الاتحاديون يطالبون بتجاوز التعديل التقني على مدونة الأسرة

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

13 نوفمبر 2023 - 06:00
الخط :

طالبت قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بتجاوز التعديل التقني لمدونة الأسرة التي أعطى الملك تعليماته من أجل تعديلها.

وقال المكتب السياسي المذكور إن الحزب "لا‮ ‬يعتبر‮ ‬‭ ‬تعديل مقتضيات في‮ ‬مدونة الأسرة،‮ ‬‭ ‬إجراء تقنيا،‮ ‬يقتصر فقط على تجويد النص الحالي،‮ ‬بل إنه‮ ‬يعتبر أن المدونة لا‮ ‬يجب أن تنفصل عن طموح الدولة الاجتماعية،‮ ‬وعن تفعيل المتن الدستوري‮ ‬في‮ ‬قضايا المساواة والإنصاف والمناصفة".

وشدد المصدر على أن التعديل‮ ‬يجب أن "يساهم في‮ ‬التمكين للنساء على كل المستويات، ‬وفي‮ ‬رفع كل أشكال التمييز ضدهن".

ولفت الحزب، في أعقاب اجتماع المكتب السياسي الأخير،‮ ‬إلى "وجوب إلغاء وتجنب كل المقتضيات التي‮ ‬قد تشكل عرقلة أمام تمتع النساء بكافة حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية،‮ ‬ويتحتم تنقيتها من كل ما‮ ‬يتعارض مع حقوق الطفل،‮ ‬والتزامات المغرب بهذا الخصوص".

وكان الملك محمد السادس حدد في خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة الثانية من الولاية التشريعية السابعة والذي ألقاه يوم 10 أكتوبر 2003، معالم اصلاح المدونة المطلوب الانكباب عليه من قبل اللجنة العلمية.

الخطاب الملكي أكد على ضرورة "تبني صياغة حديثة (للمدونة) بدل المفاهيم التي تمس بكرامة وانسانية المرأة. وجعل مسؤولية الأسرة تحت رعاية الزوجين. وذلك باعتبار "النساء شقائق للرجال في الأحكام" مصداقا لقول جدي المصطفى عليه السلام.. وكما يروى.. "لايكرمهن إلا كريم ولايهينهن إلا لئيم ".
ونبه ملك البلاد إلى ضرورة جعل الولاية حقا للمرأة الرشيدة تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها اعتمادا على أحد تفاسير الآية الكريمة القاضية بعدم إجبار المرأة على الزواج بغير من ارتضته بالمعروف.."ولا تعضلوهن ان ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف". وللمرأة بمحض إرادتها ان تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها.
وفي موضوع المساواة نبه الخطاب الملكي إلى أنه لن يحل ما حرم الله ولن يحرم ما أحل الله، لافتا إلى أن مساواة المرأة بالرجل بالنسبة لسن الزواج بتوحيده في ثمان عشرة سنة عملا ببعض أحكام المذهب المالكي مع تخويل القاضي إمكانية تخفيضه في الحالات المبررة وكذلك مساواة البنت والولد المحضونين في بلوغ سن الخامسة عشرة لاختيار الحاضن.
وفيما يخص التعدد قال الملك محمد السادس إنه راعى في شأنه الالتزام بمقاصد الإسلام السمحة في الحرص على العدل الذي جعل الحق سبحانه يقيد إمكان التعدد بتوفير في قوله تعالى"فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة".

