بين "ريع الذاكرة" الكرغولي وما فعله القلم الفرنسي لتقطيع المغرب لفائدة الحديقة الخلفية للـ"ماما"

الكاتب : الجريدة24

31 مايو 2024 - 10:40
الخط :

سمير الحيفوفي

فيما يستمر نظام العسكر القائم في الجزائر، في الاقتيات على ريع الذاكرة مع فرنسا، يتغاضى عن كون بيته من زجاج وبأن الخطوة الأخيرة التي يطالب من خلالها الـ"كابرانات" فرنسا باسترجاع ما يصفونه بـ"ممتلكات تاريخية"، إنما هي محاولة للالتفاف على حقائق تاريخية ثابتة.

وبشأن الحقائق التاريخية الثابتة، فإن فرنسا لما نزلت في المنطقة التي حكمها العثمانيون قبلا والذين لم يبلغوا أبدا الصحراء، قررت أن توجد للجزائر مكانا بالقوة في شمال إفريقيا، فعمدت على مدى 132 سنة، من الاحتلال على اقتطاع أراضي شاسعة من دول الجوار، لتضمها إلى مقاطعتها التي استشرفت أن تجعل منها حديقة خلفية تضمن بها تواجدا دائما في المنطقة، متى انتهى عهد الإمبريالية.

فعلى من يكذب نظام الـ"كابرانات" وهو يستجدي "معالجة كل أبعاد المرحلة الاستعمارية من أجل التطلع إلى المستقبل"، عبر ما تسمى "اللجنة الجزائرية الفرنسية للتاريخ والذاكرة"؟ أليس في ذلك تغيير وتزييف للحقائق المثبتة والتي تفيد بأن المملكة المغربية التي ينازعها بقايا "الكراغلة" في وحدتها الترابية، قد اجتزأت أراضيها غصبا لتحسب على حديقة خلفية لفرنسا أريد لها أن تكون الأكبر في إفريقيا؟

ولعل المؤرخ الفرنسي "برنارد لوغان"، ليس وحده الخبير العارف بخبايا ما حدث من نهب للمغرب، وتمزيق حتى أصبحت "بشار كولومب" وتندوف بقلم ومسطرة جزائريتان، بعدما عبث المستعمر بالخرائط مثلما شاء وأراد، لذلك فعندما يملأ "الكراغلة" الدنيا زعيقا، مطالبين فرنسا باسترداد ما يظنونه ممتلكات لهم، يعمدون إلى ذلك عن قصد راغبين في استمرار ريع الذاكرة ثم صرف أنظار العالم عن أراضي المغربي التي سطا عليها الفرنسيون، ونسبوها زورا وبهتانا لمقاطعتهم الجزائر.

وبالعودة إلى "برنارد لوغان"، فهو يدري جيدا ما يقول حينما أفرد في مقال له، مستهل هذا العام، على صفحات الزميلة "Le 360"، وقد قال ما مفاده أنه وبعد ضم بشار في 1935، وتندوف التي احتلت في 1934، للجزائر بعد اقتطاعها بالقوة من المغرب، "أصبح للجزائر امتداد صحراوي لم تمتلكه قط من قبل، إذ لم تكن موجودة من قبل كدولة، ولم يحتل أسلاف الفرنسيين، أي الأتراك، قط الصحراء".

وإذ يحق للنظام العسكري القائم في الجزائر أن يلعب بورقة ريع الذاكرة مثلما يحلو له، فإن الجهالة التي تركبه تجعله يتغاضى عما يحق للمغرب، والذي تحتويه الوثائق والخرائط التاريخية التي إن جرى الكشف عنها، والجلوس إلى الطاولة فعلا لإعادة الحقوق إلى أهلها لن يجدوا لأنفسهم ما يحكمون غير قطعة أرضية صغيرة تكاد لا تكفيهم للتحرك فيها قيد أنملة.

ولعل "الكراغلة" يتفننون أكثر من غيرهم في إنكار الحقائق التاريخية، فهم كما يدعون، زورا على التاريخ، منبع الفراعنة وحائط البراق حائطهم وهم تواجدوا قبل الديناصورات وووو.. لكن ما لن يستطيعوا أبدا أن يثبتوا أن بشار وتندوف والصحراء الشرقية عموما جزائرية، لولا جرة قلم الـ"ماما" فرنسا، والتي قد تمحى قريبا لتعود الأمور إلى نصابها والـ"كابرانات" إلى حجمهم الحقيقي.

آخر الأخبار