هذه هي الرسائل الكامنة وراء تعيين 21 سفيرا للمملكة المغربية

الكاتب : الجريدة24

27 يونيو 2019 - 09:45
الخط :

سلم الملك محمد السادس بالقصر الملكي في الرباط، ظهائر تعيين 21 سفيرا جديدا في مختلف دول العالم. وهي خطوة تأتي بعد شهور قليلة من قرار تعيين هؤلاء السفراء في مجلس وزاري ترأسه العاهل المغربي يوم الخميس 7 فبراير 2019.

وكان من الواضح أن التعيينات راعت توزيعا بين بروفايلات لشخصيات قادمة من عالم السياسة وحقوق الإنسان أو المجال الاقتصادي، وأخرى تدرجت سواء في مسالك مؤسسات الإدارة أو الدبلوماسية. ويتضح من خلال القراءة الأولية أن التعيين في كل بلد راعى أولا كفاءة والسيرة الذاتية للشخص المعني وثانيا مدى ملاءمة مساره للمهمة التي أسندت إليه في بلد الاستقبال.

فعلى سبيل المثال، يمكن أن نربط تعيين أحمد رحو سفيرا للمغرب في الاتحاد الأوربي بالرغبة في تقوية العلاقات الاقتصادية على المستوى الاستراتيجي، لاسيما مع الوضع المتقدم الذي يتمتع به المغرب. فإذا كانت مرحلة سابقه أحمد رضا الشامي تميزت بطغيان الجانب السياسي المرتبط بمناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة فإنه بعد استقرار الأوضاع السياسية نسبيا ومرحليا سوف يتم التركيز أساسا على ما يتعلق باتفاقيات التبادل التجاري أساسا بالإضافة طبعا إلى إشكاليات أخرى أبرزها ملف الهجرة

وللتذكير فإن أحمد رحو تقلد عدة مهام على رأس مؤسسات اقتصادية كبيرة، ودبر ملفاتها الشائكة ولعل أبرز مثال على ذلك المهمة، التي اضطلع بها على رأس القرض العقاري والسياحي، بالإضافة إلى إشرافه من خلال موقعه في المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي على دراسات هامة جدا

المثال الثاني، الدال على هذا الاستنتاج نلمسه بشكل جلي في تعيين الأكاديمي اليساري حسن طارق سفيرا في دولة تونس. ويعد الأخير من أبرز الكتاب في العالم الذين تناولوا بالتحليل "الربيع العربي"، جذوره ومآلاته وإشكالياته، وتعيينه في المهد الذي انطلقت منه موجة احتجاجات الربيع العربي يحمل دلالات هامة، لاسيما وأن العلاقة مع هذا البلد الجار شابها بعض الفتور على عهد الرئيس الحالي باجي قايد السبسي لاعتبارات متعددة. ويمكن للسفير الجديد الذي عوض لطيفة أخرباش من خلال نسجه لعلاقات مع الفاعلين السياسيين في تونس أن يصلح ما أصاب العلاقات الثنائية من ردود على اعتبار أنه يتحدث معهم نفس اللغة.

وعلى العموم فقد حظي العالم العربي بربع السفارات التي شملها التغيير وهو رقم دال يدل أن هذا الفضاء يكتسي أهمية وبعدا استراتيجيا في أجندة الدبلوماسية المغربية، رغم المواقف المعبر عليها رسميا على المستوى الإقليمي العربي داخل جامعة الدول العربية. والأمر يتعلق هنا بكل من تونس وقطر والبحرين والأردن.

وفيما يتعلق بباقي التعيينات فقد شملت في أغلبها إعادة انتشار لأطر الدبلوماسية المغربية، ولعل التعيين الدال يرتبط بيوسف العمراني، الذي عين سفيرا للمغرب لدى جمهورية جنوب إفريقيا وجمهورية بوتسوانا وجمهورية مالاوي ومملكة إيسواتيني.

هذا التعيين يمكن من قراءته انطلاقا من مستويين، الأول يتجلى في العلاقة المتوترة مع دولة مانديلا والتي لم تتمكن المملكة إلى حدود اللحظة من فك شفرتها لتستمر بريتوريا في الدعم اللامشروط لجبهة البوليساريو الانفصالية، والثاني يتجلى في مستوى البروفايل الذي تم تعيينه في هذا المنصب وهو يوسف العمراني كاتب الدولة السابق في الخارجية والذي عين سنة 2013 مكلفا بمهمة بالديوان الملكي. فمهمة تدبير العلاقة الدبلوماسية مع دولة من حجم جنوب إفريقيا تتطلب شخصية مخضرمة تدرجت في مسالك الدبلوماسية الوعرة.

وتبقى ملاحظة أخيرة على مستوى هذه التعيينات الجديدة تضمن اللائحة لعدد من العناصر النسائية التي كلفت بمهام دبلوماسية في عواصم كبيرة، بالإضافة إلى تشبيب الدبلوماسية المغربية بأطر وزارة الخارجية من أجل منح الدبلوماسية دفعة جديدة لاسيما في القارة السمراء.

ولعل المثال الدال على هذا الأمر يتجلى في تعيين إيمان واعديل سفيرةلدى جمهورية غانا، التي تدرجت في مسالك هذه الوزارة وشغلت عدة مناصب دبلوماسية إذ شغلت منصب مستشارة سياسية بسفارة المملكة المغربية في غانا، ثم قائمة بالأعمال المؤقتة كما تولت منصب نائبة للسفير في سفارة المملكة المغربية ببلغاريا ومقدونيا بين شتنبر 2014 وغشت 2016، ثم منصب القائمة بالأعمال المؤقتة في سفارة المملكة المغربية بتونس من شتنبر 2016 إلى نونبر 2016.

أما فيما يخص التعيينات في قارة أمريكا اللاتينية، فيمكن قراءتها انطلاقا من الرغبة الأكيدة في تعزيز الشراكات الاستراتيجيات في بلدان هذه القارة التي كانت تتحصن بها جبهة البوليساريو فيما مضى، وها ما يتأكد من خلال الدول التي شملتها التعيينات، من بينها عواصم لها مكانتها وأهميتها الجيوسياسية بهذه القارة من قبيل الأرجنتين والبيرو والمكسيك.

آخر الأخبار