احتكار السوق والجشع الصيفي.. هل من حل للمستهلكين؟

في ظل ارتفاع درجات الحرارة، تشهد المدن المغربية زيادة ملحوظة في الاستهلاك الصيفي، وهو ما يفتح الباب أمام المضاربين والسماسرة لرفع الأسعار وممارسة الاحتكار.
هذا الوضع دفع العديد من المواطنين إلى الدعوة لإعادة النظر في السياسات المتبعة لمحاربة هذه الممارسات.
أحد المواطنين من مدينة الدار البيضاء عبّر للجريدة 24 عن استيائه قائلاً: "أسعار الفواكه الموسمية أصبحت لا تُحتمل. الهندية التي كانت تُباع بأسعار معقولة وصلت الآن إلى 8 دراهم للحبة الواحدة، والتفاح والموز أصبحا يكلفان 18 درهما للكيلوغرام، بينما الكيوي وصل إلى 30 درهما.
مؤكدا، أن هذا غلاء غير مبرر ويجب على الجهات المعنية التدخل، للحد من المضاربة.
ووفقا لعدد من المهنيين، فإن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الفواكه في المغرب يرجع إلى قلة العرض من جهة وارتفاع الطلب من جهة أخرى.
وقال تاجر يقتني الخضر والفواكه في سوق الجملة بالدار البيضاء، خلال حديثه للجريدة 24، إن الحرارة المرتفعة والظروف المناخية القاسية بسبب الجفاف أثرت بشكل كبير على إنتاج الفواكه هذا العام، مما أدى إلى نقص في الكميات المتاحة في الأسواق.
وأكد ذات المتحدث، أن ارتفاع الطلب على الفواكه بشكل كبير خلال فصل الصيف، ساهم أيضا في ارتفاع الأسعار، خاصة أن المطاعم والفنادق ومموني الحفلات يقومون بإقتنائها بشكل كبير، في هذه الفترة، الأمر الذي يساهم في كثرة المضاربة وارتفاع أسعارها.
مبرزا أن جميع الفواكه في الأسواق، عرفت زيادات قدرها ما بين 3 و7 دراهم مقارنة بالأشهر الماضية.
أما في المدن الساحلية، فالأمر لا يقتصر على ارتفاع أسعار الفواكه فقط، بل يتعداه إلى كل ما يتعلق بالعطلة الصيفية.
ووفقا لعدد من التدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن "خدمات الشقق السياحية ارتفعت بشكل غير مسبوق، وحتى الكارديانات أصبحوا يفرضون مبالغ خيالية مقابل حراسة السيارات، فيما الشواطئ أصبحت محتلة بدون أي سند قانوني، مما يضيق الخناق على المصطافين."
كما شدد النشطاء، أن "الجشع أصبح السمة السائدة في كل شيء، من أسعار المواصلات إلى تكاليف الإقامة التي تتجاوز 700 درهم لليوم الواحد وحتى خدمات الترفيه. هذا الوضع يستدعي تدخلاً عاجلاً من السلطات لمنع المضاربة وحماية المستهلك."
مع تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، يبقى السؤال الملح: هل ستتخذ الجهات المعنية الإجراءات اللازمة لحماية المواطنين من جشع المضاربين والسماسرة؟
وفي هذا الصدد، قال أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية "مع المستهلكين"، في حديثه للجريدة 24، أن مع زيادة الطلب في كل فصل صيف، يلاحظ ارتفاع ملحوظ في الأسعار، سواء في حجوزات الفنادق، أو تذاكر النقل، أو حتى في أسعار المطاعم والمقاهي والمواد الغذائية وغيرها في المناطق السياحية، وهذا الارتفاع يعزى بشكل كبير إلى ممارسات بعض السماسرة الذين يستغلون كثرة الطلب، لتحقيق أرباح أكبر، الأمر الذي يؤثر سلبًا على السياحة الداخلية للبلاد.
