أطفال قتلة...قتلته في أول لقاء حميمي

الكاتب : الجريدة24

07 أغسطس 2023 - 10:00
الخط :

 

فاس: رضا حمد الله

مرت شهور على تعارفهما. اللقاء الأول كان افتراضيا أعقبته دردشات بريئة. أعجبته من صورها المنشورة في حسابها، وبادر بدق بابها. راسلها في "الميسنجر"، مقدما نفسه وعارضا مشروع "تعارف" بينهما، كما يفعله زملاؤه. انتظر ساعات وهو يتوسل هاتفه جوابا يبهجه. فرحته لا توصف وهو يقرأ أول عبارات التواصل.

+ مرحبا

أول كلمة قرأ وكانت بمثابة استئذان للدخول إلى حياتها من بابها الواسع، بعدما طالت دردشتهما في ذاك المساء.

جماله في صوره، راقتها، فلم تمانع بالرفض، ولا أغلقت باب تعارفهما. ثقتها زادت بعد اكتشافها خفة دمه وميله للتنكيت والضحك. هي أيضا محتاجة لمن يؤنس خلوتها ويفعم حياتها بالأمل والفرح والمرح.

لم تتم ربيعها السادس عشر، وهو لا يكبرها إلا بسنة ونصف. هما من نفس الجيل وتسكنهما نفس الأحلام.

كان في تلك السنة، يتابع دراسته في السنة الثانية باكلوريا بمؤسسة وسط المدينة الجديدة. أما هي فكانت ما تزال في الجدع المشترك بثانوية في نفس المدينة، ولو ابتعدت مسافة عن ثانويته.

كل المسافات تذوب من أجل علاقة بريئة وصداقة قد تتطور. هكذا قالا لبعضهما في دردشات تكررت كل يوم.

قبل أن يخلدا إلى النوم بعد يوم متعب، كانا يلتقيان افتراضيا ويرسمان خارطة طريق علاقتهما بدأت من عالم "سوشل ميديا" وتواصلت واقعا في لقاءات اقتنصا فيها فرص خلو جدول زمن دراستهما، من حصص، للقاء.

في كل مرة كانا يلتقيان فيها، ينعزلان في الشارع، يجلسان تارة على كراسي رخامية. يحادثان بعضهما طويلا ولا يتجولان إلا في مدة قصيرة تسبق فراقهما. تلك يومياتهما كلما سنحت لهما فرصة اللقاء. حتى جلستهما كانت بريئة عكس ما يسمعانه من حميمية لقاءات زملائهما وزميلاتهما.

كانا حريصين على نقاء علاقتهما، بشكل دام شهورا حتى بعد انتهاء الموسم الدراسي ونجاحهما بتفوق.

بقيت علاقتهما على ما هي عليه طويلا. وفي يوم اقترح عليها مرافقته لمنزل والديه القريب. كانا والداه سافرا لحضور حفل عائلي بمدينة مجاورة. فرصة استغلها لدعوتها للقاء بريء.

ترددت كثيرا في قبول الدعوة، وبإلحاحه انصاعت. سارا راجلين في اتجاه المنزل. لم يكترث لأعين تلصصت قدومهما، وتجاهل حتى تعليقات أبناء الزنقة المجتمعين في ذاك المساء في زاويتها الخارجية.

مرت دقائق على دخولهما، كانت كافية لتذويب خجلهما. تناولا معا مشروبات غازية باردة، وتجرأت يده على لمس جسدها لأول مرة. وبدت كما لو كانت تنتظر ذلك بشغف. حميمية جلستهما زادت بتزايد اللمسات والقبل، لكن جرأته فاقت توقعها.

لمسه المنطقة الحساسة أسفل جسدها، ومحاولة نزع سروالها الطويل، أغضبها. دفعته ونهته أن يمسك ما لا يمسك في نظرها، إلا بعقد نكاح. لكنه تمادى بشكل انتفضت في وجهه.

وقفت وحاولت الفرار إلى الباب، وهو يتعقبها. كان يمسك بها بكل قوة وهي تصده. وفي لحظة دفعته بكل قوته، فسقط على قفاه. صرخ وزاد بكاؤها. لم تتوقع أن تؤذيه. فقط كانت تريد تحاشي الأسوء، لكن وقع ما هو أسوء منه.

استغلت سقوطه وفتحت الباب وفرت. صراخه وطريقة جريها، أثارا شباب الزنقة المتجمع في ركنيتها، فأمسكوا بها.

انتشر الخبر سريعا وحضرت عناصر الأمن وسلمت إليهم، في لحظة كان الشاب يصارع الموت في منزل والديه.

كان الدم متدفقا من مؤخرة رأسه، وهو منبطح على رأسه. بعد المعاينة، نقل إلى قسم المستعجلات في حالة حرجة. أما هي فكانت في ضيافة الأمن. كانت تمني نفسها أن يعيش، وتتحاشى أسوء مما لم تتوقعه.

لم تمر إلا ساعتين، حتى توصلت عناصر الأمن بخبر وفاته من الطاقم الطبي المعالج. خبر نزل عليها صاعقة قتلت سمعتها وحريتها، في انتظار حكم يحدد مدة حرمانها منها، عقابا على حسن نيتها وثقتها في شاب أحبته افتراضيا وقتلته في أول لقاء حميمي.   

آخر الأخبار