عندما أدى "محمد زيان".. "أفوكاتو" زمانه دورا رديئا في مسرحية بسيناريو أردأ

هشام رماح
قد يكون "محمد زيان"، "أفوكاتو" آخر الزمان، أصدق مثال معبِّر عن معتنقي الذلة والمسكنة لاستدرار التعاطف، والمتشبهين بالتماسيح التي تذرف الدمع الهتون كلما فرغت من التهام فرائسها.
وفي إخراج رديء لسيناريو أردأ، التأم حوله كل من "محمد زيان" والنافخون في النار ممن يحومون في فلكه، رمى المعتقل في "قاعة" البؤس التي حاول كسبها، بورقة دغدغة المشاعر في لعب قذر بها، لعله يستخلص شيئا من الرحمة أو حتى شيء من التعاطف.
وحاول عاشق المؤخرات، الذي لطالما نفخ أوداجه وتفاخم وتفاخر وعاث فسادا وهو يستلذ وينهش لحوم بريئات لجئن إليه، (حاول) الظهور كمهيض للجناح مكسور الخاطر، وكأنه معتقل ظلما ومحروم من الحرية جورا، وليس جرَّاء تهم اقترفها وبسبب جزاء أنزلته عليه يد العدالة التي ذهب به ظنه أنها لن تطاله.
وبدا "أفوكاتو" آخر الزمان، منتحلا قناع الذلة والمهانة، وهو يساق، أمس الاثنين، إلى المحكمة لتقتص منه بسبب تبديده المال العام ولم يرجع أموالا غير مستحقة له، لعله يستدر العطف والشفقة، وقد غاب عن ذهنه أن ألاعيبه لم تعد تنطلي على أحد، وبأن سيف البطولة الذي طالما امتشقه وحارب به طواحين الهواء، أمام الملأ، إنما هو مكسور.
وبعيدا عن المشهد السوريالي، الذي أدَّاه المدعو "محمد زيان"، فإن يعلم أكثر من غيره أن العدالة عمياء ولا تقيم وزنا، إلا للتهم التي يتابع بها، ومن جملة ما مثل به أمام القضاء، أمس الاثنين، متابعته باختلاس أموال عمومية، ثم المشاركة في تلقي فائدة في مؤسسة يتولى إدارتها والإشراف عليها.
ولأن الشيطان يكمن في التفاصيل، فإن عبدة أبطال الزيف، أثاروا جعجعة لعلهم يخفون بعضا منها، وهم يسوقون لصوره مترنحا ووئيد الخطوات، بوجه شاحب مكفهر، طمعا في تزييف الحقائق التي تفيد بأنه الآن يحصد وبال أمره.
وفي التفاصيل ما يحيل على الوجه البشع لهذا "السبع الورَقي"، إذ أنه ولسخرية القدر، وجد نفسه متابعا من طرف المكتب الحالي لـ"الحزب الليبرالي"، الذي اشتكاه لدى النيابة العامة، بعدما تبين لأعضائه أن "محمد زيان" إنما كان يعتاش على أموال الدعم العمومي المخصص لهذا الإطار السياسي.
وإذ قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرباط، متابعة هذا "الحيوان السياسي" في حالة اعتقال نظير ما تربَّحه من الاتجار بالشعارات وادعاء الدفاع عن حقوق المواطنين، فإنه الآن يبدو أقرب ما يكون ليؤدي ما بذمته، وما ترتب في حقه من اختلاسات، فكان أن التحف رداء المسكنة وهو من المهانة بما كان بعدما سقطت عنه ورقة التوت.
لقد تغيرت أمور كثيرة في مغرب اليوم، ومن جملتها أن الجميع يخضع للمساءلة والمحاسبة، ومن طالته يد العدالة، لا تنفع معه مسرحيات سمجة مثل التي حاول "محمد زيان"، تمثيلها، دون أن يستطيع تغيير الواقع الذي استفاق عليه، بعدما سبح كثيرا في بحر الأوهام وظن نفسه منيعا أمام العدالة.