عاصفة الاحتجاجات تلوح في الأفق.. ملفات فئوية تهدد موسم الدراسي الجديد

مع اقتراب بداية الموسم الدراسي الجديد، يخيم جو من التوتر على قطاع التعليم في البلاد، حيث تنتظر العديد من الملفات الفئوية التي لم يتم حسمها بعد، مما قد يؤدي إلى تجدد الاحتجاجات وعودة الإضرابات التي عانى منها القطاع في الموسم السابق.
والرهانات كبيرة هذه المرة، حيث تأمل الأسر والشغيلة التعليمية في موسم دراسي هادئ وخالٍ من العثرات، خاصة بعد أن كان العام الماضي حافلاً بالتوقفات نتيجة الإضرابات التي استمرت لمدة طويلة بسبب الخلافات حول النظام الأساسي.
ورغم أن النظام الأساسي الجديد ساهم في تهدئة الوضع جزئياً، إلا أن بعض الملفات الفئوية لا تزال تثير القلق وتلوح بعودة التصعيد.
في مقدمة هذه الملفات، يأتي ملف "أساتذة الزنزانة 10"، الذين يطالبون بالترقية وإنهاء ما يسمونه "زنزانة" البقاء في نفس الدرجة لفترة طويلة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك ملف المتصرفين التربويين، الذين أحيوا مطالبهم عبر وقفة إنذارية، مؤكدين أنهم مستعدون للدخول في إضرابات ومقاطعة المهام مع بداية الموسم الدراسي المقبل.
ومع تصاعد هذه التحذيرات، وجه النائب البرلماني عادل السباعي سؤالا كتابيا إلى وزير وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، حول التدابير الاستباقية المتخذة لتفادي عودة الاحتقان خلال الموسم الدراسي المقبل.
وأكد السباعي في معرض سؤاله أن السنة الدراسية 2023-2024، شهدت احتقانات غير مسبوقة، ترجمتها الاحتجاجات والإضرابات التي استمرت لمدة غير يسيرة، الأمر الذي أثر على الزمن المدرسي الذي اتسم بالهدر والانقطاع المتكرر.
وتفاديا لتكرار نفس سيناريو السنة الفارطة، تساءل السباعي عن التدابير المتخذة لتأمين موسم دراسي سليم، والإستجابة للملفات المطلبية لأسرة التعليم، وضمنها مثلا ما بات يعرف “بـ أساتذة الزنزانة 10”.
وفي هذا السياق شدد على ضرورة تطبيق المادة 81 من النظام الأساسي الجديد، التي تمنحهم خمس سنوات اعتبارية للترقي إلى الدرجة الأولى.
مطالبا، أيضا، بفتح حوار قطاعي استباقي مع هذه الفئة ومع فئة المتصرفين التربويين وباقي الملفات المطلبية، تفاديا لتكرار ما حدث خلال السنة الماضية.
وتوقعت النقابات التعليمية، بمواصلة الاحتقان في المدرسة العمومية، ما لم تتدخل الوزارة بحلول جذرية وسريعة.
ومع تعالي الأصوات المطالبة بإرادة سياسية قوية لحل هذه الملفات، يبقى المستقبل القريب حافلاً بالتحديات، وهو ما يثير قلقاً متزايداً حول استقرار العام الدراسي المقبل وسمعة المدرسة العمومية.
وفي المقابل، تسعى الحكومة الحالية، إلى اتخاذ حزمة من التدابير الإصلاحية في قطاع التعليم العمومي، حسب مضمون المذكرة التأطيرية لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025.
وكشف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في المذكرة التأطيرية لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025، عن خطة طموحة تهدف إلى توسيع نطاق مشروع مؤسسات الريادة خلال الموسم الدراسي 2024-2025.
هذا المشروع، الذي يعد من أهم المبادرات التعليمية التي أطلقتها الحكومة، يسعى إلى تحسين جودة التعليم من خلال زيادة عدد المدارس الابتدائية المشمولة بالمشروع إلى 2000 مدرسة جديدة، مما يتيح لمليون تلميذ إضافي الاستفادة من هذا النموذج التعليمي المبتكر.
لم تقتصر طموحات الحكومة على السلك الابتدائي فقط، بل امتدت لتشمل السلك الثانوي الإعدادي، حيث سيتم تطبيق المشروع في 232 إعدادية، مما يتيح لحوالي 250 ألف تلميذ وتلميذة فرصة الاستفادة من هذا النموذج التعليمي المتميز، وفقا لذات المذكرة.
وتهدف الحكومة إلى تعميم هذا النموذج على الصعيد الوطني بحلول الموسم الدراسي 2027-2028، مما يعكس التزاماً واضحاً بتحقيق إصلاحات جذرية في المنظومة التعليمية.
واستجابة للتحديات التي تفرضها التكنولوجيا الحديثة، تعتزم الحكومة إنشاء مختبر رقمي خلال الموسم الدراسي المقبل، بهدف تنويع الوسائل التعليمية داخل الفصول الدراسية.
ضمن نفس السياق، أكد أخنوش في مذكرته التوجيهية، أن حكومته ستواصل خلال العام المقبل، مواصلة خارطة الطريق لتعميم التعليم الأولي بحلول عام 2028، مع التركيز على إنشاء حوالي 4000 وحدة تعليمية سنوياً.
وسيتم تطوير نموذج فعال للتعليم الأولي يعتمد على إطار مرجعي وطني يشمل جميع مكوناته، مما يضمن تقديم تعليم متكامل يعتمد على مناهج ومعايير جودة عالية، وتكوين مربين على أعلى مستوى، حسب مضمون المذكرة.
وتأتي هذه الخطوات الطموحة في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق تحول جذري في المنظومة التعليمية المغربية، وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة من خلال توفير تعليم عالي الجودة يستجيب لمتطلبات العصر الحديث.