الفيضانات تضع الحكومة في مرمى الانتقادات.. ومطالب بتفعيل صندوق الكوارث

شهد المغرب خلال الأيام الأخيرة تساقطات مطرية غزيرة تسببت في سيول وفيضانات جارفة، ما أدى إلى أضرار جسيمة في عدد من المناطق الريفية.
في الوقت الذي لا يزال فيه صدى هذه الكارثة يتردد في أوساط المجتمعات المحلية المتضررة، وجد البرلمان نفسه في مواجهة أسئلة ملحة حول كيفية التعامل مع تداعيات هذه الكوارث، خصوصاً فيما يتعلق بتفعيل صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية.
أمطار غير مسبوقة هطلت على أقاليم الجنوب الشرقي والأطلس الكبير، وفقاً لما أوردته النشرة التحذيرية الحمراء من مديرية الأرصاد الجوية، مما تسبب في تداعيات وخسائر واسعة.
وقد سارعت المعارضة البرلمانية، من خلال الفريق الحركي، إلى تفعيل آليات الرقابة والمساءلة للحكومة حول مدى استعدادها للتعامل مع مثل هذه الأحداث ومدى فعالية صندوق التضامن المخصص لمواجهة الكوارث الطبيعية.
محمد أوزين، النائب عن حزب الحركة الشعبية، وجه استفساراً مكتوباً إلى وزيرة الاقتصاد والمالية، تناول فيه مسائل جوهرية تتعلق بتعويض المتضررين من هذه السيول، خصوصاً أولئك الذين لا يمتلكون تأميناً يغطي خسائرهم.
وأبرز أوزين أن هذه الكارثة الطبيعية تطرح تساؤلات حيوية حول مدى التزام الحكومة بتنفيذ القانون رقم 110.14 الذي ينظم التعامل مع الوقائع الكارثية، ومدى تفعيل صندوق التضامن المرتبط بذلك، الذي تم إقراره منذ عام 2016.
وفي تساؤله، دعا النائب الحركي إلى الكشف عن الموارد المالية المخصصة لهذا الصندوق في قوانين المالية السابقة، مطالباً الحكومة بتقديم حصيلة إيرادات الضريبة شبه المالية المفروضة على أقساط التأمين المحولة للصندوق، والتي تبلغ نسبتها 1%.
كما طالب بمعرفة الإجراءات المتخذة لتعويض المتضررين من السيول التي ضربت البلاد خلال الصيف الجاري، وتبسيط المساطر المتعلقة بتقديم هذه التعويضات.
لم يكن فريق الحركة الشعبية الوحيد الذي حرك هذا الملف داخل قبة البرلمان، فقد دخل فريق التقدم والاشتراكية على خط المساءلة، وقدم سؤالين إلى الحكومة حول كيفية التعامل مع الأضرار الناجمة عن الأمطار الرعدية والسيول.
النائب رشيد حموني، رئيس الفريق، تساءل عن الإجراءات التي سيتم اتخاذها لتعويض الفلاحين المتضررين من هذه الكارثة، وعن الجهود المبذولة لإصلاح المنشآت الفنية التي تضررت، خاصة في إقليم بولمان والمناطق المجاورة.
كما وجهت النائبة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار، حياة ومنجوح، سؤالا كتابيا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري، محمد صديقي، مفاده ضرورة إجراء إحصاء رسمي للخسائر وتوفير الدعم اللازم للفلاحين المتضررين جراء الفيضانات الأخيرة التي ضربت إقليم ميدلت ودائرة إملشيل والأقاليم المجاورة.
وقالت ومنجوح في معرض سؤالها، إن الوضع الراهن يتطلب تدابير عاجلة لتخفيف معاناة الفلاحين في ظل الظروف المناخية القاسية التي تعرفها المنطقة.
وأضافت النائبة البرلمانية، أن الفيضانات التي شهدها إقليم ميدلت، وبالأخص دائرة إملشيل، تسببت في أضرار جسيمة للمحاصيل الزراعية والمساحات المزروعة.
مؤكدة أن العاصفة الرعدية التي ضربت المنطقة في 23 غشت 2024 خلفت دمارًا كبيرًا في الإنتاج الفلاحي، مما أدى إلى معاناة الفلاحين، وهو ما بات الأمر يستلزم ضرورة الوقوف على حجم الدمار الفلاحي الذي لحق بمختلف الجماعات المتضررة، خاصة في المناطق الجبلية مثل المشيل وامسمرير وتلمي.
وتساءلت النائبة البرلمانية، عن الإجراءات الفورية والتدابير الاستعجالية التي ستتخذونها لمعالجة الوضع والتخفيف من معاناة الفلاحين المتضررين جراء الفيضانات الأخيرة التي شهدتها المناطق الجبلية بالجنوب الشرقي للمملكة وبالتحديد إقليم ميدلت ودائرة إملشيل و إقليمي تنغير و ورزازات ؟
هذه التساؤلات تعكس المخاوف الشعبية المتزايدة حول قدرة الحكومة على إدارة الكوارث الطبيعية، وتدبير الموارد المالية اللازمة للتعويضات في الوقت المناسب.
فالمناطق المتضررة لم تشهد فقط خسائر مادية جسيمة بل أيضا حالات وفيات بين المواطنين، مع تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، مما يعمق من معاناة الساكنة التي تعتمد على الزراعة والرعي كمصدر رئيسي للدخل.
الحديث عن تفعيل صندوق التضامن ضد الكوارث يفتح الباب واسعاً لمناقشة الفعالية الحقيقية لهذه الآلية في تغطية التكاليف المتزايدة الناتجة عن الكوارث الطبيعية، خصوصاً في ظل التغيرات المناخية التي باتت تجعل هذه الظواهر أكثر تواتراً.
هل تستطيع الحكومة الاستجابة بسرعة وبفعالية كافية لتقليل معاناة المتضررين؟ وهل تتوفر على استراتيجية واضحة لتجاوز هذه الأزمات الطبيعية التي أصبحت تهدد الاقتصاد المحلي، خصوصاً في المناطق القروية الهشة؟
وفي المقابل، تسببت الأمطار الغزيرة التي شهدها إقليم طاطا في كارثة طبيعية جديدة مساء أمس السبت، حيث تعرضت عدد من الدواوير إلى فيضانات مدمرة، خلفت وراءها دمارًا واسعًا ومأساة إنسانية حقيقية.
ومن بين أكثر المناطق تضررًا، دوار "أوكرضا سموكن" الذي بات محاصرًا بمياه الفيضانات، مما دفع سكانه إلى توجيه نداءات استغاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، طالبين التدخل العاجل لإنقاذ الأرواح والممتلكات.
وأفادت السلطات المحلية بإقليم طاطا، في حصيلة أولية، أن أربعة أشخاص قد لقوا مصرعهم فيما لازال أربعة عشر شخصا في عداد المفقودين، وذلك على إثر التساقطات المطرية الرعدية جد القوية التي عرفها الإقليم والأقاليم المجاورة.
هذا، وقد أدى ارتفاع منسوب مياه العديد من المجاري المائية وإحداث سيول جارفة ببعض الشعاب والوديان إلى تسجيل جرف 8 مساكن بدوار ""واكردة"، جماعة تمنارت، دائرة أقا.
هذا وقد جرت تعبئة جميع المصالح المعنية وتجنيد كافة الموارد البشرية واللوجستیكیة الضرورية من أجل التدخل الفوري لمواجهة هذه الوضعية الاستثنائية، وتقديم المساعدة للساكنة وفك العزلة عن المناطق المتضررة وإعادة عمل شبكات الربط بالمنطقة.