هل طبعت أحزابنا مع الانفصاليين في رئاسيات مصر؟

هشام رماح
الأخبار القادمة من أرض الكنانة، بشأن "تطبيع" ممثلي حزبين مغربيين مع الكيان الوهمي "بوليساريو"، أثناء عملية مراقبة سير الانتخابات المصرية، لا تسر بقدر ما تثير الحيرة ومعها الكثير من التساؤلات حول ماهية المواقف المعلنة والخفية من لدنهما، فيما يتعلق بالقضية الأولى للمغاربة.
وفيما انطلق ماراثون "رئاسيات مصر" الذي يرتقب حسمه على مدى ثلاثة أيام، انقضت أمس الثلاثاء 12 دجنبر 2023، فإن مراقبة هذه الانتخابات جرت بمشاركة حزبي "الاستقلال" و"الحركة الشعبية" وهو أمر من شأنه أن يثير لغطا كبيرا، ما دام تم إلى جانب وفد انفصالي، يدعي أن له مكانا ضمن مراقبي هذه الرئاسيات.
وللمزيد من التفاصيل، فإن الأمر يتعلق بـ"عبد القادر الكيحل"، القيادي الاستقلالي والمستشار البرلماني و"مولاي إدريس العلوي الحسني" القيادي الحركي والمستشار البرلماني، واللذان حلا بمصر ضمن وفد لمراقبة سير الانتخابات الرئاسية المصرية.
وقد تنحاز هذه التفاصيل إلى الإخبار، مثلما سارعت إلى ذلك صحيفة "العلم" الناطقة باسم حزب الاستقلال للإشارة إلى ذلك، إلا أنها تحمل، كذلك، في طياتها ما قد يشين هذين البرلمانيين، ويسود صفحتهما السياسية، بعدما سمحا لنفسيهما بالمشاركة في عملية تشهد مشاركة وفد عن الجبهة الانفصالية "بوليساريو".
ويبدو أن البرلمانيين المغربيين ممثلا الأمة، آثرا غض الطرف عما قد يوصف بـ"التطبيع" مع انفصاليين لا يرومون سوى تمزيق وطنهم، وقررا المضي قدما، نحو مصر، وضربا صفحا عن اتخاذ أي إجراء قد يسمع عنهما من شأنه أن يترجم، على أرض الواقع، نصرتهما لقضية الصحراء المغربية.
ولم يَنِد عن "عبد القادر الكيحل"، ولا زميله "مولاي إدريس العلوي الحسني"، ما يحيل على رفضهما المشاركة في مراقبة الانتخابات المصرية إلى جانب ممثلي الكيان الوهمي، الذي نذر لنفسه هدفا واحد يتمثل في ضرب الوحدة الترابية للمملكة، وقد تحريا صمتا ما كان ليكون مريبا، لولا أن الأمر يتعلق بقضية يتبنى حزبا "الاستقلال" و"الحركة الشعبية"، مواقف مناصرة لها دون قيد أو شرط.
ولعل احتماء البرلمانيين المغربيين بالصمت ومواصلتهما مراقبة الرئاسيات المصرية، بحضور الانفصاليين، ما كان ليعفيهما من مسؤوليتهما السياسية والأخلاقية في الدفاع عن حوزة الوطن، وهو أمر لا يتجزأ لا بالزمان ولا المكان، ليثار التساؤل الآتي: لماذا لم يسمع لهما وهما ممثلا الأمة حس ولم يبدر عنهما ما قد يبعد عنهما كل شبهة تطبيع مع الانفصاليين؟
أيضا، للأشقاء المصريين نصيب من العتاب، فكما أن مصر "أم الدنيا" تستحق أن تنال استحقاقاتها الرئاسية كل الاهتمام من العرب والغرب على حد السواء، فإن ما يعيب في ذلك هو سماحها لانفصاليين مارقين بالمشاركة في مراقبة سير السباق نحو الرئاسيات فيها.
ألم يكن حريا بالأشقاء في أرض الكنانة، الوقوف في وجه دعاة الانفصال وتمزيق الأوطان، والحيلولة دونهم ومراقبة الانتخابات الرئاسية هناك؟ هل ترضى مصر لنفسها أن يكون ضمن مراقبي انتخاباتها مرتزقة بلا تاريخ لا يلوون على شيء غير فصل المغرب الشقيق عن صحرائه؟
إنها أسئلة من بين أخرى تظل مشروعة، وتترجم، في نفس الآن، الكثير من العتاب، على المطبعين وعلى الانفصاليين، مهما كانت الظروف، ولا مجال ها هنا للدفع والاعتقاد في مثل هكذا مواقف حاسمة، بمقولة ما لا يدرك كله لا يترك جله، لأنه لا مجال لها متى تعلقت الأمور بالقضايا المصيرية للأمم مثل الأمة المغربية.