بعد تضرر سور تارودانت ّالعظيم بسبب الزلزال.. باحثون يطالبون بإنقاذ المعلمة التاريخية

الكاتب : الجريدة24

04 أكتوبر 2023 - 11:00
الخط :

أمينة المستاري

 بعد أن صمدت مجموعة من الآثار التاريخية في الأقاليم المحيطة بالأطلس الكبير في وجه العوامل الطبيعية لقرون وعقود، جاء زلزال الحوز ليجعل بعضها أثرا بعد عين، ويهدد بعضها الآخر في حالة عدم ترميمها.

من هذه الآثار التي تضررت تلك المتواجدة بإقليم تارودانت، سواء بالعالم القروي كالقصور وإيكودار...أو بمدينة تارودانت كالأحياء العتيقة درب أقا ودرب كسيمة ودرب الجزارة...والقسم العلوي من صومعة الجامع الكبير، دار البارود، وسورها التاريخي الذي عرف اهتماما من الدول التي تعاقبت على الحكم في المغرب.

لم يتمكن السور من الصمود، فقد تسبب الزلزال في شقوق وتصدعات بأجزاء منه، فيما تهدم جزء آخر، وهو ما جعل مثقفون وباحثون يدقون ناقوس الخطر من تهدم أجزاء أخرى وضياع إرث تاريخي، وطالبوا بضرورة التدخل العاجل لترميم السور الذي تضرر بشكل كبير وواضح، حيث يعتبر متحفا لتقنية البناء الترابي خلال عصور، ويكتسي أهمية تاريخية وإنجازا جماعيا لمختلف الدول التي تعاقبت على حكم المغرب.

نور الدين صادق، الباحث المتخصص في التاريخ الحضاري لمدينة تارودانت، نبه في تصريحات إعلامية إلى أن السور تعرض لانهيار على مستوى بعض أبراجه، كما تشققت أجزاء منها، وتزداد تلك الشقوق توسعا عند كل هزة ارتدادية خاصة الباب السلطاني...علما أن السور معرض للانهيار في حالة تعرضه لتساقطات مطرية ستعرضه لا محالة للتفتت.

وأكد الباحث أن هذه الأسوار تحكي قصة التواجد المرابطي والموحدي والمريني بالمدينة، كما أن تارودانت كانت عاصمة ومنطلقا للدعوة السعدية قبل أن تنتقل إلى مراكش، وقاموا بتجديده وإحاطته بجدار دفاعي خارجي.

وفي عهد الدولة العلوية قامت بتخصيص ريع مداخل الأوقاف لترميم وصيانة الأسوار، وأشرف ملوكها على إعادة بناء الأسوار المتهدمة.....

ويعتبر سور تارودانت أطول سور تاريخي في افريقيا، حتى اقترنت بها مقولة "إذا كان للصين سورها العظيم، فإن لتارودانت سورها"... قولة يفتخر بها أهل تارودانت وسوس، نظرا لسمك سورها المبني على شاكلة الأسوار المغربية الأندلسية الوسيطية، والذي اعتبر مفخرة عمرانية، يحمي أصالة وهوية المدينة، يبلغ سمكه 7 أمتار، ويصل علوه أزيد من 7 أمتار، يتكون من ثلاثة جدران متراكبة ظلت بفضله تارودانت منيعة أمام الغزاة: الجدار الأول يبلغ سمكه ما بين 80و90 سنتمترا، أما الجدار الثاني فيبلغ سمكه ما بين مترين وثلاثة أمتار يسمى ممر الحراسة، وكان ممرا تتجول فيه كتائب الحراسة ليراقبوا ما يحدث خارج السور، أما الجدار الثالث فيسمى ممر الدورية، كانت تمر منه دوريات من الخيالة يراقبون الحراس ومدى يقظتهم واستعدادهم، وهو أكثر سمكا وأقل ارتفاعا يرتفع إلى نصف ممر الحراسة، ويصل اتساعه إلى ثلاثة أمتار.

ويضم السور أزيد من 130 برجا و9 حصون تتخلل أبوابه الخمسة الملتوية:  باب السلسلة أو "باب السدرة"، ثم باب أولاد بونونة وباب تارغونت، باب الزركان وباب الخميس.

فقد كانت لهذه الأبواب أدوار مهمة خاصة الدور الجبائي، وأمنيا خاصة في فترات الحروب أو  حيث كانت الأبواب الخلفية تغلق قبل الأبواب الأمامية، وعند وصول الغزاة إلى الساحة الأولى يضع لهم أهل المدينة فخا ويهاجمونهم من أعلى السور، بين بابين، كطريقة لمحاصرة المهاجمين.

وشهد السور المشيد بالتراب المخلوط بالجير المخلوطة  بالحصى، عدة عمليات ترميم منذ عهد السعديين، في الوقت الذي لم تهدم جزء منه بسبب تراكم المياه فوق الممر وتأثيره في السور، ولم يتبقى من الجدار الثالث سوى بعض الشواهد في "باب ترغونت" أو "باب بونونة"، كما زال الجدار الثاني الذي كانت تعلوه طبقة سميكة من "تادلاكت"، التي لا تسمح بتسرب المياه.

ويصف البعض الأسوار كمؤسسة عسكرية، ودليل على "الدقة والقوة في التقدير والمنطق الحربي السليم".

آخر الأخبار