أغمات، التي يحكمها زوج زينب لقوط بن يوسف بن علي المغراوي أحد خصوم الدولة المرابطية، وهو من أمراء بني يفرن، فحاصرها حتى تخلى عنها لقوط وهرب إلى تادلا بمعية أهله، قبل أن يقوم عبد الله بن ياسين بمهاجمة تادلا وقتله.

بعد دخول يوسف بن تاشفين مدينة أغمات، تزوج زينب بنت إسحاق النفزاوي التي طلقها أبو بكر بن عمر اللمتوني بعد 3 أشهر زواج بسبب رحيله إلى الصحراء للقتال تاركا ابن عمه في محله،حسب ما جاء في كتاب "الاستقصاء" للناصري، وأوصاها بالزواج بابن عمه يوسف " إني ذاهب إلى الصحراء وأنت امرأة جميلة بضة، لا طاقة لك على حرارتها وإني مطلقك، فإذا انقضت عدتك فانكحي ابن عمي يوسف بن تاشفين".

أصبحت زينب النفزاوية مستشارة يوسف بن تاشفين ومدبرة لأمره، يستشيرها في أمور السياسة ويأخذ بآرائها في قراراته، بفضل خبرتها التي اكتسبتها من والدها، بل وساعدت زوجها ماديا على تأسيس جيش قوي، وبعد أن استقر يوسف في الحكم، أشارت عليه أن يتخذ مراكش عاصمة للدولة المرابطية، ليتحقق حلم زينب التي سلبت عقل وقلب حاكم دولة المرابطين.

آخر الأخبار