أعلام فاس وعلماؤها…بن غازي مكناسي خطيب وإمام بجامع القرويين

الكاتب : الجريدة24

01 أبريل 2024 - 06:00
الخط :

فاس: رضا حمد الله

رغم ازدياده بمكناس، فإن رحلته ومكوثه بفاس للدراسة وطلب العلم، فتحت آفاقا كبيرة في وجه محمد بن غازي العثماني المكناسي الفاسي، الذي يعتبر واحدا من أعلام المغرب ممن تفننوا في ضروب المعرفة والعلم وتميزوا في القراءات والتفسير والحديث والحساب والنحو واللغة والتاريخ.

لكن شهرة بن غازي المتوفى بفاس في 910 هجرية عن عمر يقارب 69 سنة، كانت أكثر في الفقه والفتوى ومجاهدا كبيرا بعدما انضم لصفوف المجاهدين لحماية الثغور المغربية من الغزاة الأوروبيين في تلك الحقبة التاريخية التي وازن فيها بين التعليم والتأليف والفتوى والجهاد.

ينحدر أصل بن غازي من قبيلة بني عثمان بكتامة، لكن عائلته استقرت بمكناس حيث ولد قبل أن يتوجه لفاس في رحلة علمية دامت 17 سنة، ليعود إلى مكناس حيث درس في جامعها الأعظم وتولى به منصب الخطابة قبل أن يتم إبعاده إلى فاس التي اتخذها بعد ذلك مستقرا نهائيا.

وكانت خصومة بين ابن غازي وبين محمد بن أبي زكرياء الوطاسي المعروف ب"الحلو"، سببا في هذا الإبعاد عن مكناس، لكن ذلك كان فال خير عليه بعدما تولى مسؤوليات وبرز اسمه أكثر سيما بعدما تولى الخطابة بمسجد فاس الجديد بالمدينة البيضاء المرينيين والإمامة بجامع القرويين.

وأسندت له بجامع القرويين بالمدينة القديمة كراسي لتدريس العربية والفقه والحساب والفرائض وغيرها من أصول المعرفة، موازاة مع انكبابه على التأليف حيث ألف أكثر من عدة كتب أشهرها "شفاء الغليل في حل مقفل خليل" و"حاشية لطيفة على الألفية" و"تكميل التقييد وتحليل التعقيد".

ومن كتب محمد ابن غازي المكناسي الفاسي، الذي اشتهر بحثه على جهاد الغزاة الأوروبيين وشارك بنفسه فيه مرارا، "تقييد على صحيح البخاري" و"الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون" و"إنشاد الشريد في ضوال القصيد" و"التعلل برسوم الإسناد بعد انتقال أهل المنزل والناد".

وهذا التعلل يعتبر بمثابة "الفهرسة المباركة" في أسماء محدثي فاس وكتابها، وهي من أهم كتبه إضافة إلى "كليات فقهية على مذهب المالكية" و"نظم نظائر رسالة القيرواني" ومؤلفات أخرى في مجالات مختلفة تتعلق بالفقه والمذهب المالكي ورسم القرآن والقراءات ومقاصد الحديث.

ويعتبر "منية الحساب" من أشهر مؤلفاته المشتمل على ما جاء في "تلخيص الحساب" لابن البنا المراكشي، حيث شرحها في وقت لاحق بهذا الشرح في كتاب سماه "غنية الطلاب في شرح منية الحساب" المنشور لاحقا بحلب، إذ استخدم رموزا جبرية كانت سائدة في القرن 9 الهجري.

واعتبرت خطوته هذه مهمة في تطوير علم الرياضيات، كما ورد ذكر ذلك في مصادر لامست جزء من حياة "هذا الإمام العلامة شيخ الجماعة البحر الحافظ الحجة المحقق جامع شتات الفضائل خاتمة علماء المغرب ومحققيهم ذو التصانيف المفيدة العجيبة الذي رحل الناس إليه للأخذ عنه".

وكان بن غازي الذي قاد نهضة علمية امتد شعاعها إلى مناطق المغرب، أستاذ أجيال من طلبة العلم  ممن قصدوا مجالسه سواء بمكناس أو بجامع القرويين في فاس. ومن أشهر تلاميذه شقرون بن أبي جمعة الوهراني وغيره ممن أثنوا على تفردها وتميزه وحسب سيرته وأخلاقه.

"كان عذب المنطق، حسن الإيراد والتقرير، فصيح اللسان، عارفا بصنعة التدريس، ممتع المجالسة، جميل الصحبة، سري الهمة، نقي الشيبة، حسن الأخلاق والهيئة، وعذب الفكاهة، معظما عند العامة والخاصة" كما أوردت المصادر في حديثها عن الرجل المدفون بعدوة الأندلس بفاس.

آخر الأخبار