قبل بداية الموسم الدراسي الجديد.. هل تنجح الحكومة في إنهاء اختلالات التعليم العمومي؟

قبل بداية الموسم الدراسي الجديد، يتساءل الجميع: هل ستتمكن الحكومة من إنهاء اختلالات التعليم العمومي في المغرب؟، خاصة في ظل الانتقادات الحادة والإضرابات التي عصفت بقطاع التعليم العمومي في المملكة خلال الموسم الدراسي الماضي.
وأجرت الحكومة عدة لقاءات مع النقابات التعليمية، طيلة الموسم الدراسي الماضي، لبحث سبل تحسين ظروف العمل وتلبية بعض المطالب الأساسية للأساتذة.
هذه اللقاءات أسفرت عن امتصاص بعض من غضب رجال ونساء التعليم، إلا أن الأساتذة أكدوا أنهم بحاجة إلى خطوات جديدة على أرض الواقع لضمان تحسين أوضاعهم بشكل فعلي.
وتسعى الحكومة الحالية، إلى اتخاذ حزمة من التدابير الإصلاحية في قطاع التعليم العمومي، حسب مضمون المذكرة التأطيرية لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025.
وكشف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في المذكرة التأطيرية لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025، عن خطة طموحة تهدف إلى توسيع نطاق مشروع مؤسسات الريادة خلال الموسم الدراسي 2024-2025.
هذا المشروع، الذي يعد من أهم المبادرات التعليمية التي أطلقتها الحكومة، يسعى إلى تحسين جودة التعليم من خلال زيادة عدد المدارس الابتدائية المشمولة بالمشروع إلى 2000 مدرسة جديدة، مما يتيح لمليون تلميذ إضافي الاستفادة من هذا النموذج التعليمي المبتكر.
لم تقتصر طموحات الحكومة على السلك الابتدائي فقط، بل امتدت لتشمل السلك الثانوي الإعدادي، حيث سيتم تطبيق المشروع في 232 إعدادية، مما يتيح لحوالي 250 ألف تلميذ وتلميذة فرصة الاستفادة من هذا النموذج التعليمي المتميز، وفقا لذات المذكرة.
وتهدف الحكومة إلى تعميم هذا النموذج على الصعيد الوطني بحلول الموسم الدراسي 2027-2028، مما يعكس التزاماً واضحاً بتحقيق إصلاحات جذرية في المنظومة التعليمية.
واستجابة للتحديات التي تفرضها التكنولوجيا الحديثة، تعتزم الحكومة إنشاء مختبر رقمي خلال الموسم الدراسي المقبل، بهدف تنويع الوسائل التعليمية داخل الفصول الدراسية.
ضمن نفس السياق، أكد أخنوش في مذكرته التوجيهية، أن حكومته ستواصل خلال العام المقبل، مواصلة خارطة الطريق لتعميم التعليم الأولي بحلول عام 2028، مع التركيز على إنشاء حوالي 4000 وحدة تعليمية سنوياً.
وسيتم تطوير نموذج فعال للتعليم الأولي يعتمد على إطار مرجعي وطني يشمل جميع مكوناته، مما يضمن تقديم تعليم متكامل يعتمد على مناهج ومعايير جودة عالية، وتكوين مربين على أعلى مستوى، حسب مضمون المذكرة.
وتأتي هذه الخطوات الطموحة في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق تحول جذري في المنظومة التعليمية المغربية، وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة من خلال توفير تعليم عالي الجودة يستجيب لمتطلبات العصر الحديث.
وفي المقابل، كشف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، عن معطيات جديدة حول ظاهرة الهدر المدرسي، وذلك في جواب على سؤال كتابي لرشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب.
وأكد شكيب بنموسى في معرض جوابه، أن عدد المنقطعين عن الدراسة تقلص بنسبة 12 في المائة مقارنة بالموسم الدراسي 2021-2022 منتقلا عددهم من 334.664 خلال موسم الدراسي 2022/2021 إلى 294.458 خلال الموسم الدراسي 2023/2022 منهم 54.5 في المائة بالوسط الحضري، فيما تشكل الإناث نسبة 38.64 في المائة من مجموع المنقطعين.
ولتجاوز هذه المعضلة، أكد بنموسى في معرض جوابه الكتابي، أن “الوزارة تشتغل حاليا، بتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومصالح التكوين المهني، على إرساء منظومة تمكن من رصد وتتبع هؤلاء التلاميذ من خلال توحيد الرقم التعريفي للتلميذ بين هذه القطاعات المعنية، من أجل ضبط الوضعية الدقيقة للهدر المدرسي بالمنظومة التعليمية”.
وأشار إلى انه ضمن الحلول التي تقترحها وزارة التربية الوطنية أيضا لوقف هذا النزيف، هو تنزيل برنامج إعداديات الريادة انطلاقا من الموسم الدراسي المقبل 2025-2024، والذي يسعى إلى تقليص الهدر المدرسي وإلى الزيادة في فرص نجاح التلاميذ.
وكانت الحكومة، قد تلقت انتقادات لاذعة من المعارضة البرلمانية طوال الموسم الدراسي الماضي، حيث اتُهمت بأنها السبب الرئيسي في التوتر الذي شهده قطاع التعليم، والذي تمثل في كثرة إضرابات الأساتذة.
كما لم تسلم الحكومة من انتقادات تتعلق بفشلها في معالجة مشكلة الهدر المدرسي، خصوصاً في المناطق القروية، مما زاد من حدة الجدل حول فعالية السياسات التعليمية الحالية.