متى بدأ الفرنسيون يهتمون بالمغرب؟

الكاتب : الجريدة24

30 أبريل 2024 - 12:00
الخط :

أمينة المستاري

لم تستسلم ألمانيا رغم هزيمتها في مؤتمر الخزيرات وخروجها خاوية الوفاض، فقد حاولت إدخال بعثة من قبطان في سلاح الهندسة وسلاح الفرسان، حتى تجعل المغرب أداة في صراعها مع فرنسا ووسيلة للضغط.

بدأ الفرنسيون يهتمون بالمغرب، ففي سنة 1904 تشكلت لجنة إفريقيا الفرنسية لإعداد دراسات عن المغرب، شارك الطبيب فريديريك بمحاضرات ومقالات نشرها في مجلات، حاول إقناع الرأي العام الفرنسي بأهمية المسألة المغربية على أمن الإمبراطورية الإفريقية الفرنسية ونفوذ فرنسا في البحر الأبيض المتوسط بل وعلى مستقبل فرنسا كقوة عالمية.

كانت الأحوال في المغرب سيئة، فالإصلاحات المفروضة عليه بعد مؤتمر الخزيرات أتمت انحطاطه، وسرعان ما تحولت وضعيته إلى عوز شديد.

اضطر المخزن إلى بيع وحداته البحرية الثلاث، وتحول الموظفون إلى استغلال جوع الشعب واحتكار الحبوب والمواد الضرورية، وتعرض السلطان للإهانة من طرف رعاياه

يحكي الطبيب الجاسوس في مؤلفه، فلم يعد يخرج من قصره في فاس بعدما لم تعد له من سلطة إلا على بعض المدن والقبائل المتواجدة على السواحل، هذا في وقت أصبح الروكي قويا وكذا الريسولي، هذا الأخير تسبب في مقتل مواطن فرنسي فكانت سببا في مراسلة الهيئة الدبلوماسية للسلطان والتعبير عن إمكانية القيام بإنزال للقوات الفرنسية والاسبانية.

قام مولاي عبد العزيز بالزحف في محلة صغيرة بقيادة العلاف سي محمد الكباص وتمكن بفضل سلاح المدفعية من الاستيلاء على الزينات، لكن الريسولي فر إلى الجبال وقام بإرهاب طنجة والقصر وتطوان، فلم يكن أمام السلطان سوى التفاوض معه، إلا أن المفاوض ماك لين وقع في فخ الريسولي ولم يفرج عنه إلا بشرط تمتيعه بالحماية البريطانية وفدية 500 ألف فرنك.

سرعت واقعة اغتيال الدكتور موشام احتلال الكولونيل فيلينو مدينة وجدة، ومواجهة الجنرال ليوطي لبني يزناسن.

في الجنوب لم يكن الوضع أفضل حالا، فقد عمت الفوضى واستغل كل من الكلاوي والمتوكي ضعف المخزن للتوسع وإحكام السيطرة على قياده الصغار، بخلاف الطيب الكندافي الذي ظل وفيا للسلطان فقد وجد نفسه محاصرا في أعالي وادي النفيس، أما بنواحي الصويرة فصار القايد أنفلوس الذي سار على منوال الكلاوي والمتوكي، أما في الشمال فكان لعيسى بن عمر نفوذا على قبائل عبدة واحمر، فيما عمت الفوضى بدكالة والرحامنة.

أعلنت قبائل عدة دخولها في السيبة، وفي 1906 اختل الأمن في الدار البيضاء، وهدد البدو سنة 1907 باجتياح المدينة لكنهم تراجعوا بعد حصولهم على فدية، لكن مقتل أحد اليهود المحميين عجل بإقالة القايد بوبكر عامل المدينة، بعد طلب الهيئة الديبلوماسية، وتم إرسال فرطاقة لسواحل المغرب قامت بفرض حالة من الهدوء خاصة بعد وصول محلة صغيرة بقيادة شقيق جد السلطان مولاي الأمين.

قامت الشركة صاحبة الامتياز بميناء الدار البيضاء بإنشاء سكة صغيرة، وبعد أن هدأت الأوضاع قليلا عادت الفوضى بعد رحيل الفرطاقة، وظهرت موجة من التعصب من ذرف البدو الذين اعتبروا السكة دليلا على استيلاء "الكفار"على البلاد

كما أثارت القطارات والسيارات سخطهم، انتهى الأمر بمهاجمة عمال المرسى، والتجأت الجاليات بقنصلياتها والبواخر الراسية، مما عجل بإيفاد سفينة "كاليلي" وأعطيت الأوامر لإخلاء السفن التجارية استعدادا لقصف محتمل، ثم ما لبثت سفينة "دوشايلا" وعلى متنها مجموعة الفرقة البحرية بقيادة الأميرال فيليبير أن وصلت إلى الميناء وبعدها السفينة الإسبانية " ألبارو دي بازان" ليبلغ عدد البحارة 200 بحار، لكن الأمر لم يرق للبدو الذين قاموا بنهب المدينة وقصفها.

تمكنت السفينة الفرنسية والاسبانية من الدفاع عن التجمعات السكنية الثلاث من حول قنصليات فرنسا وإسبانيا وبريطانيا، وما لبث عدد البحارة أن بلغ 2000 بحار، قاموا بمطاردة القبائل المجاورة للدار البيضاء (البدو)، التي قامت بعمليات النهب واستقطبت أخبارها قبائل أخرى لتحط بالمنطقة للحصول على حصتها من الغنم، لتصبح الدار البيضاء مطوقة بالحشود الهائجة، التي ظلت تقوم بهجوماتها قبل أن يتمكن الجنرال درود من مهاجمتها ودفعها إلى ما وراء التلال في عمليات متعددة (عملية سيدي مومن، تادرت، سيدي إبراهيم

آخر الأخبار