ضحايا توفيق بوعشرين.. بين انتصار العدالة وانكسار الاغتصاب

الكاتب : الجريدة24

24 فبراير 2024 - 12:00
الخط :

هشام رماح

ست سنوات انقضت وتوفيق بوعشرين، في السجن إلى حيث اقتيد بعدما عبث كثيرا بأجساد ضحايا من نسوة كُنَّ تحت رحمته، وعلى مدى هذه السنين عشن تتلاطمهن تارة نشوة الانتصار الذي استشعرنه وهم يرونه يؤدي ما بذمته للعدالة وبين الانكسار الذي تسبب لهن فيه، بعدما ساقتهن الظروف تحت سلطته في الصحيفة التي كان مديرا لنشرها.

ست سنوات انقضت، وتوفيق بوعشرين، في السجن، وفي كل 23 فبراير من كل عام، تحل ذكرى الاعتقال، لكن تنبعث معها ذكريات أسوأ وأردأ لضحاياه، اللائي تفنن في نهش أجسادهن وأذاقهن المُر، واغتصبهن وتجبر عليهم بكل سادية قميئة، ليترك في أجسادهن أثارا، أي نعم أنها اختفت مع الزمن، لكن الجروح الغائرة التي خلفها في نفوسهن لن تندمل أبدا.

ست سنوات انقضت، وتوفيق بوعشرين، في السجن، لكنها مثل ست دقائق في عدَّاد الضحايا، يرونها قصيرة جدا ويتمنين أن تطول عليه، حتى يحس بمدى الآلام واللواعج التي تسبب لهن فيها، وقد امتشق سيف سلطته عليهن، واستباح أجساد العذارى منهن وحتى المتزوجات، مستسيغا لحومهن وهن مهيضات الجناح، حيث أذاقهن كأس المهانة بكل قسوة.

ست سنوات انقضت وتوفيق بوعشرين، في السجن، لكن لا أحد في هذه السنوات التفت إلى الضحايا، ولا أحد سأل عنهن وعن مصائرهن وكيف لهت بهن الحياة، فكما أن "أسماء. ح" ودعت الدنيا، وفي قلبها غصة مما تسبب لها فيه، فإن هناك أخريات باقيات لازلن يعشن على ذكريات أليمة، ذكريات موشومة لن يمحوها تعاقب الأيام وتداول السنوات.

ست سنوات انقضت وتوفيق بوعشرين، في السجن، والضحايا تطوحهم "متلازمة صدمة الاغتصاب" (Rape Trauma Syndrome)، وإذ لم يتخلصن منها بعد، فإنهن باقيات تحت رحمتها يعانين من كل الاضطرابات السلوكية ومن كل التبعات التي تلي الوقوع بين براثنها، لكن لا أحد يرى ذلك، إلا ذوي قرباهن وأهاليهن.

ست سنوات انقضت وتوفيق بوعشرين، في السجن، وفي ثناياها، سلطت الأضواء على زوجة المعتقل وعلى حوارييه، ممن غضوا الطرف عما اقترفه، وتجاوزا له عن خطاياه، واسترسلوا في نسج عنه صورا لا تمت للواقع بصلة، ولا بحقيقته كمغتصب بأي علاقة، لكن لا أحد أولى الاهتمام لضحاياه، فالضحايا من نسائه لا يستطعن دوما البوح درءا لتكبد المزيد من الآلام، وتجرع المزيد من العلقم.

ست سنوات انقضت وتوفيق بوعشرين، في السجن، وخلال هذه السنين، سمعنا كثيرا عما يردده الهائمون في حب الرجل، والغاضُّون الطرف عن جرائمه، لكن لا أحد سمع عن عمَّن يرق لحال الضحايا اللواتي تجشمن كل الصعاب وكابدن الأهوال، بعدما انفضحت سرائر مديرهن وما كان يفعله وراء باب مكتبه الموصد في الصحيفة التي كان مديرا لنشرها.

لقد مرت ست سنوات على اعتقال توفيق بوعشرين في 2018، لكنها مجرد فترة يؤدي فيها جارح الظلام المعتقل، ما بذمته للعدالة وهي فرصة له، ليطَّهَّر من أدرانه ويتخلص من أعباء ما حمله على أكتافه من ذنوب "الولايا" اللواتي استغل سلطته ليضغط عليهن حتى يستلذ الانتصار دون أن يبالي بما خلفه لديهن من انكسار.

آخر الأخبار