مستشفى محمد الخامس يلفظ المرضى وهم على باب الموت

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

05 يناير 2024 - 01:00
الخط :

أوضاع جد مزرية تلك التي يعيشها ويعانيها المرضى الذين يقصدون مستشفى محمد الخامس بطنجة طمعا وأملا في الحصول على العلاج والتدخلات الطبية المستعجلة والعودة إلى الحياة، بعدما أصبحت رجلهم الأولى في ضفة الآخرة.

اهمال.. واستفزاز..

(س.ب) سيدة ستينية نقلها زوجها، ليلة الجمعة/ السبت 29/ 30 وبنتها نجوى على وجه السرعة إلى هذا المستشفى وهي في غيبوبة، بسبب تعرضها لارتفاع ضغط الدم إلى مستويات قصوى، لكن الصدمة كانت كبيرة لما تعرضت المريضة لاهمال كبير من قبل القائمين على هذا المستشفى الحكومي، المدعوم والممول من ضرائب المغاربة.
في الوقت الذي انشغل زوج المريضة (س.ب) بالاجراءات الإدارية واقتناء الأدوية التي طُلبت منه، ظلت المريضة ملقاة على الأرض مباشرة وهي فاقدة للوعي، بدون أفرشة تحتها حتى. حتى الكراسي والحامل الذي يستعمل في نقل المرضى رفض القائمون على المشفى استقدامه لحمل السيدة وانقاذها من البرد على الأقل الذي ينخر عضامها ويزيد من تهالك جسمها الضعيف.. الممرضات وقفن فوق رأس نجوى المريضة مثل مأمور السجن يأمرنها بحمل أمها وحدها مرة إلى المرحاض من أجل الحصول على عينة من البول لاجراء التحاليل عليها، وهي لا تقوى على حملها لبنيتها الجسمية الضعيفة في الوقت الذي توجد المريضة في غيبوبة. ومرة أخرى تأمرنها بحملها إلى قاعة من قاعات الفحوصات أو قياس نسبة ضغطها ومرات أخرى بحملها إلى مصالح أخرى.. نجوى ملأت المستشفى بأعلى صوتها طلبا للمساعدة.. بل تبكى لعل أحدهم يشفق على حالها وحال أمها ويقدم لها المساعدة.. تصرخ بأعلى صوتها أن أمها تموووت.. لكن برودة رد فعل الممرضات بل حتى حراس الأمن، في غياب أي طبيب الذي من المفروض ان يتدخل، كان "مثل السهم القاتل والمدغدغ لمشاعرنا"، تقول نجوى.
الأخطر من ذلك، أن من تكلف بالتدخل المتأخر جدا لإسعاف المريضة التي كانت على وشك الموت، جلهم متدربون، حسب المعلومة التي حصلت عليها "الجريدة24" من عين المكان، استنادا إلى مصدر من داخل المشفى.. لدرجة أنه في ليلة واحدة تم حقنها ب 13 حقنة من أجل تخفيض مستوى ضغط الدم الذي ارتفع 25 درجة، حتى اصبحت ايدي المريضة تشبه الغربال من كثرة ثقب الابر، دون أن تخضع لتصوير ب "سكانير".
لم تتوقف القرارات الاستفزازية للممرضات عند هذا الحد، بل رافقه الكثير من السلوك الاستفزازي ايضا، لاسيما في اللحظات كان كانت نجوى تحاول جاهدة حمل أمها ونقلها من مكان إلى آخر داخل اروقة المستشفى وكانت تسقط معها على الأرض لأنها لم تكن تقوى عليها، وهي (المريضة) مبللة بالماء بعدما سقطت على أرضية المرحاض المتسخ جدا لغياب النظافة بهذا المستشفى.. هذا السلوك الاستفزازي كان على شكل قهقهات وضحكات تملأ ممرات وجنبات المستشفى الذي تفوح منه رائحة مثيرة للقيء، من كثرة الاوساخ العالقة على أرضية وجدران المستشفى، كما تصف مرافقة المريضة المشار إليها.

تسريح في حالة غيبوبة

 

بعد ليلة طويلة من "التكرفيص"والحكرة والاستفزاز والاهمال، وفق تعبير المعنية بالأمر، طُلب من مرافقي المريضة بحمل مريضتهم إلى المنزل وهي في غيبوبة. بعدما أخبروهم بأن المريضة لا تعاني من أي شيء وما تحتاجه الراحة فقط، نعم الراحة فقط وهي في غيبوبة.. "حاولنا الاحتجاج والصراخ والتحذير من وضع المريضة لأنها في غيبوبة دون أن تجاوب.
وبعد كل المحاولات لم يجد مرافقو المريضة أي بد سوى حمل مريضتهم وهي "مدرجة"في المياه إلا حملها إلى سيارة أحد الجيران الذي رافقهم، وأرجعوها إلى منزلها الذي يبعد عن مستشفى محمد الخامس بحوالي 40 دقيقة، خارج المنطقة الحضرية لطنجة، وذلك في الساعات الاولى من صباح السبت الاخير، وهي لا تزال في غيبوبة.
ظلت المريضة على هذا الحال.. تارة تصحو وتارة أخرى تفتح عينيها دون أن تتعرف على من يحيط بها حتى مساء السبت، حينها تشكلت لدى أهل المريضة قناعة بأن مريضتهم في حالة خطيرة كونها لا تتعرف حول من حولها.. ليقرروا حملها إلى غحدى المصحات الخاصة رغم ضعف الامكانيات المالية، ما دام مستشفى محمد الخامس لفظها..

تمزق ونزيف في الدماغ

مباشرة بعد وصول المريضة للمصحة اكتشف مرافقوها، استنادا إلى توصيف الطبيب المختص، أن المريضة تعاني من تمزق على مستوى الشرايين الدموية ونزيف على مستوى الرأس والدماغ وأن الحالة حرجة جدا، وأن فرصة نجاتها من الموت باتت ضعيفا.. كل ذلك بسبب التأخر في التدخل الأولى بمستشفى محمد الخامس ومضاعفات الضغط الدموي..
المريضة لا تزال في قسم الإنعاش في غيبوبة منذ السبت مساء الخير إلى غاية اليوم الأربعاء، ولا تزال التدخلات الطبيبة بقسم على قدم وساق، في الوقت الذي يتحدث التقرير الطبي الذي أعطى خلاصاته الطبيب المختص لأهل المريضة، أن الابقاء على المريضة بقسم الانعاش سيطول كثيرا.
وليست حالة(س.ب) الحالة الوحيدة التي تعرضت للإهمال من قبل القائمين على مستشفى محمد الخامس، بل حالات أخرى كثيرة.. إحداها حالة (م.م) الذي يرقد إلى جانب المريضة الأولى (س.ب) في نفس المصحة، هو الأخر تعرض لاهمال كبير من قبل القائمين على مستشفى محمد الخامس، قبل أن يقرر أهله نقله إلى المصة المشار إليها، وهو الأخر دخل في غيبوبة منذ أربعة أيام، ولا تزال حالته حرجة.

 

من يتحمل المسؤولية؟
هذه الحالات وأخرى كثيرة من مختلف المستشفيات العمومية المغربية، تجعل الحكومة ووزارة الصحة في حالة مساءلة وأمام مسؤولية قائمة كونهم يتسببون في قتل الناس، ولو بدون قصد، من خلال الاستهتار والاهمال، وعدم التعاطي بجدية مع واقع المستشفيات العمومية وتوفيره بالأجهزة والتقنيات الضرورية لاسعاف المرضى. فمن يتحمل مسؤولية ما يقع، ومن سيحاسب من؟

 

آخر الأخبار