المسطرة الجنائية وقانون الإضراب.. جدل ساخن ينتظر الحسم في قبة البرلمان

بدأت الأجواء السياسية في المغرب تشهد توترًا مع اقتراب موعد الدخول البرلماني المقبل، حيث تلوح في الأفق بوادر المصادقة على مجموعة من القوانين التي تثير الجدل والانقسام بين مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية.
من بين هذه القوانين، يبرز مشروع قانون المسطرة الجنائية ومشروع القانون التنظيمي للإضراب، وهما ملفان ثقيلان ينتظران أن يعرضا على النواب للتدارس والمصادقة خلال الأسابيع القادمة.
قانون المسطرة الجنائية، الذي طال انتظاره، كان موضوع تأجيل في المجلس الحكومي لشهر يونيو الماضي، نظرًا لأهميته وحساسية ما يتضمنه من مستجدات.
هذا القانون، الذي عرف تعديلًا شاملًا لأكثر من 400 مادة، يهدف إلى تعزيز الضمانات القانونية وعصرنة الإجراءات القضائية في إطار تحقيق العدالة.
ومع ذلك، فإن الجدل الذي أثارته بعض بنوده وعدم التوافق بشأنها مع الوزير الوصي على القطاع، يضع الحكومة أمام تحديات كبيرة في تمريره دون إثارة مزيد من الانقسام.
من ناحية أخرى، يأتي مشروع قانون الإضراب، الذي ظل حبيس الأدراج منذ أول دستور للمملكة سنة 1962، ليزيد من حرارة النقاش في قبة البرلمان.
وسبق أن وجهت المعارضة البرلمانية، سهام النقد للحكومة الحالية، متهمة إياها بتقديم مشروع القانون دون إشراك الأطراف الرئيسية مثل النقابات والباطرونا، وهو ما يعتبره البعض تجاهلًا صارخًا لمؤسسة الحوار الاجتماعي، التي تعتبر حجر الزاوية في أي نقاش حول حقوق العمال والمقاولات.
وكان الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، من بين الأصوات التي طالبت بإحالة مشروع قانون الإضراب على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، لإبداء رأيهما في هذا المشروع المثير للجدل. يعتبر هذا الفريق أن الحق في الإضراب هو حق كوني ودستوري، تتداخل فيه أبعاد حقوقية واجتماعية واقتصادية وقانونية، وهو مؤشر رئيسي لمستوى الديموقراطية وحقوق الإنسان في أي مجتمع.
وتجاوز الجدل حول مشروع قانون الإضراب، قبة البرلمان ليصل إلى الشارع العام، حيث يعتبر العديد من المراقبين أن هذا القانون يمثل اختبارًا حقيقيًا للحكومة الحالية في قدرتها على التوفيق بين مصالح العمال والمقاولات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب.
ودافع وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، بشدة عن المشروع، مؤكدًا أن الحكومة ملتزمة بحماية الحريات ولا تسمح بتمرير أي قانون يمس بها.
وفي خضم هذا النقاش الحاد، تجد الحكومة نفسها مضطرة لمواصلة العمل على إصلاحات أخرى لا تقل أهمية، مثل تلك المتعلقة بمنظومة التعليم وقطاع الصحة، مما يزيد من تعقيد مهمتها في المرحلة المقبلة.
ومن المرتقب أن يكون البرلمان، مسرحًا لهذه النقاشات الساخنة، يواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى توافقات تضمن تمرير هذه القوانين بما يخدم مصلحة المواطنين ويحافظ على التوازن بين حقوق العمال ومتطلبات السوق.