رجالات بلادي:السملالي...عصامي بدأ من صياغة الذهب وأصبح من المنعشين العقاريين

الكاتب : الجريدة24

03 فبراير 2024 - 02:00
الخط :

أمينة المستاري

تحبل منطقة سوس برجال عملوا أو ما زالوا يعملون في صمت، هم قصص خفية لنجاحات أناس بنوا أنفسهم بأنفسهم، وبدأوا من الصفر وأثبتوا أن الإرادة أول خطوة في سلم النجاح.

الحاج محمد جابر السملالي، أحد الفعاليات الاقتصادية المتحدرة من منطقة إداوسملال، بإقليم تيزنت. عصامي من مواليد 1952 بدوار تيزي إموشيون قبيلة إداوسملال. كسائر أطفال المنطقة، توجه إلى "المسيد" لحفظ القرآن والكتابة والقراءة، وحين بلغ سن العاشرة هاجر إلى مدينة الدار البيضاء.

هناك أكمل دراسته في المدارس العصرية التي لم تكن متواجدة في الدوار، وتعلم حرفة الصياغة وأصبح يبيع بالجملة، ثم امتهن للتجارة والأعمال، وأنشأ مقاولة للإستيراد و التجارة الدولية و بعض الصناعات، قبل أن يختار مجال العقار وينشئ شركة معروفة.

عرف الحاج جابر بحبه للعمل الجمعوي منذ شبابه، ففي سن 18، أسس الجمعية الرياضية لدرب القريعة بالدار البيضاء التي كانت تهتم بالفرق الرياضية عدد كبير من اللاعبين المنخرطين بفريق الرجاء الرياضي، وتولى رئاستها رغم صغر سنه.

بعد بلوغه سن 22، أصبح عضوا في جمعية للصاغة بالدار البيضاء قضى 14 سنة، مهمة جعلته يفكر في أهمية العمل الجمعوي، ويقرر التحرك في المجال لمصلحة قبيلته إداوسملال، فلم يكن منه سوى البحث عن أبناء قبيلته من الشخصيات المعروفة والمقاولين من المقيمين خارج القبيلة، من أجل ايجاد صيغة لتحقيق التنمية واستقر الأمر بعد سنة من التفكير على ىإحداث الجمعية الإحسانية لإداوسملال سنة 1982.

مبادرة اعتبرت الأولى من نوعها في المنطقة، فقد كانت صلة رحم بين أهل الدوار ممن غادروا المنطقة لسنين وما زال الحنين يشدهم إلى بلدتهم، رغم أن الفكرة لم تكن مشجعة بالنسبة لبعض المؤسسين، ففي تلك الفترة كان تأسيس الجمعيات والانخراط فيها يثير مخاوف الكثيرين، لكن رغم ذلك منحوا ثقتهم للحاج جابر ورفاقه، ويعتبر الممول الرئيسي للجمعية من ماله الخاص.

هو مثل يحتذى به، ومثال لرب الأسرة ليس الصغيرة فقط، بل الكبيرة أيضا، فقد قام بإنشاء جمعية أسماها "جابر" تضم كل الأسرة من أعمام وأبناء أعمام وأخوال... وجعل لكل فوج (رجال أو أطفال أو نساء) من أفراد الأسرة دعما ماديا للقيام بأنشطة، وشجع شبابها على السفر واكتشاف منطقة إداوسملال بتاريخها وعراقة أصولها وتقاليدها.

الكرم والأصالة من شيم الحاج جابر، كما شهد به مقربون له، وهو من الرجال القلائل الذين يحبون الإحسان، ويدعمون الجمعية التي تقوم بدور تنموي في المنطقة والضواحي، لاسيما في رمضان، ونظرا لحبه للثقافة الأمازيغية ساهم بطرق عديدة في إحياء التراث الأمازيغي.

عرف أهل سوس بحبهم للعلم وتشبثهم بالمدارس العتيقة أبا عن جد، ولكون المنطقة تتواجد بها مدارس عتيقة بومروان،  للآتعزة السملالية، وانزكارت و تازموت ارتأى مؤسسوا الجمعية إصلاحها وترميمها بتخصيص 10 ملايين سنتيم لكل منها .

مبلغ لم يكن بالسهل جمعه، لولا حب المحسنين لمدارسهم وحرصهم على استمراريتها في أداء مهامها الجليلة، ومحاولتهم فك العزلة عن مداشرهم بشق الطرق...لتحقيق حلم لطالما راود أبناء المنطقة،  فكان المحسنون ينفقون بسخاء بعيدا عن الحسابات الشخصية وتمكنت الجمعية من القيام بمجموعة من المشاريع بشراكة مع مجموعة من الشركاء.

لم يتوقف طموح الحاج جابر ورفاقه عند هذا الحد، بل فكروا في ضرورة توفير المرافق الضرورية بالمنطقة، فبنى مسجدا كبيرا لإقامة صلاة الجمعة والأعياد من ماله الخاص، رغم أنه لا يحب ذكر ما يهبه في أعماله الانسانية كما شهدت به الدكتورة عائشة بودميعة، محافظة دار إيلغ التاريخية وباحثة في التراث المادي واللامادي، فهو مثال للإنسان والأب والفاعل الاقتصادي العصامي الذي يجب أن يصبح قدورة.

فبفضل الجمعية ورئيسها أصبحت إداوسملال تتوفر على دار الطالب لإيواء تلامذة القسم السادس، وتم تجهيز أول مستوصف إضافة إلى مستوصف تيزغران وتاغزيفت...كما عملت على مشاريع كثيرة تنموية... وما تزال الأيادي البيضاء مستمرة في عطائها، الذي ما فتئت تحث شباب المنطقة على نهج خطى أجدادهم والإخلاص في العمل والإرادة التي بها يمكن صعود سلم النجاح.

آخر الأخبار