طقوس الفرجة بسوس: "إمعشار" ...طقس مستوحى من العرف اليهودي

الكاتب : الجريدة24

15 يوليو 2023 - 11:00
الخط :

أمينة المستاري

من طقوس الفرجة التي عرفت بها منطقة سوس "إمعشار" ، التي تكرس قيم المجتمع المحلي وتنهل من ذاكرته بأبعادها التراثية والتاريخية والإجتماعية، يتوافق فيها الفن ومظاهر الحياة اليومية.

"إمعشار" انعكاس احتفالي لممارسات غابرة مستوحاة من العرف اليهودي، يقدم من طرف فرقتين في حفل تنكري وكرنفالي، يقدم في الشارع ليلة عاشوراء ويمتد لأسبوع تقريبا، يتقمص المشاركون أدوارا وشخوصا ويغنون ويرقصون حول نار كبيرة.

الاستعدادات لهذا الكرنفال تبدأ بجمع الصوف والجلد والوبر وسعف النخيل والبلاستيك والكرتون والأقمشة القديمة لإعداد الأقنعة والملابس اللازمة، وإعداد الشخوص الحيوانية كالبقرة والبغل والوحش...بالخشب والأدوات الحديدية...

زوال يوم التاسع من محرم، يجتمع المشاركون في الكرنفال ويطوفون حول المنازل لجمع بعض التبرعات من الشعير والسكر..ويحاول كل حي التنافس لإمداد الشباب بما يلزمهم، وبعد صلاة العشاء تبدأ الاحتفالا بشوارع المدينة وتخرج الساكنة من روتينها اليومي لمدة عشرة أيام.

كائنات غريبة تخرج تلك الليلة، يحرص المشاركون على تقمص الأدوار وهم مقنعين، يتقدمهم حامل الطبل (البندير) وشخصين ينفخان المزمار، ويحمل مشاركان آخران الناقوس والقراقيب.

لكل شخصية في الموكب اسم فهناك الحزان، توديت والحاج وهو رئيس الموكب، فيما يحمل باقي المشاركين أعمدة وعصي خشبية غليظة يضرب بها على الأرض...

يبدأ الطقس الاحتفالي في إحدى الساحات وغالبا ساحة المشور،  بتقسيم الحاج قائد الفرقة للأدوار بين حاملي  الدفوف والناقوس ونافخوا المزامير ، وتشعل النيران ليبدأ الرقص "تحواشت" و" إيموريك"، ويقدم الشباب عرضا تمثيليا في قالب هزلي ساخر، وينتقد مجموعة من الظواهر الاجتماعية والقيام بأنشطة تحاكي الواقع "الدورة الزراعية" ويستعرضون مجسمات الضبغ والبقرة ...يمثلون بها عملية الحصد والحرث باستعمال الحيوانات .

يتنكر الحزان بوضع لحية متدلية ويحمل مبخرة معلقة بسلسلة حديدية، ويرتدي سلهاما (برنوس) ويتلفظ بعبارات بلكنة يهودية، أما تدايت أو سميحة وهي اليهودية تحمل قفة بها بطاطس وبعض الخضروات وتتجول بين النساء تعتمد على ملامحها الأنثوية لبيع بضاعتها.

أما شخصية "توبا" فهي تمل دمية تمثل ابنها  تفتخر به أمام الجمهور كما أن من أدوارها حلب البقرة ، في حين تشرف شخصية "الشرطي" على تنظيم الحفل ومنع الأطفال والكبار من عرقلة الحفل، وينتهي الاحتفال بفتح الحزان كتابا كبيرا لإقامة الصلاة والدعاء، ويعود المقنعون إلى حيث قاموا بعملية التنكر لنزع أقنعتهم، في انتظار اختتام الاحتفالات المقامة طيلة أسبوع، حيث تنظم مأدبة بأحد الأضرحة.

يرتكز الاحتفال بإمعشارن على التنكر، التقنع، التشبه باليهود، إضافة إلى تجاوز الطابوهات والاستخفاف بالمعايير الأخلاقية والاجتماعية ...من خلال العروض الهزلية ...تعتبر حرية للتعبير وتسوية النزاعات بين الأفراد والأسر..

حسب بعض الباحثين، فطقس إمعشار نتاج بين ثلاثة أنساق: المجتمع، التاريخ والاقتصاد، فهو نتاج لتفاعلات المجتمع السوسي مع تاريخ وآليات الإنتاج، من حيث الزمان (الدورة الزراعية) والمكان (الزقاق) والنمط الاقتصادي والزمن الديني (المقدس).

آخر الأخبار