هكذا سقطت ورقة التوت عن نزاهة القضاء البلجيكي في قضية "قطر غيت"

هشام رماح
يقال إذا كان بيتك من زجاج فلا ترشق الناس بالحجارة.. ولعل "ميشيل كليز" قاضي التحقيق الذي صدع الدنيا وارتدى بزة "دون كيشوت" ليقارع الطواحين الهوائية وهو يمني النفس بالزج في المغرب في ما بات يعرف بـ"قطر غيت" لم يستوعب هذا المثل.
سقوط ورقة التوت عن "المحقق"
سقطت ورقة التوت عن "ميشيل كليز"، قاضي التحقيق البلجيكي، وقد انسحب مضطرا من القضية بعدما استطاع محامي "مارك تارابيلا" النائب الأوربي، الذي اتهم جزافا بتقديم معونة لما وصفها مثيرو "قطر غيت" بـ"قوى خارجية وهم يقصدون قطر والمملكة المغربية، أن يكشف ما خفي من جبل جليد عائم تظهر منه تقية قاضي تحقيق يخفي الكثير من الأمور الشائنة في حياته.
القضية وما فيها كشفتها صحيفة "Le Soir" البلجيكية، التي أفادت بأن الابن البكر لقاضي التحقيق البلجيكي، مرتبط مع ابن "ماري آرينا" النائبة البلجيكية الاشتراكي، التي توبعت في القضية، في شركة خاصة رفقة خمسة مستثمرين آخرين، وهي الشركة التي تشتغل في مجال بيع التبغ ومستخلصات نبات الخشخاش، بما يحيل على تضارب سافر للمصالح التي تتجاذب "ميشيل كليز"، وتجعله أبعد ما يكون عن الحياد المفترض ثم التحقيق بشكل مستقل في القضية.
هذه الخبيئة التي أثارها دفاع "مارك تارابيلا"، دفعت قاضي التحقيق للانسحاب من القضية، وهو الأمر الذي أعلنه الادعاء العام الفيدرالي البلجيكي عبر بلاغ أفاد من خلاله بأن "مستجدات في الملف من شأنها أن تثير التساؤلات حول الدوافع والأهداف المتوخاة من التحقيق في قضية "قطر غيت""، قبل أن يورد بأنه "درءا لكل سوء لاستعمال السلطة، وحتى تأخذ العدالة مجراها، ويجري الفصل لتقريرها، بين الحياة الخاصة والعائلية والوظائف المهنية قرر "ميشيل كليز" قاضي التحقيق الانسحاب من القضية.
واعتبارا من الساعة 16 و04 دقائق تماما، من أمس الاثنين 19 يونيو 2023، أصبح "ميشيل كليز"، خارج سياق قضية "قطر غيت"، التي ثبت أن التحقيق فيها لم يكن محايدا وبأن مثل هكذا تضارب للمصالح أن يبعث على الشكوك حول النوايا المتوخاة من وراء الزج بالمملكة المغربية ظلما فيها، إذ جرت مهاجمتها إعلاميا وبشكل ممنهج دون أن يثبت أي تورط لها فيما اتهمت به استمالة النائبين في البرلمان الأوربي أو غيرهما لخدمة مصالحها كما يدعي خصومها.
وكان المحامي "مكسيم ترولر"، ممثل دفاع النائب "مارك تارابيلا" بعث برسالة مباشرة إلى قاضي التحقيق البلجيكي يخبره من خلاله باكتشافاته التي تتعلق بالشراكة التي جمعت منذ خمس سنوات بين ابنه "نيكول كليزا" ونجل "ماري آرينا" المدعو "إيكو لومير"، وهي الرسالة التي جعلت "ميشيل كليز" يهرول نحو الاستقالة بعدما ثبت أنه غير مؤهل للتحقيق في قضية مشوبة بتضارب المصالح، وتكشف عدم حيادية التحقيق بالمرة.
ضربة معلم ضد بطل وهمي
ما اكتشفه "مكسيم ترولر"، محامي "مارك تارابيلا"، حول تورط قاضي التحقيق في علاقة مع النائبة "ماري آرينا"، عبر ابنيهما، يسلط الضوء على عدم نزاهة القضاء البلجيكي خصوصا والأوربي عموما، والذي قرر الخوض في قضية "قطر غيت"، وهو أمر تطرق إليه محامي النائب الأوربي، معلقا على الواقعة "إن علاقة العمل والصداقة المثبتة بين قاضي التحقيق والنائبة الاشتراكية، تفيد بتضارب للمصالح وهو أمر مثبت لدى "ميشيل كليز" منذ أن تسلم مقاليد التحقيق في القضية، بما يضرب في الصميم نزاهته وحياده"، ثم أردف قائلا "إنه لأمر مروع".
ووفق محامي "مارك تارابيلا" فإنه ومنذ أربعة أشهر خلت ظل يطالب قاضي التحقيق الذي جرت تنحيته بمواجهة بين موكله والإيطالي "بيير أنتونيو بانزيري"، النائب الأوروبي الاشتراكي السابق، الذي ظل يدافع عن النائبة البلجيكية "ماري آرينا"، دون أن يتحقق هذا الطلب"، وهو أمر يفيد بأن التحقيق لم يأخذ مجراه الطبيعي وبأن الحياد انتفى لدى "ميشيل كليز" وبأن استجلاء الحقائق كما هي كان آخر همومه.
وبالنظر لتورط قاضي التحقيق البلجيكي في علاقة مشبوهة مع النائبة الاشتراكية، فإن تساؤلات عدة تجد لها مكانا بشأن الدوافع والغايات المبتغاة من تحقيق منحرف جرى ذكر المغرب فيه لتلطيخ سمعته، بينما سمعة "المحقق" المفترض نزاهته هي أدنى من أن يمتشق الآليات القضائية للترويج لنفسه في القضية المعروفة بـ"قطر غيت".
واعتبرت صحيفة "لوسوار" البلجيكية، أن ما قام به محامي النائب الأوربي "مارك تارابيلا"، هي ضربة معلم، ستقلب المشهد وتكشف أمام المسرح الأوربي الذي لعب فيه "ميشيل كليز" قاضي التحقيق دور البطولة، ما خفي من الوجه البشع لبطل وهمي، كما يكشف اللثام عن أن ما خفي وراء الستار في القضية هو أعظم.