السلام أصعب من الحرب، ولكنه عظيم.. فهل يعقلون؟

سمير الحيفوفي
السلام أصعب من الحرب، ولكنه عظيم.. فهل يؤمن النظام العسكري الجزائري بهكذا أمر؟، أم أن النفوس الأمارة بالسوء في الجارة الشرقية ستظل أقوى من النفوس اللوامة التي تستشعر قوة وضوح المملكة المغربية كونها لن تكون يوما مصدر شر أو سوء يصيب بلادهم؟
لا ريب أن من يتحدث السلام هم المتطلعون إلى المستقبل، الطامحون لطي الخلافات والمسافات التي يظنها النظام الجزائري قد باعدت بين المغاربة وأشقائهم الجزائريين، وعندما مد الملك محمد السادس، يده من جديد للجزائر، في خطابه السامي أمس السبت 29 يوليوز 2023، بمناسبة إحياء تربعه على عرش أسلافه المنعمين، فإنما أبدى للجميع أنه ينبذ الفرقة وينتصر للأخوة ولرتق الفجوة أكثر من توسيعها.
وخلافا لما تروجه الأبواق الساعية إلى التأسيس لخصومة دائمة، ولشيطنة المغرب وجعله عدوا أزليا على الدوام، يتربص بالجزائر الدوائر وينتظرها في أول منعرج، فإن الملك محمد السادس، برهن للعالم أجمعين، وبرسالة واضحة غير مشفرة، أن المغرب بلد السلم الذي ينافح من أجل السلام، ولا يبغي إلا السبيل الذي يفضي نحو مستقبل مشترك بين المملكة وجارتها الشرقية، بعيدا عن النعرات والحسابات الضيقة التي تزج بالشعبين الشقيقين في خضم لا قرار له.
لقد مد المغرب اليد للجزائر مرارا، والملك محمد السادس، أثبت من جديد أن اليد لا تزال ممدودة وأنها لم ولن تكون يوما مغلولة البتة، وبأنه لم يفت الحال وبالإمكان أن يرتب المغرب والجزائر معا غد أفضل مما كان من الأيام الخوالي، وليسد أفواه اللاعبين على الحبال والبهلوانات التي ترفع ورقة التطبيع لتذكي الاختلافات وتحولها لخلافات ترمي بكل جار من الجارين بعيدا عن كل لقاء أو اتفاق أو مواجهة موحدة للمصير المشترك.
الأكيد أن الملك محمد السادس، يؤمن بقوة السلام ويعتقد كثيرا في أن القادرين على السلام وحدهم من يستطيعون إصلاح العالم، وبأن واجبه كقائد للمملكة المغربية ألاَّ يكل من مد اليد للجزائر وألاَّ تفل عزيمته طمعا في أن تطمر الخلافات التي لا تخدم غير شريحة معينة وتعطي صكا للبعض حتى يظلوا جاثمين على الصدور يرفعون شعار العداوة الدائمة بدل الأخوة المتأصلة.
لقد تعهد الملك محمد السادس بألا تكون المملكة الشريفة مصدرا يهب منه يوما السوء أو الشرور على الجزائر، وفي تعهد الشرفاء ما يفند كل الادعاءات والأراجيف والهرطقات التي ظل يرددها الطامعون في تجذر الفرقة، ويضرب صفحا عن الماضي استشرافا لمستقبل واعد.. فهل يعقلون؟