بين الاستغلال والخدمة الفاخرة.. جدل حول أسعار المطاعم في المغرب

الكاتب : انس شريد

28 يوليو 2024 - 10:00
الخط :

في الآونة الأخيرة، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب موجة من النقاشات الحادة حول ظاهرة جديدة تتمثل في مشاركة زبائن المطاعم لفواتيرهم التي تحتوي على أسعار باهظة.

هذه الفواتير، التي تُظهر أسعاراً قد يعتبرها البعض مبالغاً فيها بشكل كبير، أثارت جدلاً واسعاً واستياء بين المستخدمين، خصوصاً مع بدء موسم الصيف وزيادة الإقبال على السياحة الداخلية.

بدأت الظاهرة عندما شارك بعض المستخدمين فواتير لمطاعم ومقاهي في مناطق راقية تعرض أسعاراً غير متوقعة.

وإحدى الفواتير التي أثارت جدلاً كبيراً كانت لمقهى يقدم "الإسفنج" بسعر 15 درهما، بينما تجاوزت تكلفة الفطور 75 درهما، ووصلت أسعار الطواجن إلى أكثر من 200 درهم.

بالإضافة إلى ذلك، تداولت صورة لفاتورة تظهر سعر قنينة ماء صغيرة بـ15 درهما، وهو سعر فاق توقعات الكثيرين.

كما تم تداول فاتورة لوجبة عشاء ضخمة تقدر ب 11 ألف درهما، وهو ما أثار جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن البعض أكد على أن المشروبات الكحولية المتواجدة في الفاتورة مرتفعة أسعارها.

ويرى النشطاء أن تصوير الفواتير ومشاركتها على منصات التواصل الاجتماعي، تأتي احتجاجاً على ما يعتبرونه استغلالاً للمستهلكين، حيث يتهمون أصحاب المطاعم والمقاهي برفع الأسعار بشكل غير مبرر خلال موسم الصيف.

في المقابل، يعتقد آخرون أن الزبائن يختارون مطاعم فاخرة ويطلبون وجبات كبيرة ثم يتفاجأون بالفاتورة، مع العلم أن الأسعار تكون محددة مسبقاً في قائمة المأكولات.

أحد النشطاء علّق مستنكراً: "هل يعقل أن ندفع هذا المبلغ مقابل كأس قهوة وقنينة ماء؟!"، معبراً عن استيائه من الأسعار المرتفعة.

هذه الردود الغاضبة لم تقتصر على المستخدمين العاديين بل شملت أيضاً الفاعلين الجمعويين في المدن الشمالية، مثل مرتيل والمضيق.

وفي تدويناتهم، أجمع عدد من الفاعلين الجمعويين على أن "هذه الأسعار تشوه صورة السياحة في مدننا وتدفع الزوار للبحث عن وجهات أخرى أقل استغلالاً، ويجب على السلطات التدخل لضبط الأسعار وحماية المستهلكين".

و يعكس هذا النقاش تحدياً كبيراً في تحقيق توازن بين جودة الخدمات المقدمة وأسعارها، خاصة في ظل رغبة الحكومة في تطوير السياحة الداخلية، وجعلها محرك للاقتصاد الوطني.

وفي المقابل، أكد صاحب مطعم مشهور في منطقة عين السبع،  الذي يشهد توافداً كبيراً في فصل الصيف، في حديثه للجريدة 24، أن الأطعمة تختلف حسب المكان والموسم، موضحاً أن المواد الأولية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الأسواق منذ بداية فصل الصيف، نتيجة كثرة الطلب، بالإضافة إلى كثرة المصاريف الأخرى سواء تعلق الأمر بالماء والكهرباء وأجور الموظفين وغيرها من الرسوم.

ومع ذلك، أشار إلى أن بعض الفواتير التي تُشارك على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مبالغات في الأسعار.

وأضاف: "لا يمكن إنكار أن بعض المطاعم الكبرى، خصوصاً تلك التي تقدم الكحول، تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، مما يثير التساؤلات حول مدى تبرير هذه التكاليف الباهظة.

هذا التصريح يعكس الجدل المستمر حول الأسعار الفلكية التي أصبحت تسيطر على مشهد المطاعم الراقية، ويضع المزيد من الضغوط على الجهات المعنية لضبط السوق وحماية المستهلكين من الاستغلال.

وفي هذا الصدد، قال أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية "مع المستهلكين"، في حديثه للجريدة 24، أن مع زيادة الطلب في كل فصل صيف، يلاحظ ارتفاع ملحوظ في الأسعار، سواء في حجوزات الفنادق، أو تذاكر النقل، أو أسعار المطاعم والمقاهي والمواد الغذائية وغيرها في المناطق السياحية، وهذا الارتفاع يعزى بشكل كبير إلى ممارسات بعض السماسرة الذين يستغلون كثرة الطلب، لتحقيق أرباح أكبر، الأمر الذي يؤثر سلبًا على السياحة الداخلية للبلاد.

مضيفا، أن السياح المحليون يجدون أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ أكبر مقابل خدمات قد لا تكون ذات جودة عالية، بسبب عدم تفعيل آليات الرقابة بشكل كافٍ من قبل الجهات المسؤولة المختصة، مشيرا إلى تجاهل تطبيق القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة على أرض الواقع، يساهم في تعزيز قدرة السماسرة على استغلال السوق بشكل جشع.

ويرى أحمد بيوض أن الإجراءات الممكنة لحماية المستهلكين من الاستغلال خلال العطلة الصيفية تشمل ضرورة لجوء المواطن إلى جمعيات حماية المستهلك أو السلطات المحلية لتقديم الشكاوى في حال تعرضه للاستغلال من طرف المضاربين أو الكارديانات أو غيرها، وعلى الجهات المسؤولة العمل على حلها بشكل سريع وفعّال.

كما أوضح ذات المتحدث، أنه يجب على وزارة السياحة تنظيم حملات توعية للمستهلكين حول حقوقهم وكيفية تجنب الاستغلال، بما في ذلك كيفية التحقق من أسعار الخدمات وجودتها.

مؤكدا أن الغالبية العظمى من الزوار يرون مسألة غلاء الخدمات المقدمة في المقاهي والمطاعم، في ذلك نوعاً من الابتزاز الذي يستغل حاجتهم للاستمتاع بأوقاتهم، في العطلة الصيفية.

آخر الأخبار