المغرب يتفرد بإرسال طائرتين مدنيتين لإجلاء رعاياه من السودان نحو أرض الأمان

هشام رماح
لولا الشدائد لما ظهرت معادن الشرفاء، ولظل المراؤون يصدعون الناس كافة بأكاذيبهم وأراجيفهم، وفي أزمة السودان ظهر المغرب متفردا بقيادة الملك محمد السادس، الذي استطاع ما لم يستطعه الغير، وقد انفتح جسر جوي بينه والبلد الذي تمزقه الحرب الأهلية، أمام طائرات مدنية تابعة للخطوط الملكية المغربية، بغرض إجلاء رعايا المملكة الشريفة سالمين إلى أرض الوطن.
وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية، حطت، مساء أمس الثلاثاء، أول طائرة مدنية، من نوع "بوينغ 737"، تحمل 156 مواطنا مغربيا جرى إجلاؤهم بكل سلام، بمطار محمد الخامس في الدار البيضاء، في انتظار وصول طائرة أخرى، من نفس الطراز على متنها 132 مواطنا مغربيا، وذلك في غضون السويعات القليلة القادمة، في انتظار استكمال إجلاء كل المغاربة العالقين في السودان، اليوم الأربعاء.
وظهر تفرد المغرب وتميزه في هذه الأزمة جليا وساطعا، فكان أول من أوفد طائرتين مدنيتين تابعتين لـ"لارام"، في مغامرة محفوفة بالمخاطر، لم يقو أحد على خوض غمارها، وزاد عليها أن ربان إحداهما، امرأة مغربية صلدة تمكنت من حمل إخوتها إلى أرض الأمان المغرب، دون وجل أو خوف، وقد اخترقت الأجواء نحو مطار مدينة "بورت سودان"، في مسك ختام عملية تجندت لها البعثة المغربية، منذ يوم الأحد الماضي.
وقال محمد ماء العينين، سفير المملكة في السودان، إن البعثة المغربية وضعت كل الترتيبات اللازمة لإجلاء كل المواطنين المغاربة المقيمين في السودان بناء على تعليمات جلالة الملك، مضيفا بأنه يرتقب أن يبلغ، حوالي ثمانين مواطنا مغربيا، مدينة "بورت سودان" اليوم الأربعاء، ليتم إجلاؤهم أيضا، بعدما لم تشملهم عملية الترحيل الأولى.
وإذ يقال إن المواقف هي مرآة الحقيقة، فما تجسد على أرض الواقع في أزمة السودان، لم يتأتى عبثا، وقد كشف عن حجم المملكة الشريفة وعن مدى العناية التي يسبغها القائد الملك محمد السادس، على رعاياه، ويضرب في الصميم أراجيف خصوم المغرب وأعدائه الذين لا يسمع لهم حس ولا هس كلما ضاقت السبل أمامهم، ثم يطمرون رؤوسهم في الرمال لحين هدوء العاصفة وحين ذاك يشرعون أفواههم من جديد.