الرمزية الاجتماعية والدينية لطقوس استقبال الحجاج في الثقافة المغربية

الكاتب : الجريدة24

26 يونيو 2024 - 10:10
الخط :

عبد اللطيف أبي القاسم / ومع/

دأب المغاربة على استقبال ضيوف الرحمان العائدين من الديار المقدسة بعد أداء مناسك الحج وفق عدد من الطقوس التي تتنوع بين تزيين المنازل وإقامة الولائم وغير ذلك من مظاهر الفرح.

وإذا كان بعض هذه الطقوس ما تزال قائمة سيما في البوادي، فإنها تشهد تراجعا ملحوظا في المدن.

في هذا الحوار، يجيب الباحث في علم الاجتماع علي الشعباني عن ثلاثة أسئلة لوكالة المغرب العربي للأنباء حول الأبعاد الرمزية لطقوس استقبال الحجاج والفروق بينها في الوسطين الحضري والقروي وكذا عن التغيرات التي طرأت عليها بفعل العولمة والتطورات التكنولوجية.

ما هي الرمزية الاجتماعية والدينية لطقوس استقبال الحجاج في الثقافة المغربية؟

تكتسي طقوس استقبال الحجاج المغاربة بعد أدائهم للمناسك رمزية اجتماعية ودينية كبيرة وعميقة في الثقافة المغربية. ويعزى ذلك لأن الرحلة إلى الحج كانت صعبة وقاسية قديما حيث لم يكن بمقدور كل الناس خوضها والعودة منها سالمين غانمين.

وبهذا المعنى، فإن الأشخاص الذين كانوا يتمكنون من الوصول إلى الديار المقدسة والعودة منها في رحلة شاقة تمتد لشهور وسنوات ذهابا وإيابا يستحقون الاحتفاء بطقوس خاصة. ولذلك نجد أن استقبال ركب الحجاج كان يتم بالأهازيج والأفراح لأن أفراده تمكنوا من أداء ركن من أركان الإسلام ليس من السهل تحقيقه، وينالون بذلك حظوة كبيرة بين أهليهم وقبيلتهم.

علاوة على ذلك، فإن عدد الذين كانوا يتمكنون من أداء هذا الركن كان ضئيلا مقارنة مع أعداد الحجاج الذين يؤدونه اليوم. ولذلك، فقد كانت لهم حظوة ومكانة كبيرة ويحظون بتقدير واحترام وتوقير من طرف الأهل والجيران.

ويمكن القول إن العودة من الحج كانت بمثابة ولادة جديدة وهذا ما يمنحها تلك الرمزية التي كانت تكتسيها طقوس استقبال الحجاج.

هل تلمسون فروقا بين طقوس استقبال الحجاج في المناطق الحضرية والقروية بالمملكة؟

نعم هناك فروق بالطبع. فالوسط الحضري ليس هو الوسط القروي، ومن ثم فالطقوس تختلف بينهما. وما يمكن قوله هنا هو أن سكان الوسط القروي ما زالوا متشبثين بالعادات القديمة في استقبال الحجاج.

كما يمكن القول إن هناك فرقا بين المكانة التي تمنح للحاج في الوسطين حيث إن العائد من الحج ينظر إليه في الوسط القروي نظرة إكبار وتوقير على مستوى القبيلة بينما لا يلتفت للحاج الذي يقطن بالوسط الحضري أحد غير ذويه وأهله.

وتبعا لذلك، فالمكانة الاجتماعية للحاج في البادية تكون أعلى من تلك التي ينالها نظيره في الوسط الحضري.

هل هناك تغيرات طرأت على هذه الطقوس بفعل العولمة والتكنولوجيا؟ كيف ذلك؟

في الواقع، التغيرات طرأت على مختلف مجالات الحياة وليس على طقوس استقبال الحجاج فقط. وكما تعرفون، فإن الإقبال على أداء الحج أصبح سلوكا عاديا اليوم نتيجة لكثرة من يؤدونه عكس ما كان عليه الأمر في الماضي. وعندما يكون شيء ما متوافرا بكثرة فإنه يصبح في حكم العادي.

وإضافة إلى الارتفاع في أعداد الحجاج، فإن أداء هذه الشعيرة أصبح اليوم سهلا ويسيرا بفضل توفر وسائل نقل مريحة وفنادق مكيفة لدرجة أننا أصبحنا نتحدث عن "الحج السياحي" الذي تقدمه وكالات الأسفار في إطار عروض تندرج ضمن ما يسمى بالسياحة الدينية ولا تختلف عن السياحة الترفيهية سوى في أداء مناسك الحج.

ويمكن القول إن الكثير من التغييرات طرأت على طقوس استقبال الحجاج بعدما أصبح أداؤه ميسرا في العموم، وأصبح الانتقال بين الأماكن التي تقام فيها المناسك في الديار المقدسة أكثر سهولة عما كان عليه الأمر في السابق.

آخر الأخبار