فؤاد عبد المومني.. عندما يتلذذ أشباه المناضلين بجهلهم وجهالتهم

الكاتب : الجريدة24

07 أغسطس 2024 - 07:46
الخط :

هشام رماح

لعلها سوداوية مقيتة تفضح مكنونات "فؤاد عبد المومني"، تلك التي عبر عنها وهو يقترف مقالا "تحليليا" لربع قرن من حكم الملك محمد السادس

،ويكشف من خلالها أن مرض التلذذ بالتشاؤم وتبخيس المتحقق والمترجم على أرض الواقع، قد استشرى في دواخله بشكل يجعله مثالا صارخا عن كائن يبعث على الهم والغم.. وقبل كل هذا جاهلا يتجاهل على المغاربة يبغي من وراء ذلك إرضاء نفسه ونفسيته المضطربتان.

في نظر "فؤاد عبد المومني"، لا شيء تحقق خلال ربع قرن من الزمن، إلا ما قال إن المغرب تجنبها من قبيل عدم السقوط في حروب أهلية أو حلول المنتخب المغربي رابعا في كأس العالم الأخيرة، ولا تحول بلادنا إلى "جمهورية الموز"، مثلما صاغ ذلك الكاتب الأمريكي "أوليفر هنري"، وكل هذا كما عبَّر، النرجسي الذي لم يجد زماننا بمثله، في تجنب للسقوط الإسفاف، لكنه فاق هذا التوصيف انحطاطا، وهو يدلي بما رآه مرتديا نظارته السوداء الداكنة، التي لا يرى من خلفها بصيصا، وهو الغارق في السوداوية المأدلجة.

ومثل ثور هائج، راح "فؤاد عبد المومني" يرفس ويدهس كل ما تحقق في المغرب خلال الـ25 عاما، التي خلت، موطِّنا لجهل عميق توضَّع في قرارته وترجمه في قراءته للمنجزات، وهو الذي رأى من بين ما رأى أن المطارات والطرق السيارة والقطار الفائق السرعة، إنما هي منجزات تخص الفئات الميسورة، وهو بذلك ينم عن نفس مقهورة تحاول ما أمكن خنق كل المغاربة وجعلهم أدنى من التمتع بهكذا منجزات بسوقه لترنيمة الطبقية التي يرددها صباح مساء منذ أن امتهن الغوغائية.

أو ليست الطرق السيارة والمطارات والقطار الفائق السرعة تخص المغاربة جميعا، ولو أنهم قد لا يستعملونها جميعهم؟ أو ليس لها نفع في نظر "فؤاد عبد المومني"، الذي يزدري كاتبا ويمني النفس بأن يظل المغرب بدون هكذا منجزات حتى يرضي خبيئته المريضة؟ وإن كان ما تحقق، مما ذكر سلفا، لم يعجب هذا المتحذلق، فكيف الحال إن لم يتحقق البتة؟ فهل كان سيعجبه الأمر حينها؟ الأمر سيان عند أشباه المناضلين الذين يسلكون طريقا مسدودا، بانسداد الأفق أمامهم.. وكل إناء بما فيه ينضح.

ولربما كان "فؤاد عبد المومني" سيرتاح كثيرا ويريحنا أيضا من هلوساته التي تجد من يتلقفها ويهلل لها من العدميين، لو أن المغرب ظل خارج السياق ولم يؤسس لمعانقة المستقبل، ولم يتوفر أبدا على مطارات ولا على طرق سيارة ولا على قطار فائق السرعة، وزاد على ذلك بفقر مكين في الموانيء وفي محطات توليد الطاقة الشمسية وفي محطات تحلية المياه وبناء السدود، وانكفأ عن الربط بين ربوعه.

وإنه لجهل عميق ذلك الذي عبر عنه "فؤاد المومني"، وهو يعتقد جازما، بأن فضائل المنجزات التي أصبحت واقعا لا حلما، لا تنزاح فضائلها على المغاربة قاطبة، وبأنها تخص خاصتهم فقط من الميسورين، وكأن بهذا المخبول يعيش في مغرب غير المغرب الذي نخبره، ونستطيع جميعنا التمييز بين ماضيه وحاضره ونستشرف بكل أمل مستقبله الذي تتبدى ملامحه ظاهرة استنادا على ما تحقق.

وعسى أن "فؤاد عبد المومني"، لم يحس بالحبور قطعا، والمغرب يجتاز بنجاح امتحان جائحة "كوفيد 19"، التي شلت العالم والعالمين كلهم، وكيف أنه استطاع تدبير هذه الظرفية التي أحرجت دولا عظمى بكل كياسة وحكمة واعتماد على النفس دون استجداء أحد، وكيف أنه اعتمد على مقدَّراته وقدراته لتجاوز محنة زلزال الحوز بعدما مادت الأرض تحت واطئيها وانقضت أسقف المنازل على قاطنيها، فلربما كان سيحس بالغبطة والسرور، لو أن المغرب كان مفتقرا للمقومات مثل المطارات والموانيء والطرق السيارة وغيرها، وليظل حبيس الأزمة والفاجعة بلا حول ولا قوة.

وإنها لجهالة عظمى تلك انبرى لها "فؤاد عبد المومني"، وهو يعمد إلى محو كل جميل تحقق، يروم التنغيص على المغاربة، وكأنه وحده العارف بالأجدر والأصلح لهم وهم الجاهلون بذلك، إذ لم يرَ في ما رأى أن المغرب أصبح قوة إقليمية يضرب لها ألف حساب، ورقما صعبا في العالم يستعصي طرحه من كل معادلة، وبأنه أصبح رائدا في مجالات عدة وبوابة رئيسية مفضية إلى إفريقيا، ومضربا للمثل في الأمن والاستقرار.

وكما أن "فؤاد عبد المومني"، لا يعترف بما تحقق في قضية المغاربة الأولى، ولا كيف راوغ بكل امتياز موجة الإرهاب، ولا كيف أصبح المغرب قبلة للاستثمارات الأجنبية وقطبا جاذبا للرساميل التي يعرف الجميع أنها جبانة تحتاج الكثير من الطمأنينة، فإنه لا فائدة في التكرار متى ظهر المعنى، وقد أظهر، هذا المتعالم، عبر مقالته التي ركز فيها كل سوداوية العالم، أنه لا يفقه شيئا وبأن مداده لا يكتب إلا السواد في سواد.

وإنه لأمر مكروه محاولة مقارعة "فؤاد عبد المومني" ودفع الحجة بالحجة، إذ المقال أدنى من أن يشكل سجالا ويدفع لمحاولة إقناعه، بقدر ما هو كشف لجهل مناضل مزور، يلتحف الجهل ويدعي المعرفة كذبا، لينمق كلاما يعجب غثاء السيل ممن حادوا عن جادة الصواب، وتوغلوا في العدمية من قمة الرأس إلى أخمص القدمين، والذين هم مثل القوارض التي تنخر وتخرق في سفينة الوطن، التي يقفزون منها متى تطلب الوضع اصطفافا للذود عنها، ثم يعودون علينا بجهالتهم ليصدعوا رؤوسنا وهم يملؤون الدنيا زعيقا بمثل هكذا خزعبلات.

آخر الأخبار