طقوس عاشوراء... "إمعشارن" وحفل الأقنعة

أمينة المستاري
يحتفل الأمازيغ في جو من الفرجة والفرحة بكرنفال "إمعشارن"، وهو احتفال تقليدي مرتبط بيوم عاشوراء، ذو محددات جمالية وأبعاد ثقافية وتاريخية، يظل صامدا عبر الزمن يغلف نفسه بتلوينات جديدة، ما يزال متجذرا في المجتمع التيزنيتي، وذو امتدادات تاريخية عريقة.
ويعتمد كرنفال "إمعشارن" على الوسائل التعبيرية المختلفة من حكي وشعر وزجل وإيقاع...في قالب فني مثير، وله امتداد في القرى والبوادي من الجنوب المغربي.
ويختلف البعض حول أصل "إمعشارن"، فمنهم من يعتقد أنه يعود لفترة انتشار اليهودية في شمال إفريقيا، وتحمل الشخصيات أسماء عبرية وتعرف ترديد أغاني تتحدث عن اليهود الذين يقدسون يوم عاشوراء ويصومونه، لأنه يوم نجا فيه بني إسرائيل وصامه النبي موسى عليه السلام، فيما يعتبره الشيعة يوم شؤم قتل فيه الحسين بن علي بن أبي طالب.
ودأب أهل تيزنيت على تنظيم أكبر كرنفال في المنطقة، يستعدون له أياما قبل عاشوراء، بجمع الصوف والجلد والوبر...لصنع الأقنعة من أجل التنكر، وإعداد الأدوات الحرفية، التي تهدف إلى تقليد محترفي الصنائع من اليهود.
يوم التاسع من محرم، يقوم الشباب بجمع 7 أكوام من الحطب، وإيقاد شعلة نار يقفزون عليها وتسمى "تامعشورت"، ثم يتراشقون بالماء معتقدين أنه ماء زمزم، ويعتقد أن كل من تبلل لن يصاب بأي مكروه طيلة السنة.
وعند خروج موكب "إمعشارن" به مجموعة من الرجال المقنعين والملتحين بلحى صنعوها بأناملهم، ولونوا وجوههم بالأسود، بأشكال شخصيات يهودية، ويقدمون مسرحيات تتخللها كلمات نابية أحيانا وانتقاد للأوضاع الداخلية، حيث تحتضن ساحة المشور العروض التي تمتد لأسبوع.
وتنتهي هذه الاحتفالات بحفل ختامي كبير من طرف فرق معروفة كفرقة "ايت محمد"، ثم فرقة "امعشار اضلحا"... عند وصولهم إلى الساحة، يقومون بتشكيل دائرة للرقص على إيقاع الناقوس والطبل، ورسم خط نصف دائري ويشعلون النار في مركز الدائرة، بواسطة ألواح الكارطون والأخشاب، ويتراقصون في تناسق مع الموسيقى، وفي اعتقادهم أنهم يتركون ذنوبهم وتعاستهم خاصة الإناث...
هذه الطقوس يعتبرها البعض من بقايا المذهب الشيعي خلال القرن 11، وارتداء الأقنعة حسب بعض المهتمين يلعب دورا مهما في تفريغ الطاقات والمكبوتات الموجودة في اللاوعي الفردي والجمعي، وتكسير الطابو الديني والاجتماعي.