النظام العسكري الجزائري.. حينما يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه

هشام رماح
يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه...، ذلك بالضبط ما يحدث مع النظام العسكري الجزائري الذي أوفد رئيسه الصوري شهر يونيو الماضي، إلى روسيا للاستقواء بها ضد المملكة المغربية، فكان أن وضع نفسه في فوهة المدفع وليؤكد خصومته بذلك مع فرنسا وأيضا مع ألمانيا التي أصبحت في السنين الأخيرة أحد أهم مزودي العسكر الجزائري بالسلاح.
وليست الأمور على ما يرام بين الجزائر وألمانيا التي تدعم المقاومة الأوكرانية ضد الاجتياح الروسي، فمثلما أبدى النظام العسكري مساندة لروسيا، فإنه جر عليه غضب الغرب إذ تتقدمهم ألمانيا في ذلك، والتي التفتت مؤخرا إلى أن النظام الحاكم في الجزائر ليس غير سرطان مستشرٍ، بعدما كانت راهنت عليه سابقا لكسر شوكة المغرب.
الإعلام الألماني وقضية "القبايل".. أقدم مستعمرة إفريقية
الآن تغيرت الأمور، بعدما اتضحت الحيثيات، إذ انبرت ألمانيا إلى الحق، وقد بدا لها سوء نوايا الـ"كابرانات"، الذين لا يولون على شيء غير خدمة مصالحهم ولبو كانت على حساب القضايا العادلة، مثلما حدث حينما سافر "عبد المجيد تبون"، إلى روسيا لمهادنتها، وربط تحالف معها نكاية في المغرب، في خضم الأزمة مع أوكرانيا.
واتخذ الإعلام الألماني من النظام الجزائري مسافة لتتبدى له حقيقة ما يجري فيها، فقد سلطت "دويتشه فيله" الضوء على "فرحات مهني"، المناضل القبايلي الذي يخوض منذ عقود صراعا مع السلطة الجزائري لأجل استقلال ما يعرف حاليا بأقدم مستعمرة في إفريقيا.
وخصصت وسيلة الإعلام الألمانية "بورتريها" لـ"فرحات مهني"، بوصفه زعيم "حركة استقلال القبايل"، مشيرة إلى أنه في 2010 ومن العاصمة الفرنسية باريس، نصب نفسه رئيسا لـ"دولة القبايل"، بعدما كان شكل حكومة قبايلية، وليعلن مواصلته النضال من أجل الانعتاق من قبضة العسكر الغاصبين.
كذلك، تطرقت "دويتشه فيله"، في برنامجها "السلطة الخامسة" إلى الاتهامات الجزافية التي صرفها النظام العسكري الجزائري ضد "حركة استقلال الجزائر" حينما اتهمها صيف 2021، بالوقوف وراء إضرام الحرائق التي اجتاحت المنطقة، وهي الذريعة التي سيقت للتغطية على فشله في احتواء مشكل منذور كل عام، واغتنام فرصة شيطنة المطالبين باستقلالهم، ليتم تصنيفهم إرهابيين.
وأوردت "دويتشه فيله" بأن السلطات الجزائرية استغلت الظرف لإصدار أربعة أحكام غيابية بالسجن المؤبد في حق "فرحات مهني" وحكما واحد بالإعدام على الأقل، مشيرة إلى أن السلطات الفرنسية رفضت رفضا قاطعا تسليمه إلى الجزائر، رغم مطالبة الأخيرة بذلك، لكونه يعيش لاجئا سياسيا في باريس.
ألمانيا والحصار على تسليح الجزائر
في مقابل الاهتمام الإعلامي الألماني تجاه ما يحدث في الجزائر، فإن مستجدات أخرى طرأت في العلاقة بين البلدين، إذ جرى تجميد كل الأنشطة التي تتعلق بتزويد الجيش الجزائري بالسلاح الألماني خاصة في الشق البحري، كما أوردت نشرة "مغرب أنتليجينس" المغاربية.
ووفق النشرة فإن ألمانيا التي أصبحت ضمن الثلاثي المزود للجزائر بالسلاح فضلا عن روسيا والصين، قررت الابتعاد عن السلطة الحاكمة فيها، بعدما رأت منها ما يذكي الحرب الروسية على أوكرانيا، وأنها لا تلقي بالا إلا لمصالحها، والتي غالبا ما ترتبط بالضرب في المغرب، ولو على حساب أوكرانيا التي تعيش تحت وقع الاجتياح الروسي.
ولم تعد الأمور كسابق عهدها منذ زيارة "عبد المجيد تبون" شهر يونيو الماضي، إلى موسكو، ليجري توقيف الصفقات المبرمة مع ألمانيا، وقد قررت الأخيرة محاصرة الـ"كابرانات" لثنيهم عن غيِّهم ولتأديبهم نظير ما اقترفوه في حق شركاء ظلوا يتشدقون أنهم معهم بينما ينقلبون عليهم.
وقررت ألمانيا التضحية بالجزائر التي ظهرت منذ 2017، ضمن قائمة الزبائن العشر الأوائل للسلاح الألماني، وبعدما أصبحت المزود الرئيسي للجزائر بالسلاح خلال الأربع سنوات الأخيرة، كما سبق وأعلن عن ذلك "المعهد الدولي لأبحاث السلام"، الكائن في "استوكهولم" والمعروف اختصارا بـ"SIPRI".