هكذا بدت ملامح نهاية " المغرب القديم"

الكاتب : الجريدة24

23 أبريل 2024 - 02:00
الخط :

أمينة المستاري

من الغروب إلى الفجر...عنوان فترة فارقة في تاريخ المغرب، اعتبرها فريديريك في مؤلفه بداية نهاية "المغرب القديم"...

كان أول حدث وفاة الصدر الأعظم سنة 1900 ... في وقت كانت بلاد المخزن خاضعة تؤدي ما عليها من ضرائب، ولم تكن ميزانية الدولة تكفي لأكثر من أربع سنوات،  أما قبائل بلاد السيبة فانهمكت في محاربة بعضها البعض، بخلاف القبائل الشبه مستقلة فكانت واجهة تتخذها المملكة واجهة أمام أوربا

وفي تلك الفترة الزمنية كانت بلاد المخزن تضم شمالا طنجة وتطوان والقبائل الشاطئية وأصيلا والعرائش والقص، وزان ومكناس وفاس وصفرو، مرورا بالرباط وسلا، أما جنوب أبي رقراق فكانت تضم بني مسكين والسراغنة وزمران وهنتيفة وصولا لدمنات

ويتجه على امتداد جبال الأطلس وينتهي عند البحر بين رأس سيم ورأس غير ، محيطا بسائر بلاد الحوز وسهل مراكش الفسيح وقبائل ديارا.

عمل المخزن على التعهد بحامياته بالشرق والوسط والجنوب، يمون المراكز عن طريق البحر فيما حضيت باقي الحاميات من البلاد المستقلة أو شبه المستقلة بالاحترام، وكانت حرية التجارة مكفولة للجميع.

لم ينسى الطبيب الفرنسي أي منطقة من بلاد المخزن والمستقلة والشبه مستقلة، إلا ووصفها  وقام بذكر أسماء القياد الكبار من الاقطاعيين بها من قبيل الكلاوي والكندافي المتوكي، والكيلولي وأنفلوس الذين اعتبروا عمال الدول الشريفة.

في الجانب الآخر، كانت بلاد السيبة التي شملت جبال الريف والأطلس المتوسط والكبير والصغير ووادي درعة ووادي سوس والسهول المقفرة الخالية، تعيش بها قبائل وعشائر مستقلة منفلتة عن سلطة المخزن ومتشبثة باستقلالها ولم يستطع حتى الغزاة إخضاعها.

كان السلطان مولاي عبد العزيز في 22 من عمره، عندما توفي الصدر الأعظم باحماد، وتمت تولية  ابن عمه الحاج المختار بن عبد الله، ثم سي فضول غرنيط ،فيما عين سي المهدي المنبهي في وزارة الحربية.

تمكن السلطان من استعادة هيبته وسلطته بعد وفاة باحماد، لكن مع مرور وقت قصير تمكن المنبهي من الاستئثار بإدارة شؤون البلاد، فيما بقي السلطان بعيدا عن السلطة وانهمك في التسلية والاهتمام بالتصوير مما مكنه من الاطلاع على ما يحدث خارج المغرب ومعرفة بعض من جوانب الحضارة الأوربية بفضل المقتنيات التي كان يقتنيها.

انتقل اهتمام السلطان من اللهو إلى الابتكارات والإصلاحات، وسعى إلى استبدال بعض المؤسسات القديمة بتنظيمات جديدة، لكنها كانت سيئة من حيث التنظيم والإعداد، فقد ألغيت الضرائب القديمة والنابية وتم تعويضها بأخرى يقوم أعوان مختصون بجبايتها عوض القياد، وصارت لهؤلاء رواتب وأصبح على الأمناء أن يقسموا على عدم اختلاسهم للرسوم وعدم الارتشاء.

إصلاحات مولاي عبد العزيز لم تكن مقبولة كفاية، فقد أثارت الإصلاحات شك الساكنة في القرى والمدن، فيما اعتبرتها قبائل الكيش تهديدا لصلاحياتها، ورأى العلماء فيه اعتداء سافرا على التقاليد وخروجا عن الشريعة.

في تلك الفترة، قتل "بوزي"، أحد الفرنسين، بعد الأحداث التي عرفتها الحدود الجزائرية، ونتج عنه إرسال فرطاقتين "بوثيو" و" دوشايلا" إلى السواحل المغربية.

سنة 1901 قرر الطبيب مغادرة المغرب مؤقتا، بعد أن يقوم بجولة استكشافية حول الشاوية، لكن طريقه لم تكن مفروشة بالورود، فقد عاين الأوضاع الأمنية المتدهورة في مجموعة من المناطق التي مر بها، والعداء الذي حصده السلطان بسبب سياسته الجديدة، ولم تعد بذلك رسالة السلطان التي يحملها فريديريك تجدي نفعا، فالصراعات ظهرت بين القبائل كالمداكرة والزيايدة، فتعرض لمهاجمة من عصابة غير بعيد عن الحدود مع زعير، بين عين السلطان وبوزنيقة.

أثناء زيارته لباريس، التقى الطبيب بوزير الخارجية المغربي أنداك عبد الكريم بن سليمان، الذي تم إيفاده للتوصل إلى توافق مع فرنسا حول القضايا المتعلقة بالحدود، وانتهت بتوقيع معاهدة تخول لدويمنيع وأولاد جرير حق الاختيار بين المغرب والجزائر، وتشرك البلدين فيما يتعلق بالشرطة وتهدئة المناطق الحدودية.

تمكن فريديريك من معرفة السبب الرئيسي للبعثة التي ترأسها المنبهي وهو تقديم تهاني السلطان لإدوار السابع لتوليه العرش، والاحتجاج في لندن وبرلين على الاحتلال الفرنسي لتوات، وطلب الدعم من بريطانيا وألمانيا للوقوف في وجه فرنسا.

يتذكر فريديريك قبل وصوله الدار البيضاء أن فرنسا لم يكن لها قنصلا بالمغرب، رغم أن الجاليات الأوربية كانت متيقنة من أن فرنسا ستبسط نفوذها على المغرب، وبعد مدة تم تعيين مندوب في طنجة، وقنصلية في فاس.

تمكن ريفوال القنصل الذي أصبح حاكما للجزائر من تنفيذ بروتوكول 20 يوليوز 1901، وكان المولى عبد العزيز أول من طلب مساعدة فرنسا، وتم توقيع اتفاقيتين معها لتحديد العمل المشترك للحكومتين بالحدود، وطرد بوعمامة من فكيك، كما مدت فرنسا الحكومة الشريفة بمدربين عسكريين واقترض 7 ملايين من شركة فرنسية، في بادرة نمت عن التوافق بين فرنسا والمغرب وبداية الاختراق السلمي.

آخر الأخبار