جدل الوقاحة والصحافة.. عندما اختلط الأمر على "هسبريس" وقررت الإساءة لموريتانيا

الكاتب : الجريدة24

14 نوفمبر 2023 - 12:50
الخط :

سمير الحيفوفي

لا يتعلق الأمر بالسجع كمحسن بديعي حين الجمع بين الصحافة والوقاحة، بل الأمر يتجاوز ذلك، فهناك شعرة رقيقة تفصل بينهما والتشابه بينهما يودي ببعض الكتبة والمنابر الإعلامية المغربية، إلى الردة عن الإخبار والإفهام، وإعلان كفرهم بكل الأخلاقيات التي تؤثث بلاط صاحبة الجلالة.

مدعاة ما سبق، ما اقترفته صحيفة "هسبريس" وهي تحاول أن تنبش في أمر قذائف "بوليساريو" الإرهابية، التي انهالت على قطاعات سكنية في مدينة السمارة الوديعة تروم منها ترويع المدنيين العزل، لتخوض بشكل مريب وعجيب، في ما يجمع بين المملكة المغربية وجارتها الجنوبية موريتانيا.

وبدت "هسبريس" كمن يدعو إلى "دين" جديد، وهي تتوغل في بين ثنايا العلاقات المغربية الموريتانية، دون أن يبدو لها ما يعجبها وتتخذ لنفسها مسافة بعيدا عن التنطُّع والإسهاب في سفاسف الأمور التي يستقيم الكلام بدونها.

ولقد أفردت "هسبريس" في مقال عجيب كل ما قد يسيء إلى جارة جنوبية تعد عمقا استراتيجيا للمملكة الشريفة وقبل كل هذا تمت إليها بوشائج أمتن من أن تنال منها الوقاحة التي تحرتها الصحيفة المغربية وهي تدبج مقالها برسم كاريكاتوري ساخر من الرئيس محمد ولد الغزواني.

فماذا دهى "هسبريس" وهي تبحث عمَّا تسود به بياضها في اعتناقها لفن ملأ الفراغ، غير الزج بجارة المغرب وشريكتها، وتصويرها كونها مغلوب على أمرها، وبأن جرذان "بوليساريو" تنسل منها إلى المغرب لترويع مدنييه؟ أليس في ما سودت به صفحاتها الافتراضية ما يشينها وما يسيء قبل كل هذا للعلاقات البينية الفريدة التي تجمع المملكة وموريتانيا؟

ثم هل من الأخلاقيات الإساءة إلى شخص محمد ولد الغزواني، الرئيس الموريتاني برسم كاريكاتوري يحاول النيل منها والحط من قدره؟ وهل كان لزاما ذلك، في زمن اختار فيه المغرب تثمين علاقاته مع الشركاء وتوطيد كل ما يجمعه مع الأصدقاء موازاة مع الصدود الذي يبديه للخصوم والأعداء؟

فهل تحتاج "هسبريس" للتذكير بأن موريتانيا لطالما كانت إلى جانب جارها الشمالي، وأنه وفي الأمس القريب، ذرفت الدمع الهتون لأجل المغرب الذي مادت الأرض تحته بزلزال الحوز، وأبدت دعمها اللا مشروط له في محنته، بعدما قررت الحداد لثلاثة أيام حزنا على مصاب المملكة الشريفة، وهو موقف دونه المغاربة مداد الفخر ووشموه غائرا في ذاكرتهم، حتى لا تمحوه الأيام؟

وهل تحتاج "هسبريس" للتنبيه بأن ما اقترفته في حق بلد يعد عمقا استراتيجيا للمملكة، وأبدى مرارا مواقف عدة مساندة لها، ضنَّت بها دول أخرى وعزَّ على باقي دول الجوار تحريها، إنما يخدم أجندة الخصوم، ولا يزيد الوضع الإقليمي القائم غير بعثرة لا يحتاجها لا المغرب ولا جارته الجنوبية، بينما هي تخدم الأجندة المسطرة في جارة الشرق، لإذكاء الخلافات بين المملكة وجواره.

لقد حادت "هسبريس" عن المسار، وأخطأت حينما رمت، وما كان لها أن ترمي بمثل هكذا مقال مدسوس بالزرنيخ يتغيا تسميم العلاقات المغربية الموريتانية في سياق إقليمي يستدعي الكثير من الحصافة والحكمة وتجنب الرصاص الطائش الذي يرتد على الجميع وأولهم من تذهب بهم الظنون إلى حدٍّ لا يفرقون فيه بين الوقاحة والصحافة.

فاستفيقوا واستقيموا معنا لا ضدنا.

آخر الأخبار