مضيفا، أن السياح المحليون يجدون أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ أكبر مقابل خدمات قد لا تكون ذات جودة عالية، بسبب عدم تفعيل آليات الرقابة بشكل كافٍ من قبل الجهات المسؤولة المختصة، مشيرا إلى تجاهل تطبيق القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة على أرض الواقع، يساهم في تعزيز قدرة السماسرة على استغلال السوق بشكل جشع.
ويرى أحمد بيوض أن الإجراءات الممكنة لحماية المستهلكين من الاستغلال خلال العطلة الصيفية تشمل ضرورة لجوء المواطن إلى جمعيات حماية المستهلك أو السلطات المحلية لتقديم الشكاوى في حال تعرضه للاستغلال من طرف المضاربين أو الكارديانات أو غيرها، وعلى الجهات المسؤولة العمل على حلها بشكل سريع وفعّال.
كما أوضح ذات المتحدث، أنه يجب على وزارة السياحة تنظيم حملات توعية للمستهلكين حول حقوقهم وكيفية تجنب الاستغلال، بما في ذلك كيفية التحقق من أسعار الخدمات وجودتها قبل الحجز.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الحكومة مطالبة بتقديم حوافز وتشجيعات للمنتجعات والفنادق المحلية لتقديم عروض تنافسية وتخفيضات لجذب السياح المحليين، مع الحفاظ على جودة الخدمات.
وشدد المتحدث ذاته، أنه على الرغم من الأسعار الباهظة التي تفرضها العديد من الفنادق، التي قد تتجاوز 5000 درهم لليوم الواحد، إلا أن مستوى الخدمات المقدمة غالباً ما يكون دون التوقعات، مذكرا إلى أن هذا التفاوت يثير استياء النزلاء الذين يدفعون مبالغ كبيرة دون الحصول على قيمة مقابل المال المدفوع، بحيث هناك ضعف في خدمات النظافة، الراحة، وتقديم المساعدة وجودة الطعام، الأمر الذي يتطلب تدخل الجهات المسؤولة والعمل على المراقبة المستمرة، مع تقنين أسعار الفنادق المصنفة.
وتحسين العرض السياحي الداخلي يتطلب إجراءات متعددة، منها توفير خيارات إقامة ميسورة التكلفة، وتطوير البنية التحتية في الوجهات السياحية الأقل شهرة، وإطلاق برامج ترويجية تستهدف الأسر المتوسطة والبسيطة.
من خلال هذه الجهود، يمكن تعزيز الإقبال على السياحة الداخلية، مما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى تعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية بين مختلف مناطق المملكة.
فيما يخص تأثير احتلال الشواطئ من طرف السماسرة على المصطافين، تواجه الشواطئ المغربية خلال العطلة الصيفية مشكلة استغلال من طرف السماسرة، رغم أنها تُعتبر ملكاً عمومياً يجب أن يكون متاحاً لجميع المواطنين.
متابعا، يقوم هؤلاء السماسرة بحجز مساحات واسعة من الشواطئ وكراء المظلات الشمسية والكراسي بأسعار مبالغ فيها، مما يمنع المصطافين من الجلوس والاستمتاع بعطلتهم الصيفية. هذا التصرف يؤدي إلى تقييد حرية المواطنين في الوصول إلى الشواطئ والاستفادة منها بشكل عادل ومجاني، مما يثير استياءً كبيراً بين رواد الشواطئ.
وتتطلب هذه المشكلة تدخلاً عاجلاً من السلطات المحلية لضبط هذه الممارسات غير القانونية وضمان أن تبقى الشواطئ مفتوحة ومتاحة للجميع دون تمييز أو استغلال.
وأوضح ذات المتحدث، أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال تشديد الرقابة على الشواطئ، وتطبيق قوانين تمنع الاستحواذ غير المشروع على المساحات العامة، وفرض عقوبات رادعة على المخالفين.