هكذا استطاب المهداوي لنفسه أن يصبح بالونا ينفخ فيه الـ"كراغلة"

هشام رماح
استطاب حميد المهداوي، لنفسه أن يصبح بالونا ينفخ فيه يوما بعد يوم الذباب الإلكتروني للنظام العسكري الجزائري، وارتضى أن يصبح نجما من ورق لدى الـ"كراغلة"، متحريا مقولة "كم حاجة قضيناها بتركها"، والحاجة ها هنا متمثلة في إرضاء نرجسيته المقيتة، والترك يتعلق بعدم النبس ببنت شفة، بشأن ما يتناقله آكلو الثوم بفمه هناك في جارة السوء.
ولعل النفخ في "البالون المهداوي" ازداد منذ آخر خرجات "عبد المجيد تبون"، الرئيس الجزائري، والتي لم تشذ عن غيرها، وقد روَّح فيها عن متابعي اللقاء الصحفي الذي انعقد في 30 مارس الماضي، وهم يسمعون بآذانهم كيف أن رئيسا يستدرج شعبا كاملا بأكاذيب وخزعبلات من قبيل إنشاء مزرعة تتمطى على مساحة 100 ألف هكتار لأجل إنتاج "الحليب غبرة"، أو لنجمِّلها لعل البعض يهضم هذه الفريّة، بـ"بودرة الحليب".
وإذ اقترف الرئيس الصوري من الأراجيف، ما اقترف وتلفظ بما غرفه من عالم الخرافة حيث يهيم والـ"كابرانات" العجائز، فإن الذباب الإلكتروني الجزائري، لم يجد مناصا غير التوغل كثيرا في وحل ما ندَّ عن فم "عبد المجيد تبون"، محاولين غرس الأمل في عهدة أخرى له رغم نفاد رصيده، وفضحه لنفسه كون جبة الرئاسة أكبر منه بكثير، فكان أن راحوا يحاولون إبرام مقارنة لا تستقيم مع المغرب وذلك لوجود الفارق الكبير بين المملكة والثكنة.
ولا حاجة للتذكير بأن نظام العسكر، احترف الكذب حدا جعله يصدق نفسه، متجاوزا بذلك آفاق ما دفع به في ثلاثينيات القرن الماضي "جوزيف غوبلز"، وزير الدعاية النازي حين قال "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس"، فكان أن صدق أزلام العسكر الكذب الذي ظلوا يفترونه على حرائر وأحرار الجزائر، إلى مدى جعلهم يرطنون بأن الأمور على ما يرام في الثكنة الكبيرة في شرق المملكة، وبأنها ليست كذلك فيما دونها خاصة في رحاب الجار الغربي الذي هو عالق مثل شوكة في حلوقهم.
لكن، ما الداعي للاستهلال بحميد المهداوي، فكما أن هذا الطاريء الجديد بطغيان العالم الافتراضي، والذي أصبح مثل سوق تعرض فيه السلع الثمينة والرخيصة بشكل تختلط على الجميع ويصعب التمييز بينها، فإن الذباب الإلكتروني وليقيموا مقارنة حاولوا التأسيس لها قسرا، لم يجدوا ما يرتكزون عليه غير "صحفي" يهرف بما لا يعرف، حتى أصبح اسمه علكة تلوكها ألسنة خدَّام العسكر، لبلوغ مرماهم.
ولعل ما يشين حميد مهداوي، أنه أوجد لخصوم الوطن، مواد خصبة وخامات كثيرة، ليتطاولوا على هذا الوطن، وهم يروجون لـ"هَبَداته"، على حساب في منصة "إكس"، في ترديد سمج منهم لما يضرطه الرجل بلا حسيب ولا رقيب، في عالم افتراضي لا يعترف بالحدود ولا يميز فيه الجاهلون بين غايات الكلام وتفتح فيه أبواب التأويلات مشرعة.
لكن، ماذا فعل هذا "الجهبذ"، وهو يرى ترهاته تساق ضد وطنه ومؤسسات الوطن؟
لقد آثر الصمت وفي صمته ما يذممه بعيدا عن أي ادعاء بأنه حكمة في هكذا حال، إذ توارى إلى الخلف مزهوا في السر، وذاك حسْبُ من لم يخرج إلى العلن ليتبرأ مما يُقترَفُ باسمه وبصورته وصوته.. فكان مثل من قال للذباب الإلكتروني الـ"كرغولي".. واصلوا فأنا معكم.. ومتى احتجتم شيئا لمهاجمة بلدي المغرب.. قلبوا بين ثنايا كلامي وستجدون ضالتكم.
فعلا لقد زفَّ الذباب الإلكتروني الجزائري حميد مهداوي مثل "دون كيشوت" يخوضون به حربا خاسرة ضد طواحين الهواء، وهو مستكين لهذه البطولة السمجة، ممتشقا لهم لسانه السليط الماضي في حق وطنه، ومنعما عليهم بصمت يصدح عاليا بأنه مع الجهة التي تريد بوطنه سوءا.