مرحبا بكم في فرنسا.. جحيم حقوق الإنسان

الكاتب : الجريدة24

30 يونيو 2023 - 05:09
الخط :

مرحبا بكم في فرنسا.. جحيم حقوق الإنسان

هشام رماح
لطالما امتشقت فرنسا سوط "حقوق الإنسان" سلاحا لها حتى تجلد بها من خالفوها وطفقوا باحثين عن سبل غير سبيلها، لكن متى جدَّ الجد في داخلها تنزع عنها صفة الوصاية على هذه الحقوق لترتدي لبوس الجلاد ولتكون أول من يخرقها ويضرب بها عرض الحائط، ولتضع تقيتها جانبا حتى حين.

منطلق الجميع أن ما يقع حاليا في فرنسا لا يسر العدو قبل الصديق، لكن ما تسبب فيما يحدث، يقطع نياط القلب وقد تجلى في تنزيل سافر للعقلية الفرنسية التي لا ترحم أحد حتى لو كان قاصرا مثل "نائل" الفتى الجزائري، الذي بالكاد كان يتلمس طريقه في الحياة وأودت به شقاوته أمام شرطي "مريض" رماه برصاصة في الصدر ولم يرحمه حتى.

ولا ريب أن فرنسا حمالة أوجه، فكما تنتصب ضد من يخالفونها رافعة أمامهم يافطة حقوق الإنسان، فهي وبما اقترفه شرطيها ومرؤوس "جيرالد دارمانان" وحامي نظام "إيمانويل ماكرون"، يضرب كل شيء في الصفر، لتصبح فرنسا صفرا صفرة اليدين في هكذا واقعة تعد أكبر تجني وتعدي على حقوق الإنسان.

وليست فرنسا غير "حرامية" حقوق الإنسان وهي التي ظلت تدعي أنها حامية لها، فكما أعمل رئيسها الحالي كل السبل لانتقاد المملكة المغربية ومحاكمتها في شأن حقوق الإنسان، مثل التوصية الغير ملزمة التي صدرت عن البرلمان الأوربي في 19 يناير 2023، فإنها لا تولي اهتماما لهذه الحقوق كما تبدى ذلك جليا في محطات عدة طبعت مسار الرئيس الذي يتحدث كثيرا ويفتح فمه مشرعا في مواجهة الآخرين بينما يضرب حول نفسه طوقا من الصمت، عندما يتعلق الأمر بما يجري في بلاده.

وفي محطات عديدة مثل حراك "السترات الصفراء" أو الاحتجاجات التي رافقت الإصلاحات التي طالت نظام التقاعد في فرنسا وفيما يقع حاليا من احتجاجات عارمة بعد مقتل الفتى "نائل"، تتجرد القوات النظامية للدولة التي تدفع بنفسها في شؤون حقوق الإنسان، من كل الإنسانية ولتبزغ من دواخل عناصرها كل الأحقاد والضغائن المستمدة من السليقة الفرنسية المتعجرفة.

فهل من لا يقيم وزنا لحقوق الإنسان، ولا يرأف بالقاصرين ويرميهم بالرصاص الحي، لا لشيء سوى لأنهم عرب ومهاجرون قادر على أن يعطي الدروس للآخرين في هذا الشأن؟ قطعا لا وألف لا. لكن فرنسا لن تتغير وستظل وفية لعهدها المتنمر ولازدواجية مواقفها السافرة، فلا تتعظ ولا تتراجع ولو سقط عنها القناع وهي تراهن بذلك على النسيان.. ولو أن التاريخ لا ينسى ويفرز للجميع المدعي مثلها.

فعلا فرنسا ليست سوى جحيم مستعرة لحقوق الإنسان، فهي لا تبقي ولا تذر منها شيئا، وعاديات الزمن كفيلة بفضح المكنونات والطبائع التي تطفو في الأوقات العصيبة وتغلب على التطبع.

آخر الأخبار