وأضاف الملك أنه التعدد لا يجوز إلا وفق حالات وشروط شرعية، المتمثلة في أنه "لا يأذن القاضي بالتعدد إلا إذا تأكد من امكانية الزوج في توفير العدل على قدم المساواة مع الزوجة الأولى وأبنائها في جميع جوانب الحياة وإذا ثبت لديه المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد، كما أن للمرأة ان تشترط في العقد على زوجها عدم التزوج عليها باعتبار ذلك حقا لها عملا بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه.."مقاطع الحقوق عند الشروط". وإذا لم يكن هنالك شرط وجب استدعاء المرأة الأولى لأخذ موافقتها وإخبار ورضى الزوجة الثانية بان الزوج متزوج بغيرها، وهذا مع إعطاء الحق للمرأة المتزوج عليها في طلب التطليق للضرر، وفق الخطاب الملكي.
وأكد الخطاب على ضرورة رفع أشكال المعاناة عن مغاربة العالم عند إبرام عقد زواجهم، وذلك بتبسيط مسطرته من خلال الاكتفاء بتسجيل العقد بحضور شاهدين مسلمين بشكل مقبول لدى موطن الاقامة وتوثيق الزواج بالمصالح القنصلية أو القضائية المغربية عملا بحديث أشرف المرسلين "يسروا ولاتعسروا".
ولفت المصدر إلى ضرورة جعل الطلاق حلا لميثاق الزوجية يمارس من قبل الزوج والزوجة كل حسب شروطه الشرعية وبمراقبة القضاء. وذلك بتقييد الممارسة التعسفية للرجل في الطلاق بضوابط تطبيقا لقوله عليه السلام.."ان أبغض الحلال عند الله الطلاق" وبتعزيز آليات التوفيق والوساطة بتدخل الأسرة والقاضي، وإذا كان الطلاق بيد الزوج فانه يكون بيد الزوجة بالتمليك. وفي جميع الحالات يراعى حق المرأة المطلقة في الحصول على كافة حقوقها قبل الاذن بالطلاق، وقد تم اقرار مسطرة جديدة للطلاق تستوجب الإذن المسبق من طرف المحكمة وعدم تسجيله إلا بعد دفع المبالغ المستحقة للزوجة والاطفال على الزوج. والتنصيص على انه لا يقبل الطلاق الشفوي في الحالات غير العادية.
كما نبه ملك البلاد إلى ضرورة توسيع حق المرأة في طلب التطليق لاخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج أو للإضرار بالزوجة مثل عدم الانفاق أو الهجر أو العنف وغيرها من مظاهر الضرر أخذا بالقاعدة الفقهية العامة.."لا ضرر ولا ضرار" وتعزيزا للمساواة والانصاف بين الزوجين، كما تم إقرار حق الطلاق الاتفاقي تحت مراقبة القاضي.
وشدد على ضرورة الحفاظ على حقوق الطفل بادراج مقتضيات الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. وضمان مصلحة الطفل في الحضانة من خلال تخويلها للأم ثم للأب ثم لأم الأم، فان تعذر ذلك فان للقاضي ان يقرر إسناد الحضانة لأحد الاقارب الأكثر أهلية. كما تم جعل توفير سكن لائق للمحضون واجبا مستقلا عن بقية عناصر النفقة والاسراع بالبت في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل اقصاه شهر واحد.
وتابع الخطاب ضرورة حماية حق الطفل في النسب في حالة عدم توثيق عقد الزوجية لاسباب قاهرة، وتخويل الحفيدة والحفيد من جهة الام على غرار أبناء الابن حقهم في حصتهم من تركة جدهم عملا بالاجتهاد والعدل في الوصية الواجبة.

أما في ما يخص مسألة تدبير الاموال المكتسبة من لدن الزوجين خلال فترة الزواج.. فمع الاحتفاظ بقاعدة استقلال الذمة المالية لكل منهما تم اقرار مبدأ جواز الاتفاق بين الزوجين في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج على وضع اطار لتدبير واستثمار أموالهما المكتسبة خلال فترة الزواج وفي حالة عدم الاتفاق يتم اللجؤ إلى القواعد العامة للإثبات بتقدير القاضي لمساهمة كلا الزوجين في تنمية أموال الأسرة.
ونبه ملك البلاد إلى أن الإصلاحات المذكورة لا ينبغي ان ينظر إليها على انها انتصار لفئة على أخرى، بل هي مكاسب للمغاربة أجمعين.

 

آخر الأخبار