رجالات بلادي: التافراوتي الذي نحث في الصخر لرفع راية العلم

الكاتب : الجريدة24

02 مارس 2024 - 06:00
الخط :

أمينة المستاري

 أنجبت منطقة تافراوت أسماء بارزة في عالم الاقتصاد والفقه والعلم....ولعل من رجالاتها الذين عانوا وقاسوا من أجل الوصول إلى حلمهم عابد بن محمد بن الهاشمي التافراوتي راغب.

رأى عابد النور بقرية صغيرة تقبع بين جبال تافراوت "أكرض أوضاض" سنة 1925، من أب يتحدر من تافيلالت، شاءت الأقدار أن يحط الرحال بأسواق قبيلة "دويملالن" وهناك تزوج من إحدى بناتها فاطمة بنت الحاج موسى.

الأب الذي تشبث بالطريقة الدرقاوية، وسار على مسار والده الذي جعل بيته محجا لأتباع الزاوية يرتاحون به في طريقهم إلى الموسم بإيليغ.

في سن الخامسة دخل "المسيد" وبعدها بخمس سنوات انتقل إلى الدار البيضاء لتعلم التجارة وربط علاقة قوية مع "الميزان" بأحد دكاكين البقالة، كما هو حال نسبة كبيرة من أبناء سوس الذين كانوا يتباهون بمعرفتهم وإتقانهم للمهنة، لكن مرضه المستمر أرغمه على العودة إلى قريته.

توجه عابد إلى حفظ القرآن بمسجد القرية، ثم درس النحو والفقه، لكن جو الدراسة لم يعجبه، قبل أن يستقر للدراسة بمدرسة فك أكشتيم سنة 1941، هناك أحب العلم وبل والشعر .

بعد سفره الثاني إلى الدار البيضاء التقى بالحسن الباعقيلي، أكبر مقدمي الطريقة التيجانية، وهو من أغنياء سوس، وتمكن من أن يصبح معلما للقرآن بشكل مؤقت لفائدة الأطفال ببيت الباعقيلي بدرب غلف مقابل إعانة مادية يحصل عليها من أجل متابعة دراسته بفاس، وفي انتظار تحقق أمنيته كان عابد يدرس الفقه والأصول والأدب على يد العباس السباعي أحد العدول بالمحكمة الشرعية بدرب السلطان وأيضا القاضي الزموري.

بعد تدخل من الفقيه ابراهيم التافراوتي وعابد السوسي، تمكن عابد راغب من الحصول على مال لمتابعة دراسته بمدرسة الشراطين. هناك تعثرت دراسته بسبب الأحداث السياسية 1954 ، وتمكن بعد مطبات عديدة أن يجتاز الامتحان بنجاح.

كان حلم عابد أن يصبح له مدرسة، فكان أن وجد البناية التي كان يقيم بها المختار السوسي، لكنه ومرة أخرى لاقى صعوبات بسبب المراقب الفرنسي، ولم يمنح الرخصة إلى بعد الاستقلال، لكن طلب منه بعد ذلك نقلها إلى بناية ملائمة وأطلق عليها اسم "مدرسة الشعب" ساهم في تمويلها مجموعة من تجار ورجالات سوس، ومرة أخرى تعترض مشروع عابد مشاكل مع المساهمين، انتهت باستكمال المشروع بشكل منفرد، وتكفل ببناء المدرسة.

حلم عابد هو حلم العديد من رجالات سوس، الذين حفروا في الصخر للوصول إلى حلمهم لكن هذا الرجل كان همه العلم بدل الاقتصاد، فهو رجل تعليم قضى شطرا من حياته يجاهد من أجل رفع راية العلم عاليا.

آخر الأخبار