هل يتعظ رئيس فرنسا "الخفيف" من "الحرب" الدائرة فيها؟

الكاتب : الجريدة24

03 يوليو 2023 - 05:00
الخط :

هشام رماح

الأكيد أن فيما يحدث حاليا في فرنسا هو عبرة للدولة العميقة هناك، التي تغولت على الداخل واستطابت اللعب على الحبال مع الخارج، لتبلغ مدى يصعب احتواؤه، إذ كفت البلاد التي كانت على برميل بارود، شرارة وفاة مراهق جزائري لتتفجر الأوضاع، فهل تتعظ فرنسا؟ ورئيسها "إيمانويل ماكرون"؟

وبين "إريك غارنر" و"جورج فلويد" اللذان توفيا اختناقا تحت إحكام شرطيين القبض عليهما في احتجاجات 2014، في "نيو يورك" بالولايات المتحدة الأمريكية، وبين "نائل" الفتى الجزائري الذي قتل بالرصاص الحي، يتبدى فرق كبير بين كياسة الأمريكان الذين هبت سلطات بلادهم للملمة ما حدث وبين عجرفة الفرنسيس، الذين طفق رئيسهم يتوعد ويتحسس جنبيه، غير راض بما آلت إليه الأمور التي تسبب فيها أحد شرطييه.

ولعل الاحتجاجات التي اجتاحت فرنسا وخلفت فيها خسائر مادية كبيرة ومعنوية أثرت على صورتها وكشفت سوءتها بدلا من ادعائها حماية حقوق الإنسان، لم يتأتى صدفة، بل هو نتاج احتقان مستدام في بلاد يحكمها الآن رئيس "خفيف" يطلق الكلام على عواهنه مثل جاهل لا يدري أنه لا يدري.

وكما أن "حياة السود مهمة" في أمريكا، التي انطلقت بعد وفاة "إريك غارنر" و"جورج فلويد"، وطوت فيما بعد كل التباينات في المجتمع الأمريكي، فإن في فرنسا أحس المحتجون بغبن كبير وقد ذاقوا مرارة تعنت الإدارة الفرنسية وساكن الـ"إيليزي" فقرروا شق عصا الطاعة والانفلات من العقال ليكون جزاء ما حدث من جنس ما مورس عليهم لعقود طويلة.

وتتحوز الاحتجاجات القائمة حاليا في فرنسا، اهتماما عالميا منقطع النظير، ليس لدور هذه الـ"فرنسا" المحوري في العالم، ولكن نظرا لحربائيتها وانتقائيتها التي تجلت في تعاملها مع قضية تستوجب الدفاع عن حياة الإنسان وصون كرامته والتي تعد الركيزة الأهم ضمن حقوق الإنسان التي تدفع فرنسا بالدفاع عنها وهي أول من ينتهكها.

ولا ريب أن "الحرب" المشتعلة في فرنسا يزيد في أوارها، تهرب "إيمانويل ماكرون" الرئيس الفرنسي "الخفيف" من تحمل مسؤوليته السياسية إزاء ما حدث، وقد آثر الهروب للأمام في ارتداء صارخ للبوس العجرفة والتعنت، الموسوم بهما واللذان كانتا نقيصتان جعلته وفرنسا في الحضيض مثلما لم يسبق لها ذلك مع من سبقوه من الرؤساء.

وإذ تبدو حصيلة "الحرب" في فرنسا ثقيلة، فإن فيها معان عدة للرئيس الحالي الذي لعب بالرئاسة فيها مثلما يلعب طفل صغير بلعبة، حتى أنه وضع استقرار فرنسا داخليا على المحك، بعدما جعلها منبوذة في الخارج خاصة في إفريقيا التي طردت منها شر طردة، وساهم في قطع العلاقات الجيدة مع العديد من البلدان الصديقة، بعدما عنت في رأسه أنه "الأعلى"، والحال أنه أسفل سافلين..

فهل يتعظ الرئيس "الخفيف"؟ أم سيزيد في "خفته"؟

آخر الأخبار