ملايير الدعم في مهب الريح.. الخضر المدعمة تُصدر والمواطنون يدفعون الثمن

في الأيام الأخيرة، تحول التسوق اليومي للخضر في المغرب إلى مغامرة مثيرة، حيث واجه المواطنون ارتفاعات صادمة في الأسعار لم يسبق لها مثيل.
بينما كانت توقعاتهم تتجه نحو استقرار الأسعار بعد دعم حكومي ضخم، فوجئوا بزيادة غير متوقعة في تكاليف الخضر الأساسية.
فما هي الأسباب الخفية وراء هذا الارتفاع المفاجئ، وما دور عودة التصدير إلى إفريقيا في هذا التحول الدراماتيكي؟
وبحسب ما رصدته الجريدة 24 في أسواق الدار البيضاء، شهدت أسعار الخضر ارتفاعًا ملحوظًا أثار قلق المستهلكين. فقد وصل سعر البطاطس إلى 5 دراهم للكيلوغرام الواحد، بينما قفز سعر اللفت الأبيض إلى 15 درهمًا، وارتفع سعر البصل إلى 8 دراهم.
والجزر لم يكن بعيدًا عن هذا الارتفاع حيث بلغ سعره 5 دراهم، أما اللوبيا فقد سجلت سعرًا قياسيًا بلغ 16 درهمًا.
ولم تقتصر الزيادات على هذه الخضر فقط، بل شهدت باقي الأصناف زيادات جديدة تتراوح بين 2 و3 دراهم مقارنةً بالأسعار في الأيام الماضية.
هذا الارتفاع أثار قلق المواطنين الذين يعتمدون على هذه المنتجات الأساسية في حياتهم اليومية.
لكن ماذا يقول المهنيون عن هذه التطورات، وما هي الأسباب الكامنة وراء هذه الزيادة المتوقعة؟
ووفقًا لعدد من المصادر المهنية للجريدة 24، هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الخضر.
أولها هو زيادة تكاليف الإنتاج، التي تشمل ارتفاع أسعار البذور والأسمدة، وكذلك تكلفة المياه والطاقة المستخدمة في الزراعة.
هذه التكاليف المتزايدة تشكل عبئًا على المزارعين، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على رفع الأسعار لتعويض تلك التكاليف، حسب المصادر ذاتها.
بالإضافة إلى ذلك، تشير نفس المصادر إلى أن العديد من المناطق الزراعية تعاني من تغيرات مناخية غير متوقعة، مثل موجات الحرارة الشديدة أو الجفاف، مما يؤثر سلبًا على إنتاجية المحاصيل.
وأكدت ذات المصادر، أن هذه الظروف المناخية القاسية تقلل من حجم الإنتاج وتزيد من الضغط على العرض المتاح في الأسواق.
من جهة أخرى، أبرزت مصادر مهنية من جمعية سوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء أن عودة التصدير إلى إفريقيا تعتبر سيفًا ذا حدين.
ووفقًا لتلك المصادر، فإن الطلب المتزايد من الأسواق الإفريقية على المنتجات المغربية، خاصة خلال فصل الصيف، يزيد من الضغط على المزارعين لتلبية احتياجات التصدير، وهو ما قد يقلل من الكميات المتاحة للسوق المحلية.
أما من ناحية المستهلكين، فإن الزيادة في أسعار الخضراوات تشكل عبئًا إضافيًا على الأسر، خصوصًا مع الارتفاع العام في تكاليف المعيشة.
هذا الوضع يضع الأسر المغربية في موقف صعب، حيث يجدون أنفسهم مضطرين لدفع المزيد للحصول على احتياجاتهم الأساسية.
وفي المقابل، وجهت النائبة البرلمانية لبنى الصغيري، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالا كتابيا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، حول السماح بتصدير خضر استفادت من دعم بـ 170 مليارا.
وأوردت الصغيري ضمن سؤالها “بعد أن ساد ارتياح كبير لدى عموم المواطنين بعد الإعلان عن تخصيص الحكومة ملايير الدعم لضمان توفير الخضر بالأسواق الوطنية، لاسيما البصل والبطاطس والطماطم بأسعار مقبولة، تحولت الفرحة إلى غصة ومرارة، بعد أن عمدت لوبيات على شحن هذه الخضر المدعمة في شاحنات وتصديرها إلى الدول الإفريقية الشقيقة، مستغلة صدور قرار إعادة التصدير”.
وزاد المصدر ذاته “وعلى هذا الأساس، السيد الوزير، سيكون لعملية التصدير تأثير واضح على أسعار الخضر واحتمال كبير أن تشهد ارتفاعا صاروخيا، رغم ملايير الدعم، والتي تقدر ب 170 مليار، مصدرها أموال دافعي الضرائب، كما أن هذه الخطوة ستزيد من ثراء لوبيات التصدير، على حساب المواطنات والمواطنين ببلادنا”.
وتساءلت النائبة عن الإجراءات والتدابير المستعجلة التي قامت بها الوزارة لتقنين وضبط تصدير الخضر المدعمة، وفي حال الفشل، لا سيما وسط حديث عن ابتزازات للوبيات التصدير المذكورة، و الخطوات التي ستتخذها لضمان استقرار أسعار الخضر.