رشيد لزرق: من يلعبون بورقة "غياب الملك" سعاة للـ"بروباغندا السياسية" بعيدا عن المنطق العلمي

سمير الحيفوفي
كلما ضاق الحال بأعداء الاستقرار، إلا وانبروا إلى اللعب بورقة "غياب الملك"، ليدبجوا انتقاداتهم التي هي غير ذات موضوع، إذا ما وضعت في قالب علمي يستند إلى مقارعة الحجة بالحجة، بدل الزعيق من أجل خلق البلبلة وتفخيم الـ"بروباغندا السياسية".
وفي كل مرة يصدع أعداء الوطن من الداخل والخارج رؤوس المغاربة بـ"غياب الملك" مثل المقال المدسوس الذي نشره، اليوم الثلاثاء 7 يوليوز 2023، موقع "Carnegie"، وعنونه بـ"أزمة الحكم في المغرب"، وهو المقال الذي حرره صاحبه ليرضي الثلة التي لا يرضيها استقرار المغرب ولا الدّعَة التي تجعله متفردا بين جيرانه، باحثين عن بذر الفتنة وبث الفرقة لا غير.
وإذ لا ينفك أعداء الاستقرار عن الاستمرار في جعجعتهم، فإن ذوي الاختصاص ممن يمأسسون تحليلاتهم وفق منهاج علمي، لا يشاطرونهم نفس المنطق الذي يرتكز على دوافع مبيتة، هي حتما لا تتغلغل إلا في أشخاص الأحقاد توغر في صدورهم، مثل "هشام العلوي" الذي سيق كلامه من طرف كاتب المقال الخارج عن السياق، ومن يدور في فلكه من المطبِّلين أمثال "المعطي منجب" و"علي لمرابط"، وغيرهم (وذاك بمقابل ولا غرو في ذلك).
ومثلا يتبدى هذا الأمر جليا بالعودة، لذوي الاختصاص كالدكتور رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، والذي يرى بأن الزج بالملك في الـ"بروباغندا السياسية" التي يتحراها خصوم المملكة، والدفع بيابه للنفخ فيها، غير مبني على أسس وهو بذلك مردود عليه.
وفي حديث مع "الجريدة 24" قال الدكتور، الذي يرأس أيضا مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إن اللاعبين بورقة "غياب الملك" هم من كان يدفعون بالقول إن "الديمقراطية لا تستقيم في ظل ملكية تنفيذية"، وهم من نادوا بتحديد اختصاصات الملك وعدم تدخله في كل صغيرة وكبيرة منادين بما يصطلح عليه بـ"الملكية البرلمانية".
ولم يجد كاتب المقال الهدَّام غضاضة وهو يسبح في بحر التحليلات بلا تُبَّان، وليورد كلام النطيحة وما عاف السبع، ككلام مقدس ومنزّلا والحال، أن ما يتشدق به هؤلاء لا يستقيم متى جرت قولبته في إطار علمي، بما يحيل على أن المقال يندرج ضمن المقاربة التي يتبناها أعداء المغرب والداعية إلى تعويم النقاشات وتسفيهها، لغاية يعلمونها.
ووفق الدكتور رشيد لزرق، فإن دستور 2011، قلب المبنى والمعنى وجعل للملك اختصاصات دستورية واستراتيجية، وبذلك فإن الملك أصبح لا يتدخل في بعض الأمور المخولة للمؤسسات في دولة المؤسسات التي استقر اختيار المغرب على نهجها.
وأفاد رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، بأنه لا يمكن البتة الاتفاق مع مدعي "غياب الملك" عن المشهد السياسي، لماذا؟ لأنه لم يثبت أن تخلف الملك محمد السادس عن أي استحقاق دستوري، فهو يترأس المجلس الوزاري بشكل دائم، كما أنه من يفتتح البرلمان، ولم يثبت أنه تخلف عن خطاب العرش، وهو من يعين الأشخاص في مؤسسات الحكامة الدستورية، على أنه من يشرف شخصيا على كل الشؤون الاستراتيجية التي تهم المغرب والمغاربة.
أيضا، وارتكازا على مبدأ استمرارية الدولة، فإن المغرب ماض في صيرورته، ولا شيء يعطل ذلك، من قبيل ما يدعيه هؤلاء ويصفونه بـ"غياب الملك"، كما قال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، بجامعة ابن طفيل في القنيطرة، مستنكرا ما وصفها بـ"المزايدات السياسوية" التي يتحراها خصوم المغرب من الداخل والخارج، ومحاولتهم ذر الرماد في العيون ليس إلا.
واعتمادا على المنهج العلمي وعلى التفاصيل الدستورية، فإن الملك محمد السادس، حاضر بقوة، ويمارس السلطات المخصصة للمؤسسة الملكية، وهو يحترم الشرعية والمشروعية في ذلك، دون تعدٍّ منه أو تجنِّي على اختصاصات المؤسسات الدستورية الأخرى، وهو بذلك يحترم الدستور، كما استطرد الدكتور رشيد لزرق.
وقال رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إن ما يثار حول "غياب الملك" ليس غير جعجعة بلا طحين، وبأنه في حال حضور الملك دوما وتدخله في كل الشؤون كانوا ولا محالة سيرفعون ورقة انقاد "الملكية التنفيذية" لكن ومتى احترم الملك خصوصيات واختصاصات المؤسسات الدستورية، فإن الأمر لم يعجبهم، وذلك ديدن المنتقدين الطامحين للـ"بروباغندا السياسية" بعيدا عن أي منهاج أو منطق علمي.